لماذا لا يدين المجتمع الدولي جرائم الشرع مثلما فعل مع بشار الأسد؟ (خاص)

الثلاثاء 18 مارس 2025 | 01:19 مساءً
احمد الشرع
احمد الشرع
كتب : محمد عبدالحليم:

رغم الإدانات الواسعة التي طالت نظام بشار الأسد على مدار سنوات الحرب في سوريا، ورغم العقوبات الدولية التي فُرضت عليه بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين، فإن المجتمع الدولي—باستثناء دول قليلة—التزم الصمت تجاه الجرائم الوحشية التي ارتكبتها الميليشيات التابعة لأحمد الشرع في الساحل السوري.

تهجير قسري وتصفية ممنهجة

هذه الميليشيات، التي فرضت سيطرتها على مناطق واسعة، مارست انتهاكات جسيمة بحق السكان، من تهجير قسري وتصفية ممنهجة، فضلًا عن عمليات التعذيب والاختطاف التي أصبحت جزءًا من واقع الحياة اليومية هناك.

في الوقت الذي كانت فيه الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان تصدر تقاريرها حول الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد، لم يُسمع صوت إدانة واحد تجاه ما ترتكبه ميليشيات الشرع، رغم الأدلة والشهادات التي توثق هذه الجرائم، بل إن الغريب أن بعض الدول الغربية أدانت "فلول النظام" واعتبرت أنهم السبب في هذه الجرائم.

هذا التناقض يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع الأزمات، كما يفتح الباب أمام التساؤل حول مسؤولية رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع في الأحداث، وهل هو مدان في هذا التصعيد؟ أم أن رجاله خرجوا عن السيطرة؟ أم أن هناك طرفًا آخر قام بهذه المجازر؟

تحدٍّ كبير

أكد الباحث في الحركات الإسلامية، سامح عيد، أن هناك جهات دولية وثّقت الأحداث التي شهدها الساحل السوري، مشيرًا إلى أن روسيا والولايات المتحدة تقدمتا بطلب إلى مجلس الأمن للتحقيق في هذه الوقائع، ما يستوجب انتظار نتائج التحقيقات قبل إصدار الأحكام النهائية.

وأوضح عيد، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن أحمد الشرع مسؤول عما حدث، حتى لو لم تصدر منه أوامر مباشرة، مشددًا على أن الميليشيات التي اندمجت في الأجهزة الأمنية والجيش جاءت من خلفيات متطرفة، حيث ينتمي كثير من عناصرها إلى القاعدة وداعش، ويحملون تصورات دينية متشددة تُكفّر الآخرين، بمن فيهم الأيزيديون والأقليات الأخرى.

وأضاف أن الشرع تم إعداده وتدريبه بشكل جيد، وخطاباته تبدو مدنية، لكن المعيار الحقيقي هو مدى ترجمتها إلى أفعال، مؤكدًا أن رجاله، الذين يرون أن النظام السابق علوي، عمدوا إلى الانتقام من المدنيين العلويين ضمن سياق تصفية الحسابات الطائفية.

وحذر عيد من خطورة محاكمات الشارع، معتبرًا أنها إشارة سلبية تستدعي ضرورة تفعيل القانون، متسائلًا عن كيفية تضخم عدد مقاتلي الشرع إلى 100 ألف مقاتل، رغم دخوله إلى دمشق بحدود 25-50 ألف مقاتل فقط، كما طرح تساؤلات حول تجنيد عناصر من آسيا، خصوصًا من باكستان وإندونيسيا.

وختم عيد تصريحاته بتوقعه أن تتحول هذه الأحداث إلى إدانة دولية، مشددًا على ضرورة أن تكون المحاكمات علنية وشفافة بحضور المجتمع الدولي، لضمان ردع الميليشيات الأخرى ومنع استمرار الجرائم.

كما شدد على أن انتقال الميليشيات من فكر الخلافة إلى الدولة الوطنية يُعد تحديًا كبيرًا، لكنه ضروري لضمان استقرار سوريا.

نظام إرهابي

قال المحلل السياسي أشرف راضي إن الوضع في سوريا يختلف تمامًا عما جرى في العراق، موضحًا أن الطبقة المثقفة في العراق كانت ولا تزال داخل البلاد، بينما في سوريا فإن أغلب هذه الطبقة باتت في الخارج، ما جعل الداخل السوري يفتقد إلى الأصوات العاقلة القادرة على تصحيح المسار.

وأضاف راضي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن المشهد داخل سوريا تسوده تيارات متطرفة، وهذه التيارات لن تتمكن من فرض استقرارها إلا بإراقة الكثير من الدماء، وهو ما يعني أن ما شهدته البلاد من صراعات قد يتكرر مرة أخرى.

وأكد أن النظام الحالي في سوريا هو نظام إرهابي يقود البلاد إلى الهاوية، ولا يحمل أي رؤية للخروج من أزماتها، بل يسهم في تعقيدها أكثر، محذرًا من أن المستقبل لا يبشر بأي استقرار في ظل استمرار هذا النهج.

اقرأ أيضا