تُعتبر السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط من أبرز العوامل المؤثرة في استقرار المنطقة.
ومع كل تغيير في الإدارة الأمريكية، تبرز توجهات جديدة قد تؤثر بشكل مباشر في الأزمات المستمرة والتحالفات الإقليمية. تُقدِّم الإدارة الأمريكية الجديدة نفسها كلاعب أساسي في عدد من الملفات الحساسة، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وعلاقاتها مع الدول العربية الكبرى كالسعودية ومصر، إضافة إلى دورها في الأزمات المستمرة في السودان، ليبيا وسوريا.
وفي هذا التقرير، تستعرض "بلدنا اليوم" كيفية تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع هذه الملفات وتأثير سياساتها على الشرق الأوسط.
تحليل السياسات الأمريكية بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
لطالما كان الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي محورًا رئيسيًا في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، واختلفت أساليب الإدارات الأمريكية السابقة في التعامل مع هذا الملف. تسعى الإدارة الجديدة، رغم دعمها التقليدي لإسرائيل، إلى إعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، معتبرة أن حل الدولتين هو السبيل لتحقيق استقرار دائم.
مع ذلك، تواجه الإدارة تحديات رئيسية، مثل التعنُّت الإسرائيلي بخصوص الاستيطان والتشتت الداخلي الفلسطيني.
تحاول الإدارة الجديدة إعادة بناء جسور التواصل مع السلطة الفلسطينية بعد فترة من التوترات، وتسعى لتحقيق توازن بين دعمها لإسرائيل وإيجاد حلول عملية للفلسطينيين.
وتلعب الدول الإقليمية، مثل مصر والأردن، دورًا رئيسيًا في مساعدة واشنطن على إحياء الحوار.
العلاقات الأمريكية مع الدول العربية (مصر والسعودية)
تُعد مصر والسعودية من أهم الشركاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وتسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تعزيز هذه العلاقات، مع الحفاظ على موقف واضح من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
فيما يخص مصر، تركز الإدارة على التعاون الأمني والاقتصادي، خاصة في ظل دور مصر المهم في حل الأزمات الإقليمية، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والوضع في ليبيا. رغم الانتقادات المتكررة المتعلقة بحقوق الإنسان، تظل العلاقات المصرية-الأمريكية ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة.
أما السعودية، فتواجه الولايات المتحدة تحديات مضاعفة تتمثل في الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية في مجالات النفط والأمن، بينما تسعى للضغط على المملكة لتحسين سجل حقوق الإنسان، خاصة بعد قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وفي الوقت نفسه، تحرص واشنطن على تعزيز التعاون مع الرياض في مواجهة التهديدات الإيرانية والحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية.
تأثير السياسات الأمريكية على الملفات الإقليمية (السودان، ليبيا، سوريا)
تلعب الولايات المتحدة دورًا مهمًا في التعامل مع الأزمات الإقليمية في السودان، ليبيا وسوريا.
وفي السودان، تركز الإدارة الأمريكية على دعم التحول الديمقراطي بعد سقوط نظام البشير، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية ودعم جهود الوساطة بين الأطراف السياسية.
أما في ليبيا، فتسعى الإدارة إلى دعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق تسوية سياسية، وتعمل على تقليل التدخلات الخارجية التي تفاقم الصراع الليبي.
وتهدف الولايات المتحدة إلى دعم حكومة وحدة وطنية تستطيع التصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية في البلاد.
أما في سوريا، فتواصل الإدارة الجديدة التعامل بحذر مع الصراع المستمر. تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري محدود في شمال شرق سوريا، حيث تدعم القوات الكردية في مواجهة تنظيم داعش.
وتسعى الإدارة إلى تحقيق حل سياسي شامل تحت رعاية الأمم المتحدة لوقف الصراع وتفعيل الانتقال السياسي.
وتشهد منطقة الشرق الأوسط تحديات مستمرة، وتتطلع الدول الإقليمية إلى معرفة مدى تأثير سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة على هذه الأزمات.
ومن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى العلاقات مع مصر والسعودية، وملفات السودان، ليبيا وسوريا، تحاول الإدارة الأمريكية إيجاد توازن بين مصالحها الاستراتيجية ودعواتها لتعزيز حقوق الإنسان والاستقرار.
ويبقى السؤال المفتوح حول مدى نجاح هذه السياسات في تحقيق الأهداف المرجوة في منطقة مليئة بالتحديات.