تستعد مصر لتنفيذ مشروع ضخم يهدف إلى إقامة خمس محطات لتحلية مياه البحر تعمل بالطاقة الشمسية في أربع محافظات مختلفة، يأتي المشروع ضمن المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية "نُوَفِّي"، التي أطلقتها الدولة لتعزيز التنمية المستدامة والاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، وذلك في إطار خطتها القومية لمواجهة تحديات ندرة المياه والتغيرات المناخية.
محطات التحلية.. حل استراتيجي لنقص المياه
تواجه مصر تحديات مائية متزايدة نتيجة الزيادة السكانية والتغيرات المناخية التي تؤثر على مواردها المائية، وهو ما دفع الحكومة إلى تسريع جهودها نحو استخدام حلول غير تقليدية، مثل تحلية مياه البحر، لسد الفجوة المائية المتزايدة، خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه.
ويأتي إنشاء خمس محطات لتحلية المياه بالطاقة الشمسية كجزء من هذه الحلول، حيث سيتم تنفيذها في أربع محافظات مختلفة تم اختيارها بناءً على دراسات فنية وجيولوجية لضمان أقصى استفادة من الموارد المائية المتاحة وتعزيز الاستخدام المستدام للطاقة المتجددة في مصر.
أين سيتم تنفيذ المحطات الجديدة؟
يستهدف المشروع أربع محافظات رئيسية تعاني من تحديات مائية، وهي شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر، ومطروح.
وتمثل المناطق أهمية كبيرة نظرًا لظروفها المناخية القاحلة وقلة الموارد المائية العذبة، حيث تعتمد بعض المناطق الساحلية والجبلية على المياه المحلاة كمصدر رئيسي لمياه الشرب والاستخدامات اليومية.
محطات تحلية المياه.. التقنيات وأهداف المشروع
تعتمد المحطات الجديدة على تقنيات تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، مما يسهم في تقليل استهلاك الوقود الأحفوري، وتخفيض البصمة الكربونية، وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق المستهدفة.
ومن المتوقع أن تبدأ المحطات بقدرة إجمالية تبلغ حوالي 500 ألف متر مكعب يوميًا، على أن ترتفع تدريجيًا لتصل إلى 1.75 مليون متر مكعب يوميًا بحلول عام 2050، ما سيساهم في تلبية احتياجات السكان المائية المتزايدة، وتعتمد المحطات على أنظمة تحلية متطورة تعمل بالطاقة الشمسية، ما يضمن تقليل استهلاك الوقود الأحفوري ويحدّ من التأثيرات البيئية السلبية مثل الانبعاثات الكربونية.
يسهم المشروع في حماية المياه الجوفية والحد من استنزافها، خاصةً في المحافظات التي تعاني من محدودية المصادر الطبيعية، ويدعم سياسات الدولة في تعزيز الاستخدام الأمثل للطاقة المتجددة والمياه المحلاة، بما يتماشى مع التوجه العالمي نحو الاقتصادات الخضراء.
الجهات المشرفة والممولة للمشروع
تتولى وزارة التعاون الدولي الإشراف على تنفيذ المشروع بالتنسيق مع الجهات المعنية، لضمان تحقيق أهداف الاستدامة وتعزيز مصادر المياه في مصر.
يأتي بنك التنمية الأفريقي كأحد الشركاء الرئيسيين في تمويل دراسات المشروع، حيث يلعب دورًا حيويًا في تنفيذ مشروعات المياه داخل البلاد، وذلك إلى جانب الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الذي يدعم المشروع فنيًا وتمويليًا.
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
تسهم محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث ستساعد المحطات الجديدة في سد الفجوة المائية في المحافظات الأكثر احتياجًا، مما يضمن تحسين جودة الحياة ويحد من تأثير نقص المياه على المواطنين، ويساهم المشروع في تخفيف الضغط على مصادر المياه التقليدية مثل نهر النيل والمياه الجوفية، مما يعزز الاستدامة المائية ويحافظ على المخزون المائي الاستراتيجي.
من الناحية الاقتصادية، يساعد المشروع في خفض تكاليف التشغيل، حيث يؤدي الاعتماد على الطاقة الشمسية إلى تقليل النفقات التشغيلية على المدى البعيد مقارنة بالمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري، ويساهم في خلق فرص عمل جديدة، سواء في إدارة وتشغيل المحطات أو في دعم قطاع الطاقة المتجددة، بيئيًا، يحقق المشروع فوائد كبيرة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة، ما ينسجم مع خطط الدولة نحو التنمية المستدامة والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر.
نموذج لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة
يعد مشروع تحلية المياه بالطاقة الشمسية نموذجًا لنهج مصر في تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومع زيادة التحديات المائية والتغيرات المناخية، تواصل الدولة إطلاق المشروعات القومية التي تدعم الأمن المائي والطاقي، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
هذا المشروع ليس مجرد حل لمشكلة ندرة المياه، بل هو خطوة استراتيجية نحو مستقبل مستدام يضمن توفير المياه النظيفة، دعم الاقتصاد الأخضر، وتعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة في قطاع تحلية المياه والطاقة المتجددة.