أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أهمية تسليط الضوء على حقوق الجار في الوقت الحالي، مشددًا على أن الشريعة الإسلامية قد أكدت قدسية هذه العلاقة، كما أجمعت الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية على ضرورة احترام حقوق الجوار.
وخلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" عبر فضائية صدى البلد، أوضح فضيلته أن الإحسان إلى الجار من القيم المشتركة بين الأديان، مستدلًا بقول الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (النساء: 36).
كما أشار إلى أن التوراة تضمنت الوصية بالإحسان إلى الجار، وأن الحضارة المصرية القديمة أكدت هذا المبدأ في معتقداتها.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن النبي ﷺ بالغ في التوصية بالجار، حتى ظن الصحابة أنه سيجعله من الورثة، حيث قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
وأوضح أن إيذاء الجار لا يقتصر على الأذى المادي فقط، بل يشمل الأذى المعنوي، كالحسد أو نظرات الازدراء.
وضرب فضيلته مثالًا بسيرة النبي ﷺ، حينما كان أحد جيرانه اليهود يؤذيه، ومع ذلك زاره واطمأن عليه عند مرضه، مشيرًا إلى أن هذه الأخلاق الرفيعة تشمل التعامل مع جميع الجيران دون النظر إلى ديانتهم.
ثلاثة أنواع من حقوق الجوار في الإسلام
وأوضح الدكتور نظير عيَّاد أن الإسلام يحدد ثلاثة مستويات من حقوق الجوار:
- الجار غير المسلم: له حق الجوار.
- الجار المسلم: له حق الجوار وحق الإسلام.
- الجار المسلم القريب: له ثلاثة حقوق، وهي حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة.
كما أشار إلى أن النبي ﷺ كان يوصي بإطعام الجار، حتى إنه أمر بالإكثار من المرق عند طهو اللحم ليُهدى للجيران، ونهى عن التفاخر أمام الجار بما لا يستطيع امتلاكه.
التعايش السلمي في مصر نموذجٌ يُحتذى به
أكد فضيلة المفتي أن مصر تعد نموذجًا حيًّا للمحبة والتعايش بين المسلمين وغيرهم، مشيرًا إلى أن التوعية والثقافة التنويرية تساهم في تعزيز هذه الروح، وتؤكد أن التنوع لا يتعارض مع التعايش.
واستشهد بقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (هود: 118).
كما تطرق إلى وثيقة المدينة المنورة، التي وضعها النبي ﷺ فور وصوله إلى المدينة، معتبرًا إياها نموذجًا رائدًا في تأسيس العلاقات بين المسلمين وغيرهم على أساس الحقوق والواجبات.