عبد الرحمن عزام.. رائد النضال العربي وأول أمين عام للجامعة العربية

السبت 08 مارس 2025 | 12:28 مساءً
صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه
كتب : عامر عبدالرحمن

يعد عبد الرحمن عزام باشا أحد الشخصيات البارزة في التاريخ العربي الحديث، حيث كان نموذجًا فريدًا للمجاهد والسياسي والدبلوماسي، إذ تنقل بين ساحات القتال والمفاوضات السياسية، مؤمنًا بوحدة الأمة الإسلامية والعربية، ولعب دورًا محوريًا في تأسيس الجامعة العربية وكان أول أمين عام لها، إلى جانب مساهماته في دعم الحركات التحررية العربية والإسلامية.

من ميادين القتال إلى ساحات الدبلوماسية

وُلد عبد الرحمن عزام في قرية الشوبك الغربي بمحافظة الجيزة، ودرس الطب في مصر، لكنه سرعان ما ترك المجال الطبي ليلتحق بساحات الجهاد، ثم بدأ رحلته القتالية في حرب البلقان، حيث لبى نداء الخليفة العثماني للجهاد، وانضم إلى القوات العثمانية لمحاربة الصرب والروس. ثم انتقل إلى ليبيا، حيث قاتل ضد الاحتلال الإيطالي، وشارك في تأسيس الجمهورية الطرابلسية، وهي أول جمهورية عربية.

لم يقتصر جهاده على مواجهة الاستعمار الأوروبي في إفريقيا، بل حارب الإنجليز إلى جانب أحمد الشريف السنوسي، كما شارك في معارك ضد الفرنسيين، وقاد مع محمد صالح حرب والسيد أحمد الشريف عمليات عسكرية في الواحات المصرية. وخلال الحرب العالمية الثانية، أنشأ الجيش المرابط كقوة عسكرية شعبية تهدف لمواجهة الاستعمار.

مسيرته السياسية والدبلوماسية

بعد سنوات من القتال، عاد عزام إلى مصر عام 1923، وبدأ رحلته السياسية حيث انتخب في مجلس النواب المصري عام 1924، وتولى عدة مناصب رفيعة، منها:

وزير مفوض وممثل فوق العادة لمصر عام 1936 بأمر من الملك فاروق.

وزير الأوقاف في حكومة علي ماهر باشا (1939-1940).

عضو في الوفد المصري بمؤتمر فلسطين في لندن عام 1939.

أحد أعضاء الوفد المصري في مفاوضات تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945.

وفي عام 1945، تم اختياره أول أمين عام لجامعة الدول العربية، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1952، حيث كان من أشد المدافعين عن القضايا العربية والإسلامية، خاصة قضية فلسطين، وساهم في دعم الحركات الوطنية في سوريا ولبنان وإندونيسيا وليبيا وشمال إفريقيا.

الدفاع عن فلسطين والمقاومة العربية

كان عزام من أبرز الداعمين للمقاومة الفلسطينية، وعمل على تسليح وتمويل الفدائيين في فلسطين عامي 1947-1948، حيث لعب دورًا رئيسيًا في إرسال ضباط ومتطوعين عرب، أبرزهم القائد الشهيد أحمد عبد العزيز، كما دعم العمليات الفدائية ضد الاستعمار الإنجليزي في منطقة القنال عام 1950.

التضامن الإسلامي وعلاقته بالملك فيصل

بعد عشرين عامًا من تأسيس الجامعة العربية، ظهرت فكرة التضامن الإسلامي، التي تبناها الملك فيصل بن عبد العزيز، وكان عزام من أوائل المنظرين لهذه الفكرة، حيث اعتبر أن التكامل بين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (المؤتمر الإسلامي آنذاك) هو السبيل لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية.

مؤلفاته وإرثه الفكري

لم يكن عزام مجرد رجل سياسة، بل كان أيضًا مفكرًا إسلاميًا قوميًّا، وترك إرثًا فكريًا مهمًا يعكس رؤيته لوحدة الأمة والجهاد. ومن أبرز مؤلفاته:

"بطل الأبطال أو أبرز صفات النبي محمد"

"الرسالة الخالدة"

وفاته وإرثه

توفي عبد الرحمن عزام باشا في 2 يونيو 1976 عن عمر ناهز 81 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالنضال السياسي والعسكري والفكري، ورغم رحيله، لا يزال اسمه حاضرًا كأحد أبرز الشخصيات التي دافعت عن العروبة والإسلام، وساهمت في بناء المؤسسات العربية والإسلامية التي ما زالت قائمة حتى اليوم.

اقرأ أيضا