من تصريحات تهجير الفلسطينيين من غزة مرورًا بفرض الرسوم الجمركية وصولاً لمحاولات السيطرة على كندا وبنما وجرينلاند، تتزايد التساؤلات حول استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستقبلية تجاه النظام العالمي، خاصة بعد تصريحاته التي تعكس رغبته في فرض رؤية أحادية الجانب على القضايا الدولية.
بينما يسعى ترامب لإعادة تشكيل موازين القوى وفق مصالح واشنطن، تواجه سياساته عقبات عدة، أبرزها الموقف الأوروبي الحذر بسبب محاولاته التفاوض منفردًا بشأن الأزمة الأوكرانية، إلى جانب استياء دول الشرق الأوسط من خطته المثيرة للجدل بشأن غزة.
هذه العوامل تطرح تساؤلات جوهرية: هل ستتمكن الدول المتضررة من تشكيل جبهة عالمية موحدة لمقاومة الضغوط الأمريكية؟ أم أن المصالح الاقتصادية والسياسية ستجبرها على الخضوع لحسابات البيت الأبيض؟ وما مصير الدول العربية التي ترفض خطة ترامب حول غزة؟ هل ستواجه عقوبات أمريكية اقتصادية أو سياسية ردًا على مواقفها؟
ترامب غير جاد في تصريحاته
صرّح المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي، بأن ترامب يتبع أسلوبًا معروفًا لدى رجال الأعمال عند التفاوض على الصفقات، حيث يبالغ في حجم مطالبه ليحصل في النهاية على جزء كبير مما يريده.
وأوضح الهلالي، في تصريح خاص لـ"بلدنا ليوم"، أن ترامب ليس جادًا في كل ما يطرحه، لكنها مجرد استراتيجية تفاوضية، متعجبًا من أن البعض لا يدرك ذلك.
وأضاف الهلالي، أن التعامل مع ترامب يجب أن يكون بنفس أسلوبه، أي بعقلية رجل الأعمال وليس السياسي التقليدي، فإذا طالب بإخراج الفلسطينيين، يجب الرد فورًا بالمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية دون تأخير، وإذا طرح فكرة تسلم غزة وتحويلها إلى مشروع سياحي، يجب أن تعلن الدول العربية عن خطتها لإعادة إعمار القطاع وجذب الاستثمارات إليه.
وأكد أن الدول العربية تمتلك وسائل ضغط قوية، وليست ضعيفة كما يظن البعض، مشيرًا إلى أن الورقة الأقوى حاليًا هي التوافق العربي خلال القمة العربية المقبلة التي دعت إليها مصر، والتي يجب أن تؤكد بشكل واضح على ثوابت القضية الفلسطينية، وهي حل الدولتين، وربط أي تطبيع مع إسرائيل بإقامة الدولة الفلسطينية، فبهذه الطريقة، سيدرك ترامب أن عليه تقديم تنازلات.
وفيما يتعلق بفكرة تشكيل جبهة عالمية ضد الولايات المتحدة، شدد الهلالي على أن هذا الطرح يعكس سوء فهم للواقع السياسي، قائلًا: "المسألة ليست مواجهة ضد أمريكا كدولة، بل هي تحديدًا ضد نهج ترامب الشخصي، أمريكا دولة مؤسسات، وهي ليست إحدى جمهوريات الموز التي يتحكم فيها الرئيس وحده، حتى الكونجرس الأمريكي نفسه لا يدعم جميع مواقف ترامب، رغم الأغلبية الجمهورية.