حكم تعليق الزينة والفوانيس في رمضان.. دار الإفتاء تحسم الجدل

يعد شهر رمضان المبارك مناسبة عظيمة يترقبها المسلمون في أنحاء العالم بفرح وسرور، حيث تتجلى مظاهر الاحتفاء بهذا الشهر الكريم في العبادات والعادات والتقاليد التي تعكس الروحانية والتلاحم الاجتماعي، ومن بين هذه المظاهر تعليق الزينة والفوانيس التي تضفي أجواء من البهجة والسرور في البيوت والشوارع.

وقد أثيرت تساؤلات عديدة حول الحكم الشرعي لتعليق الزينة والفوانيس في رمضان، وما إذا كان ذلك من قبيل البدع أو من المباحات المشروعة.

وفي هذا التقرير، تستعرض " بلدنا اليوم"، رأي دار الإفتاء المصرية حول هذه المسألة، مستندين إلى الأدلة الشرعية وآراء الفقهاء، مع تسليط الضوء على الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند تزيين الأماكن لاستقبال هذا الشهر الفضيل.

رأي دار الإفتاء المصرية

أوضح الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن تعليق الزينة والفوانيس خلال شهر رمضان يعد أمرا مباحا شرعا، بل قد يكون مندوبا إذا ارتبط بنية صالحة.

وأشار في مقطع فيديو بثته دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" إلى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام بجمع الصحابة على إمام واحد لصلاة التراويح، وأضاء المساجد بالقناديل، ما يدل على مشروعية إظهار البهجة في هذا الشهر الفضيل.

حكم تعليق الزينة والفوانيس

أكدت دار الإفتاء أن تعليق الزينة والفوانيس يعد من المباحات، ولا يصح وصفه بالبدعة لمجرد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، حيث إن "ترك الفعل لا يستلزم منه عدم الجواز".

واستشهدت الإفتاء بعدد من الأدلة الشرعية التي تؤكد مشروعية الفرح بمواسم الطاعات، ومنها قوله تعالى: ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذٰلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾ [يونس: 58].

كما أشارت إلى أن المسلمين على مدار العصور استقبلوا رمضان بتعليق القناديل والزينة في المساجد والمنازل، وهو ما يعكس استمرار هذه العادة كجزء من مظاهر الفرح بقدوم الشهر الكريم.

ضوابط تعليق الزينة والفوانيس

حددت دار الإفتاء المصرية مجموعة من الضوابط الشرعية التي يجب مراعاتها عند تعليق الزينة والفوانيس، ومنها:

1. عدم الإسراف والمبالغة: يجب تجنب التبذير والإنفاق الزائد على الزينة، امتثالا لقوله تعالى: ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذٰلك قواما﴾ [الفرقان: 67].

2. عدم الإضرار بالآخرين: كتعليق الزينة في أماكن تعيق حركة المارة أو تسبب ضررا للممتلكات العامة أو الخاصة.

3. الحصول على التراخيص اللازمة: في حال استخدام إنارة خارجية، يجب الالتزام بالقوانين المحلية وعدم استخدام الكهرباء العامة دون تصريح.

4. استخدام مواد صديقة للبيئة: يستحسن استخدام خامات قابلة لإعادة التدوير للحفاظ على البيئة.

الرد على شبهة البدعة

أكدت دار الإفتاء أن اعتبار تعليق الزينة والفوانيس بدعة هو فهم غير دقيق لمعنى البدعة في الشرع، حيث قسم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة، مندوبة، محرمة، مكروهة، ومباحة.

ونقلت الإفتاء عن الإمام الشافعي قوله: "المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه، فهذه محدثة غير مذمومة".

كما استشهدت بقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس على صلاة التراويح: "نعمت البدعة هذه"، مما يدل على أن بعض الممارسات التي لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون مستحبة إذا لم تخالف أصول الشريعة.