تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا حول جواز التهنئة بقدوم شهر رمضان، وما إذا كان هناك عبارات معينة يُستحب استخدامها في هذه المناسبة.
التهنئة بدخول شهر رمضان
وأوضحت الدار عبر موقعها الرسمي أن التهنئة بحلول رمضان مشروعة، ويجوز التعبير عنها بأي لفظ يحمل دعاءً بالخير والبركة، مثل الدعاء بقبول الطاعات وتعاقب الأيام والشهور في طاعة الله، كما أنه لا مانع من تبادل الزيارات بين الأهل والأصدقاء لتقديم التهاني بهذه المناسبة.
وأضافت الدار أن الفرح بقدوم مواسم الطاعات والمناسبات الدينية أمرٌ مشروع، حيث إنها أوقاتٌ تحمل في طياتها الخير والبركة، مثل الأعياد والشهور المباركة التي ترتبط بأعمال عظيمة في الإسلام.
ومن بين هذه المناسبات شهر رمضان المبارك، الذي يشهد نزول الرحمات والمغفرة والعتق من النيران، مما يدعو إلى الابتهاج والسرور، امتثالًا لقوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا۟ هُوَ خَيْرٌۭ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (يونس: 58).
وأشارت الإفتاء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه أن هناك أيامًا وشهورًا تكثر فيها البركات وتقبل فيها الدعوات، ولذلك ينبغي للمسلم أن يغتنمها بالطاعات والدعاء له ولغيره، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا"، أي أن الله تعالى يفيض بكرمه ورحمته في بعض الأوقات، فمن وافق هذه النفحات نال الخير والبركة.
وأكدت الإفتاء أن مظاهر الفرح بقدوم رمضان من الأمور المتعارف عليها بين المسلمين، ومنها تقديم التهاني للآخرين، والدعاء لهم بالسعادة والبركة.
كما أن السنة النبوية تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر الصحابة بحلول رمضان، كما ورد في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: "يا أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ" (رواه البيهقي).
وفي حديث آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل رمضان: "قد جاءكم رمضان، شهرٌ مباركٌ، افْتَرَضَ الله عليكم صيامه، تُفْتَحُ فيه أبواب الجنة، ويُغْلَقُ فيه أبواب الجحيم، وَتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ" (رواه أحمد).
وقد ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي أن هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بقدوم رمضان، حيث تساءل قائلًا: "كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟".
وبناءً على ذلك، فإن تهنئة رمضان تقاس على تهنئة الأعياد، حيث وردت أقوال العلماء بجواز التهنئة في المناسبات الدينية المختلفة. وقد أقر الإمام مالك عدم كراهة التهنئة بعبارات مثل "تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم".
كما قال الإمام أحمد بن حنبل: "لا بأس أن يقول الرجل لأخيه يوم العيد: تقبل الله منا ومنك"، مما يدل على أن التهنئة بالمناسبات الدينية أمرٌ مباح.
كيفية التهنئة بدخول شهر رمضان
أكدت الإفتاء أن التهنئة بحلول رمضان يمكن أن تتم بطرق متنوعة، مثل العبارات التي تحمل معاني البركة والدعاء بالخير، أو المصافحة، أو الزيارات الشخصية، أو حتى من خلال وسائل الاتصال الحديثة مثل الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية.
وأوضحت أن التهنئة تُدخل السرور على قلب المسلم، وهي وسيلة مشروعة لتعزيز الروابط الاجتماعية والدينية، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم ألفاظًا تعبّر عن عظمة شهر رمضان وبركته.