الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.. لماذا لن يكون بديلًا لقناة السويس؟

الجمعة 21 فبراير 2025 | 08:17 مساءً
قناة السويس
قناة السويس
كتب : علا عوض

في إطار إعادة رسم معالم التجارة العالمية، أعاد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التأكيد على مشروع طريق تجاري طُرح عام 2023، واصفًا إياه بأنه أحد أعظم الممرات الاقتصادية عبر التاريخ.

يتمثل المشروع في مسارين منفصلين، يربط أحدهما جنوب آسيا بالخليج العربي، بينما يصل الآخر بين منطقة الخليج وأوروبا.

 ويمتد الطريق من الموانئ الهندية مرورًا بالإمارات والسعودية والأردن، ليصل إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا عبر إيطاليا، في خطوة يرى محللون أنها قد تمثل تحديًا لمبادرة الصين المعروفة باسم "الحزام والطريق"، مما يعزز التنافس على مسارات التجارة الدولية.

مدى الجدوى الاقتصادية

تثير هذه المبادرة تساؤلات عدة بشأن مدى جدواها الاقتصادية في ظل تعقيدات النقل عبر وسائل متعددة والتكاليف العالية التي قد تتكبدها الدول المشاركة، كما أن تأثيرها على دول تعتمد على ممرات مائية حيوية، مثل مصر، التي تعتمد بشكل رئيسي على قناة السويس كمصدر هام للدخل القومي، يظل محل نقاش.

خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أكد «ترامب» أن المشروع يهدف إلى تعزيز النفوذ الاقتصادي العالمي للولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه سيضمن لها موقعًا متقدمًا في المنافسة الدولية، خاصة في مواجهة النفوذ التجاري الصيني المتزايد.

مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي الجديد

وقد سبق أن أعلنت الولايات المتحدة، إلى جانب عدد من الدول، خلال قمة العشرين عام 2023، عن مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي الجديد، ومن المفترض أن يشتمل على شبكات سكك حديدية، وربط بين موانئ إقليمية، ومد خطوط لنقل الطاقة، إلى جانب توفير بنية تحتية لنقل البيانات والاتصالات.

لا يوجد بديل قادر على منافسة قناة السويس

في هذا السياق، قال الفريق مهاب مميش، الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، إنه لا يوجد بديل قادر على منافسة القناة من حيث سرعة النقل البحري، مستبعدًا أن يؤثر الممر الجديد بشكل جوهري على دور القناة. 

وأوضح «مميش»، أن عمليات النقل عبر المسار الجديد قد تكون مكلفة وتستغرق وقتًا أطول، مما يضعف من جدواه مقارنة بالممرات البحرية التقليدية.

تحديات أمام قناة السويس

تمثل قناة السويس أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث يمر عبرها نحو 12% من التجارة العالمية، إلا أن التوترات الإقليمية، خاصة في البحر الأحمر، أثرت سلبًا على حركة الملاحة في القناة، إذ أدت التهديدات الأمنية منذ أواخر 2023 إلى تراجع العائدات بشكل ملحوظ.

 وتشير التقديرات إلى أن القناة فقدت حوالي 7 مليارات دولار من الإيرادات خلال عام 2024 بسبب هذه التوترات، ما يعادل انخفاضًا بأكثر من 60% مقارنة بالعام السابق.

استخدام طرق بديلة

وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الوضع الأمني المتوتر في المنطقة أدى إلى تحول بعض شركات الملاحة لاستخدام طرق بديلة مثل طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه ذلك من زيادة في زمن الرحلات والتكاليف التشغيلية واستهلاك الوقود.

ومع التوسعات المستمرة، أصبح طول قناة السويس 193 كيلومترًا، بعد أن كان 164 كيلومترًا، ما عزز من قدرتها الاستيعابية وساهم في تحسين خدمات النقل البحري، كما زاد عمق القناة من 8 إلى 24 مترًا، وعرضها من 52 إلى 205 أمتار، مما يتيح مرور سفن أكبر حجمًا.

مستقبل الممر الاقتصادي الجديد

وفقًا للواء محفوظ مرزوق، الرئيس الأسبق للهيئة الاقتصادية لقناة السويس، فإن المشروع الجديد يظل قيد الدراسة، ومن الصعب اعتباره منافسًا حقيقيًا للممرات البحرية التقليدية. وأوضح أن نقل البضائع عبر مسار يدمج السكك الحديدية بالنقل البحري قد يزيد من التكاليف والمخاطر اللوجستية، مما يجعله خيارًا أقل كفاءة بالمقارنة مع الشحن البحري المباشر.

من جانبه، أكد أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن التطورات الأخيرة لم تؤد إلى ظهور طريق بديل مستدام للقناة، مشيرًا إلى أن التحديات الأمنية في البحر الأحمر عززت من أهمية القناة كممر استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه.

 كما أوضح أن استخدام طرق بديلة أدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية لشركات الشحن، وهو ما يثبت مدى كفاءة قناة السويس كطريق رئيسي للتجارة الدولية.

في المقابل، يرى جيرارد ميستراليت، المبعوث الفرنسي لشؤون الممر الاقتصادي الهندي-الأوروبي، أن المشروع الجديد لا يهدف إلى أن يكون بديلاً مباشرًا لقناة السويس، بل يسعى إلى تقديم خيارات نقل إضافية يمكن أن تتكامل مع الطرق الحالية، وربما تشمل بعض مراحلها التعاون مع مصر عبر قناة السويس.

ومع استمرار النقاشات حول جدوى المشروع وتأثيره، يبقى مستقبل حركة التجارة الدولية مرهونًا بالتطورات الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة بين القوى الكبرى على السيطرة على الممرات التجارية العالمية.

اقرأ أيضا