نظم الجامع الأزهر، اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لـ ملتقى السيرة النبوية تحت عنوان "تحويل القبلة وعالمية الرسالة"، وذلك بحضور كل من: أ.د. حبيب الله، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، وأ.د. خالد عبد العال أحمد، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالمنوفية، وأدار اللقاء الشيخ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر الشريف.
تحويل القبلة.. رمز الوسطية والاختبار الإيماني
استهل الدكتور حبيب الله حديثه بالتأكيد على أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى بفلسطين إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، يمثل إتماما لوسطية الأمة الإسلامية وخيريتها. وأوضح أن الآيات التي تناولت هذا الحدث في سورة البقرة جاءت في موقع دقيق يعكس إعجاز القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: ﴿سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ۚ قل لله المشرق والمغرب ۚ يهدي من يشاء إلىٰ صراط مستقيم﴾ "البقرة: 142".
وأضاف أن هذه الآيات أكدت أن تحويل القبلة كان اختبارا إيمانيا لتمحيص المؤمنين، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علىٰ عقبيه﴾ "البقرة: 143".
كما وصف الله المعترضين على هذا التحول بـ السفهاء، نظرا لمحاولاتهم التشكيك في الحق وزعزعة يقين المؤمنين.
عالمية الإسلام وتميز الأمة الإسلامية
أوضح الدكتور حبيب الله أن الله سبحانه وتعالى ميز الأمة الإسلامية عن غيرها، ومنحها الخيرية في الأخلاق والمعاملات والعبادات، مشيرا إلى أن الإسلام دين عالمي، لا يميز بين لون أو عرق، بل يجمع الناس على وحدة العقيدة والمنهج.
وأكد أن الإسلام هو دين العدل والرحمة، وأن الأمة الإسلامية تمتلك مكانة خاصة بين الأمم، نظرا لثرواتها الطبيعية والبشرية، مما يجعل العالم في حاجة دائمة إليها.
كما شدد على أن تمسك المسلمين بتاريخهم وهويتهم سيحقق لهم السلام والازدهار، لأن كل حضارة قائمة اليوم لها جذور في الحضارة الإسلامية.
تحويل القبلة.. تكريم للنبي ﷺ
وأشار الدكتور حبيب الله إلى أن تحويل القبلة كان تكريما من الله للنبي ﷺ، الذي كان يتمنى أن تكون قبلته الكعبة المشرفة، فاستجاب الله له بقوله: ﴿قد نرىٰ تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها﴾ "البقرة: 144".
وأوضح أن تعبير "ترضاها" في الآية يشير إلى تحقيق رغبة النبي ﷺ، لكنه مع ذلك ظل ممتثلا لأمر الله قبل نزول التوجيه الإلهي بتحويل القبلة.
الاستعداد لشهر رمضان وتزكية النفس
من جانبه، أكد الدكتور خالد عبد العال أحمد، عميد كلية أصول الدين بالمنوفية، أهمية مراجعة النفس في هذه الأيام المباركة استعدادا لشهر رمضان.
وأشار إلى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرصون على تصفية قلوبهم من الضغائن قبل دخول رمضان، مستدلا بما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي قال: "ما كان أحدنا يجرؤ على استقبال الهلال، وفي قلبه ذرة حقد على أخيه المسلم".
وأضاف أن النبي ﷺ كان دائم التعلق بالبيت الحرام حتى أكرمه الله بتحويل القبلة، مما يدل على مكانته العظيمة وخيريته.
كما شدد على أن الأمة الإسلامية أمة وسطية، بعيدة عن الغلو والتطرف، مشيرا إلى حديث النبي ﷺ: "هلك المتنطعون"، أي المتشددون في الدين.
الالتزام بالقيم الأخلاقية والتعاملات الإسلامية
اختتم الشيخ وائل رجب اللقاء بالتأكيد على أن الأمة الإسلامية هي خير الأمم، وأن الله ميزها بالخيرية في كل شيء، داعيا المسلمين إلى التمسك بقيمهم الأخلاقية والإنسانية لتجسيد صورة الإسلام الحقيقية.
وأوضح أن أنظمة الإسلام وتعاليمه في المعاملات هي الدليل على خيرية هذه الأمة، ويجب الالتزام بها لنكون قدوة لغيرنا في العالم.