في مشهد يعكس ملحمة تنموية غير مسبوقة، تقترب مصر من تحقيق إنجاز تاريخي بإتمام مشروع استصلاح 4 ملايين فدان، ليصبح أحد أعظم المشروعات القومية التي أعادت رسم خريطة الزراعة المصرية، لم يعد هذا المشروع مجرد رؤية أو خطة على الورق، بل أصبح حقيقة ملموسة تسابق الزمن نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل فاتورة الاستيراد، وتعزيز الأمن الغذائي للدولة.
4 مليون فدان على مشارف الانتهاء من استصلاحهم
مع اقتراب لحظة الإنجاز، تتجسد ثمار هذا الجهد الوطني في مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية، من القمح في توشكى إلى البنجر في الدلتا الجديدة، في خطوة تعيد لمصر مجدها الزراعي، وتعزز مكانتها كقوة إنتاجية وزراعية في المنطقة، وبفضل التخطيط الذكي والاعتماد على نظم الري الحديثة واستنباط أصناف زراعية متطورة، لم يكن النجاح خيارًا، بل كان حتمية فرضها الإصرار والجهد المبذول من الدولة والقطاع الزراعي.
والآن مع وصول المشروع إلى مراحله النهائية، يطرح السؤال الأهم نفسه، كيف ستتم إدارة واستغلال هذه المساحات الضخمة لتحقيق أقصى استفادة؟ وهل يكون هذا الإنجاز نقطة انطلاق لمزيد من المشروعات الزراعية التي تضع مصر في مصاف الدول المصدرة للغذاء بدلًا من المستوردة؟
جمال أبوالفتوح: مشروع الـ 4 ملايين فدان يسير وفق الخطة
قال النائب جمال أبوالفتوح، وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، في تصريحات خاصة ل"بلدنا اليوم" أن العمل في مشروع استصلاح 4 ملايين فدان يسير وفق الخطة الزمنية المحددة، ومن المتوقع الانتهاء منه بالكامل بحلول أوائل عام 2026، وأكد أن المشروع لا يقتصر على استصلاح الأراضي فقط، بل يشمل أيضًا التوسع في زراعتها بمحاصيل استراتيجية تلبي احتياجات السوق المحلي وتسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأكد أبو الفتوح أن كل ما يتم استصلاحه يدخل مباشرة إلى دورة الإنتاج الزراعي، حيث تمت زراعة البنجر في الدلتا الجديدة، والقمح في توشكى، والبطاطس في مناطق أخرى، وفقًا لطبيعة التربة والمناخ في كل منطقة، وتتمحور الخطة الزراعية حول التركيز على المحاصيل الاستراتيجية التي تضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر، مثل القمح والذرة والبطاطس والبنجر.
وأشار النائب إلى أن التركيز على هذه المحاصيل يأتي ضمن خطة الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاعات الغذائية الأساسية، مع تصدير الفائض للأسواق الخارجية، مما يسهم في زيادة الدخل القومي وتعزيز الاقتصاد الزراعي المصري، مشيرًا إلى أن الدولة وفرت احتياجات المشروع من المياه من خلال عدة استراتيجيات، أهمها الاعتماد على محطات معالجة المياه التي توفر كميات كبيرة من المياه المعالجة الصالحة للزراعة، مما يضمن استدامة الموارد المائية، من خلال تطبيق نظم الري الحديث، مثل الري بالتنقيط ، واستنباط محاصيل جديدة مقاومة للملوحة والجفاف، مما يعزز من إنتاجية الأراضي المستصلحة ويضمن نجاح الزراعة في الظروف البيئية المختلفة.
وفيما يخص فكرة توزيع الأراضي على الشباب، أوضح وكيل لجنة الزراعة أن المقترح لا يزال قيد الدراسة، مشيرًا إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه صغار المزارعين في الأراضي المستصلحة، خاصة أن تكلفة الزراعة في هذه المناطق مرتفعة، ولضمان نجاح الشباب في استغلال الأراضي الجديدة، تعمل الدولة على توفير دعم مالي وفني، مما يسهم في تخفيف الأعباء عنهم وتشجيعهم على الاستثمار الزراعي. كما تبحث الدولة عن آليات لتوفير الخدمات الأساسية، مثل الطرق والطاقة والتسهيلات الزراعية، لضمان توفير بيئة زراعية مناسبة ومستدامة.
أبوصدام: المشروع نقلة نوعية توفر الأمن الغذائي وفرص العمل
وأكد الحاج حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، في تصريحات خاصة ل"بلدنا اليوم" أن مشروع استصلاح 4 ملايين فدان يمثل نقلة نوعية غير مسبوقة في القطاع الزراعي، حيث يسهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتوفير منتجات زراعية صحية وآمنة، إلى جانب خلق مجتمعات عمرانية جديدة تدعم التنمية المستدامة، وأن هذا المشروع يعد خطوة استراتيجية تمهد لانطلاق مشروعات استصلاح جديدة في المستقبل، مما يعكس التوجه الجاد للدولة نحو توسيع الرقعة الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
كما أشار إلى أن توزيع الأراضي على المزارعين سيتم وفق ضوابط محددة، على غرار ما يتم العمل به في مشروع الريف المصري، لضمان الاستغلال الأمثل للأراضي وتوفير فرص عادلة لجميع المستفيدين، وشدد نقيب الفلاحين على أهمية دعم الفلاحين وتوفير البنية التحتية المتكاملة، مثل أنظمة الري الحديثة، والتقاوي عالية الجودة، والتمويل الزراعي المناسب، لضمان تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة، كما أكد أن هذا المشروع لا يعزز فقط الإنتاج الزراعي، بل يسهم أيضًا في خلق فرص عمل جديدة، وتنشيط الصناعات المرتبطة بالزراعة، مثل القطاع الداجني والحيواني، ودعم الاقتصاد الوطني.
وفي ختام تصريحه، دعا أبو صدام جميع الجهات المعنية إلى تكاتف الجهود لضمان نجاح هذا المشروع القومي الضخم، مؤكدًا أن الفلاح المصري مستعد دائمًا للمشاركة بفاعلية في كل ما يخدم نهضة الزراعة وتحقيق التنمية المستدامة في مصر.