في ظلِّ التحوُّلاتِ السياسيةِ الكبرى التي تشهدُها المنطقةُ العربيةُ، تبقى مصرُ واحدةً من الدولِ المحوريةِ التي تُراقبُ عن كثبٍ تطوُّراتِ الأزماتِ العربيةِ، خاصةً الأزمةَ السوريةَ، فقد كان موقفُ القاهرةِ دائمًا ثابتًا وواضحًا، إذ يُركِّزُ الخطابُ السياسيُّ المصريُّ على أهميةِ الحلِّ الشاملِ الذي ينبعُ من إرادةِ الشعبِ السوريِّ وحدَه، في هذا الحوارِ مع الدبلوماسيِّ السابقِ وسفيرِ مصرَ في سوريا وإسرائيل حازم خيرت، نسلِّطُ الضوءَ على موقفِ مصرَ تجاهَ الأزمةِ السوريةِ، وحدودِ الدعمِ المصريِّ لسوريا بعدَ سقوطِ حكمِ الرئيسِ بشارِ الأسد الذي تجاوز ربع قرن من الزمان.
كيفَ تنظرونَ إلى موقفِ مصرَ تجاهَ الإدارةِ السوريةِ الجديدة؟
تتابعُ مصرُ ما يحدثُ في سوريا بترقُّبٍ وحذرٍ، لكنها تقفُ دائمًا مع السوريين، وما يهمُّ مصرَ هو الحفاظُ على المبادئِ العامةِ لسوريا بما يشملُ وحدةَ أراضيها وهويَّتَها الوطنيةَ وأن تكونَ دولةً ديمقراطيةً مدنيةً، فالعلاقةُ بين مصرَ وسوريا تاريخيةٌ وعميقةٌ، حيثُ كانتا لفترةٍ طويلةٍ بلدًا واحدًا، وأيُّ تغييرٍ في الساحةِ السوريةِ يُمثِّلُ أهميةً خاصةً لمصرَ.
ما حدود الدعمِ المصريِّ لسوريا بعدَ سقوطِ الرئيسِ الأسد؟
مصرُ مستعدَّةٌ للقيامِ بأيِّ دورٍ بنَّاء يطلبُهُ الشعبُ السوريُّ دونَ أن تفرضَ نفسَها في القرارِ السوريِّ، فالقاهرةُ تتركُ الخيارَ للسوريين وحدهم دون سواهم لتحديدِ مصيرِهم، وتظلُّ مصر دائمًا داعمةً لجيرانِها العربِ، فالعلاقةُ بين مصرَ وسوريا تمتدُّ لحقبٍ طويلةٍ من التعاونِ والترابط، وحربُ أكتوبرَ عام 1973، شهدت اختلاطَ الدمِ المصريِّ والسوريِّ في المعركةِ، ولذلك مصرُ ستظلُّ شريكةً لسوريا في تجاوزِ أزمتِها الراهنةِ التي أثقلت كاهلَ الشعبِ السوريِّ.
كيفَ ترى دورَ مصرَ المستقبليَّ في إعادةِ سوريا إلى محيطِها العربي وإعادة الإعمار؟ وما الخطواتُ التي يمكنُ أن تتَّخذَها لضبطِ الأوضاعِ هناك؟
مصرُ كانت وستظلُّ ركيزةً أساسيةً لدعمِ استقرارِ المنطقةِ العربيةِ عمومًا وسوريا بوجه خاص، باعتبارِها “قلبَ العروبةِ النابضَ”، ودورُ مصرَ المستقبليُّ في إعادةِ سوريا إلى محيطِها العربيِّ يتجاوزُ الدعمَ السياسيَّ ليشملَ المساهمةَ في إعادةِ الأمنِ والاستقرارِ من خلالِ دعمِ الجهودِ السياسيةِ والإنسانيةِ، فالدبلوماسيةُ العربيةُ هي الأداةُ الأهمُّ لتحقيقِ الاستقرارِ، ومصرُ مستعدَّةٌ دائمًا لدعمِ الحوارِ الوطنيِّ بين الأطرافِ السوريةِ، بما يضمنُ وحدةَ سوريا واستقرارَها الداخليَّ؛ أما الحديثُ عن إعادةِ الإعمارِ، فهو سابقٌ لأوانِه بسببِ الظروفِ الأمنيةِ والسياسيةِ غيرِ المستقرةِ، لكنَّ مصرَ تؤمنُ بأنَّ الحلَّ السياسيَّ الشاملَ هو الأساسُ لإعادةِ بناءِ البلادِ، والشعبُ السوريّ رغمَ المعاناةِ الكبيرةِ التي تجرع مرارتها أثبتَ صمودًا كبيرًا ومصرُ تتطلَّعُ للعملِ معَ الدولِ العربيةِ والشركاءِ الدوليينَ لإعادةِ إعمارِ سوريا بشكلٍ شاملٍ، وضمانِ تحقيقِ مستقبلٍ مستقرٍّ ومزدهرٍ للشعبِ السوريِّ، فالتكاتفُ والتعاونُ هما السبيلُ لبناءِ سوريا جديدةٍ تكونُ قادرةً على الازدهارِ وتحقيقِ إرادةِ شعبِها.