تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بالمجال الزراعي، وتقوم بتوسيع الرقعة الزراعية، من خلال استصلاح الأراضي، ومن خلال مشروعات تهدف لزيادة الإنتاج وزراعة المحاصيل الأساسية والاستراتيجية، لسد احتياجات المواطنين من هذا الزراعات، مثل القمح والذرة والخضروات والفاكهة، وغيرها، وتقوم وزارة الزراعة بنشر لجان متخصصة في رصد حالات التغيرات الجوية على المحاصيل، بالمحافظات بالتعاون مع لجان الزراعة الموجودة في كل محافظة.
وتواجه الدولة أكثر من تحدي لزيادة الانتاج الزراعي، منها زراعة المحاصيل الاستراتيجية، وتوسيع الرقعة الزراعية، ومواجهة أزمة نقص المياه، وأزمة التغيرات المناخية التي تضرب جميع المحافظات مثل باقي الدول بالعالم، التي تتأثر وتختفي من على الكوكب بسبب التغيرات المناخية.
وعلى الرغم من قمم المناخ التي يتم عقدها كل عام إلا أن هناك بعض الدول الصناعية مثل الصين وألمانيا والهند، وغيرها من الدول، لازالت مستمرة في تأثيرها السلبي على المناخ، حيث استخدام الفحم والمواد الضارة في تشغيل المصانع، والتي ينتج عنها انبعاثات لها تأثير سلبي على حياة البشر، وبالتالي تدمير البيئة.
وخلال هذا التقرير نستعرض خطة الدولة في مواجهة أزمة التغيرات المناخية على الزراعة، بعد تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية التي تتم كل يوم، و كيفية اختيار وزراعة محاصيل لا تتأثر بالتغيرات الجوية الحالية.
في البداية قال الدكتور شاكر أبو المعاطي أستاذ المناخ الزراعي، في تصريحات لصحيفة "بلدنا اليوم" أن البلاد تتأثر بالتغيرات المناخية وينتج عن ذلك خلل كبير في المنظومة الزراعية، وبالتالي تغيير في مواعيد الزراعة، مشيرا أن :" أجندة الزراعات في مصر شهدت تغيرات كثيرة بسبب الخلل المناخي".
وأضاف أستاذ المناخ الزراعي، أن العام كان به 4 فصول وكلا منهم كان له صفاته، ولكن في الفترة هناك تداخل في الفصول، وأن اليوم الواحد البلاد تشهد أكثر من فصل، وهذا له تأثير على ضعف الإنتاج الزراعي وظهور أمراض بالمحاصيل الزراعية المحلية.
ولفت إلى أن مركز البحوث الزراعية يقوم بتوفير أدوية لمواجهة المشكلات التي تنتج عن التغيرات الجوية، وأن قمة المناخ التي تعقد كل عام تكون من أجل الحد من تلوث المناخ، وأن يكون هناك توفير أموال للدول النامية من أجل التكيف مع ظاهرة التغيرات المناخية،ولكن هناك الكثير من الدول تتأثر بسبب التغيرات المناخية.
وأشار إلى أن مصر قادرة حتى هذه اللحظة على التعامل مع التغيرات المناخية، ولكن لا يعلم أحد ماذا سيحدث في السنوات المقبلة، مؤكدًا أن اتفاق باريس كان تنص على ارتفاع حرارة الجو 1.5 درجة، ولكن في عام 2024 سجلت درجات الحرارة أعلى معدلات حرارة خلال آخر 30 عامًا، وهذا كان له تأثير على المحاصيل، فإذا ارتفعت حرارة الجو أكثر من التي حدثت في العام الحالي ستحدث كوارث.
من يدفع فاتورة تلوث المناخ؟
وكشف أن الدول الصناعية عليها أن تدفع فاتورة تلوث المناخ، وأن مصر لم تلوث الجو ولكن تتأثر وأن أضرار التغيرات المناخية أخطر من أضرار الحروب، لأن هذه المشكلة تؤثر على الأمن الغذائي.
وفي نفس السياق أكد الدكتور خالد جاد وكيل معهد المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة، أن هناك مخاطر كبيرة من التغيرات المناخية، وأن وزارة الزراعة منذ فترة طويلة وهي تعلم أن هناك تغيرات جوية سيكون لها تأثير كبير على المحاصيل الزراعية ولذلك تم الاستعداد لها من خلال توفير أصناف من المحاصيل التي تواجه التغيرات المناخية ولا تأثر بحالة الجو.
وأضاف أن من ضمن المحاصيل الزراعية التي لا تتأثر بالتغيرات المناخية في مصر هو محصول القمح، الذي يتحمل ملوحة الأرض، وارتفاع حرارة الجو، وأن هناك اصناف كثيرة للقمح، والدولة وفرت 5 أصناف جديدة للقمح سيتم طرحها العام المقبل، وانتاجها عالي.
المناخ وتغير خريطة المحاصيل الزراعية
وأشار إلى أن محصول القمح أصبح قصير العمر، فحصاد القمح أصبح في شهر أبريل بدلا من شهر 6 أي بفارق شهرين، وزراعة الذرة كان يتم في شهر 5 أصبح يزرع في شهر 3، فهناك تأقلم مع التغيرات الجوية، وأنه يتم توفير الصنف المناسب في الوقت المناسب.
المركز الرابع عالميًا في إنتاجية الفدان للقمح
ولفت إلى أن الوزارة تقدم توصيات للمزارعين من أجل الحصول على أعلى إنتاج، وأن مصر تحتل المركز الرابع عالميًا في انتاجية الفدان للقمح، رغم التغيرات المناخية، وهناك 15 صنفًا للقمح موجودين في مصر، وهناك أصناف جديدة تدخل، وجميعها ذات إنتاجية عالية.
وأضاف وكيل معهد المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة، أن العامين الماضيين كانت هناك تغيرات جوية شديدة، ولكن الدولة استطاعت مواكبة هذه التغيرات، ولم تحدث أزمة كبيرة في القطاع الزراعي.
فيما علق الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، على تأثير التغيرات المناخية على الزراعة والناتج القومي، ومؤشرات الاقتصاد للصادرات، وقال إن التغيرات المناخية لها تأثير مباشر على القطاع الاقتصادي، والجميع يلاحظ ارتفاع الأسعار، وتأخر حصد المحاصيل.
وأضاف البهواشي، أن الجميع يلاحظ فارق أسعار الطماطم خلال فاصل الزراعات، وأن هذا له تأثير على الانتاجية، وأن السوق المحلي الأكثر تأثيرًا بالتغيرات المناخية.
وكشف أن الصادرات المصرية من المحاصيل الزراعية لم تتأثر بشكل واضح، ومصر محافظة على الصادرات، وأن هناك أنواع معينة من الفاكهة التي تصدر يتم زراعتها في أماكن معينة، وأنه يرى أن مصر حولت أزمة التغيرات المناخية التي تضرب جميع دول العالم لميزة بخصوص تصدير المحاصيل الزراعية.
كما أكد المهندس الزراعي أيمن فتحي عبد النبي، أن الظواهر الجوية والتقلبات الجوية لها تأثير كبير على الزراعات في فصل الشتاء الذي يبدأ من 21 من الشهر المقبل، موضحًا أن الصقيع وانخفاض درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعية يؤثر على نمو و إنتاجية المحصول.
الأمطار الغزيرة تتسبب في تعفن جذور النباتات
وأضاف أن حالة الجو المتغير تفرض تحدي على المزارعين، والجمعيات الزراعية والدولة بالكامل، من أجل حماية المحاصيل الزراعية، وأن فترة الصقيع تعتبر أكثر فترة يتأثر فيها المحصول، فالمياه تتجمد داخل خلايا النبات، وهذا ينتج عنه تدمير المحصول، ولفت إلى أن الأمطار الغزيرة تؤثر على الأرض نفسها، فالأرض تتشبع من المياه، وينتج عنها تعفن الجذور وارتفاع نسبة الأمراض الفطرية، والرياح ينتج عنها كسر المحصول.
التسميد العضوي والري بالتنقيط
وأشار إلى أن التسميد العضوي يعتبر من الأشياء المهمة التي قد ينتج عنها حماية المحصول من التغيرات المناخية، والحماية من الأمراض، ويساعد في تعزيز نمو المحصول في التغيرات المناخية، وأن الري بنظام التنقيط يكون أفضل بكثير من الري بالغمر.