وجه اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية الأسبق رسالة هامة للعالم قائلا: لابد من نقف مع انفسنا ومع كل من حولنا لنتسأل أين قيم المجتمعات العربية والشرقية فى ظل ما نفجع به يوميآ من خلال صفحات الجريمة بالصحف والمجلات ووسائل التواصل الإجتماعي بحوادث لم نعهدها من قبل وغريبة على المجتمعات العربية والشرقية التى تتصف بحسن الخلق والترابط الأسرى والمجتمعى ، وبالرغم من قيام الأجهزة الأمنية بضبط كل تلك القضايا ، الا أننا نود أن نتعرف على أسباب هذة الجرائم ، ونبتعد عنها من قريب أو بعيد فليس هناك طريق الا طريق الفضيلة والمثل
العليا التى نفتقدها حاليا ، ولكن قول رسول الله صل الله عليه وسلم " الخير فى وفى أمتى إلى يوم الدين " يدفعنا إلى محاسبة أنفسنا وفرملة السلوكيات الغريبة التى بدأت تطفو على السطح ، لنعود كما كنا ، أمة يشار لها بالبنان وتحذوا حذوها سائر الأمم.
o الجريمة ظاهرة اجتماعية وخلقية وسياسية واقتصادية قبل ان تكون حالة قانونية،فهى تعبير عن الموازنة بين صراع القيم الاجتماعية والضغوط المختلفة من قبل المجتمع ، فالإجرام نتيجة لحالة الصراع بين الفرد والمجتمع. وقد
كان مفهوم الجريمة قديماً يعزى إلى نفس المجرم الشريرة وان الانتقام هو الأساس في رد فعل السلوك الإجرامي ، وليس وجه العجب في الجريمة أنها موغلة في القدم، فتلك حقيقة رواها لنا التاريخ فيما روى، بل إن الكتب السماوية تعود بالجريمة إلى عهود اشد سحقاً وابعد تحورا مما بلغه التاريخ. فهي تحكي لنا أن الإنسان لم يكد يعمر الأرض بعدما اخرج من الجنة حتى قدم للشر قربانا ، فسفح دم أخيه ظلما وعدوانا وكان مصرع هابيل على يد قابيل أول مأساة إنسانية على وجه الأرض، إنما وجه العجب
فيما يردده بعض الباحثين عن ثبات نسبة الإجرام وهم يعنون بذلك إن كل جماعة من الناس يؤدي للجريمة ضريبة ذات نسبة ثابتة. وان اختلف الباحثون في هذا الأمر فإنهم يتفقون جميعاً على إن الجريمة ظاهرة اجتماعية رافقت المجتمع البشري منذ نشأته .
o فالجريمة من وجه نظر الاجتماعيين تعد سلوكاً مغايرا للأعراف المتعارف عليها اجتماعيآ في المجتمع والأعراف هى عبارة عن ضغوط وضوابط تقيد سلوك الفرد ، فالجريمة هنا بمفهومها العام هي الأفعال التى تضر الفرد والمجتمع
معا، لذلك تصدى المجتمع لها فسن القوانين الجنائية وحددت العقوبات للمخالفين وكذلك وضع عقوبات اجتماعية للمخالفين لأعرافها وقيمها المتعارف عليها واوجب إضرامها والامتثال إليها .
o أما من الناحية القانونية فهي كل فعل مخالف لأحكام قانون العقوبات باعتباره هو الذي يتضمن الأفعال المحرمة ويحدد مقدار عقوبتها ولما كانت الجريمة بطبيعتها عملا ضارا بالمجتمع لذا شرعت الهيئة الاجتماعية عقابا على مرتكبيها .
o وللعوامل الاجتماعية علاقة وثيقة في ارتكاب وحدوث الجريمة حيث
تتمثل في مجموعة الظروف التي تحيط بشخص معين تميزه عن غيره فيخرج منها تبعا لذلك سائر الظروف العامة التي تحيط بهذا الشخص وغيره من سواء الناس والظروف الاجتماعية هنا تقتصر مجموعة من العلاقات التي تنشأ بين الشخص وبين فئات معينة من الناس يختلط بهم اختلاطا وثيقا وترتبط حياته بحياتهم لفترة طويلة من الزمن وهؤلاء هم أفراد أسرته ومجتمعه ومدرسته والأصحاب والأصدقاء الذين يختارهم وقد دلت التجارب قديما وحديثا على ان سلوك الفرد يتأثر إلى حد بعيد
بسلوك من حوله وبالأخص المقربين إليه ولما كانت الجريمة سلوكا يدينه القانون فان أقدم الفرد عليه أو إحجامه عنه مردود في جانب كبير منه إلى طبيعة الظروف الاجتماعية التي تميز مجتمعه الصغير عن غيره من المجتمعات سواه.
o وتعتبر الأسرة من أقوى العوامل الخارجية التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد وتتحكم في سلوكه وتوجيهه ففيها يمارس تجاربه الأولى ومنها يستمد خبراته وعنها يقتبس العادات والتقاليد ويعرف معنى الخطأ والصواب ومن أهم مظاهر تفكك الأسرة هو التفكك
المادي الذي يراد به غياب احد الوالدين أو كليهما معا في نطاق الأسرة، وتؤكد الإحصاءات ان الصلة وطيدة بين التفكك الأسري المادي وبين ارتكاب الجريمة.
o فقد أثبتت الإحصاءات بفرنسا أن (40%) من المجرمين العاديين، وأن (75%) من المجرمين العائدين ينتمون إلى اسر مفككة ، وأثبتت دراسة قام بها احد الباحثين إن معظم الأحداث الجائحين ينتمون إلى اسر مفككة ، وفي الولايات المتحدة دلت الإحصاءات إن (67%) من المجرمين ينتمون إلى اسر مفككة ، إما التفكك المعنوي
لأسرة فقد أكدت الإحصاءات في مصر في احد الدراسات تبين ان (61,5%) من الأحداث الجانحين كانت علاقاتهم مع آباءهم سيئة وان (65%) منهم كان الخلاف يسودهم في العلاقة بينهم وبين والديهم.
o كذلك أثبتت إحصائيات أجريت في المانيا ان (63%) من الأحداث الجانحين الذكور كانت العلاقة بين آباءهم سيئة وان (82%) من الفتيات الجانحات ينتمون إلى عائلات يسودها الخلاف وعدم التفاهم .
o العرب هووا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب
متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات"، وصدق الله العظيم القائل: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)[الإسراء:16].
o نداء الى كل المصريين وكل المؤسسات الدينية ، لفضيلة الشيخ احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف - وقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، والمؤسسات الاجتماعية والاعلام والأندية ومراكز الشباب والمدارس والجامعات ... عودوا بنا الى الدين السمح واخلاق وشهامة
المصريين لموا شمل الأسر التى تفرقت واقطعوا الخرس الزوجى والعائلى وتواصلوا مع أبنائكم وتابعوا اصدقائهم وانصحوهم بالمحبة وخطر الاندماج مع التيارات التى تنادى بأمور لا تتناسب مع اخلاق المجتمع المصرى واخلاقه وقيمه ، ولا تنسوا ان كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فما زال الخير فى وفى أمتى .
o حافظوا على ارواح البشر فهى زهور زين بها الارض لتزهر وتعمر ولم يخلقها الله لكى نقطفها بالقتل والترويع واستحلال الأعراض .
o شعب مصر العظيم ... نحن الآن
فى خطر على مستقبل هذة البلد التى كرمها الله لابد من اصلاح انفسنا ، لابد من اعادة الترابط الاجتماعى ، لأبد من اعادة صلة الرحم ، لابد من الرجوع إلى الله ، لابد من ترك المعاصى ، لابد من ان نحمد الله على كل نعمه علينا ، لابد ان نكون على يقين بأن المال لا يجلب السعادة ، بينما السعادة فى الرضا ، السعادة فى القرب من الله ، السعادة فى العطاء ، السعادة فى حسن الخلق ، السعادة فى حب الخير للآخرين ، السعادة فى البسمة لكل من تقابله ، السعادة فى القناعة بأن رزق الله مكتوب لك من قبل
ولادتك ، السعادة فى عدم تمنى زوال النعمة ممن حولك ، السعادة فى عدم الغيبة وعدم النميمة وعدم الخوض فى اعراض الناس ، السعادة بقلب متسامح ، السعادة بمد العون للآخرين .
o حفظ الله مصر وشعبها وقائدها وجيشها ورجال امنها وكافة المخلصين من ابناء هذا الوطن وجنبها شر الفتن والاحقاد والشائعات والضغائن والحروب ، اللهم إنى استودعك مصر وأهلها أمنها وأمانها ، ليلها ونهارها ، أرضها وسمائها ، فاحفظها ربى يا من لا تضيع عنده الودائع .