كشفت دراسة حديثة نُشرت في Journal of Applied Physics عن خصائص مذهلة لصبغة "الأزرق المصري"، التي ابتكرها المصريون القدماء منذ آلاف السنين، وفقًا للدراسة، تمتلك هذه الصبغة القدرة على توليد الطاقة وتبريد الأسطح والجدران في المباني الحديثة.
خصائص فريدة للصبغة
تتميز صبغة "الأزرق المصري" بفلورية أعلى بـ10 مرات مما كان يُعتقد سابقًا، حيث تعمل على عكس أشعة الشمس وتوليد الكهرباء الشمسية من خلال النوافذ المطلية بها، هذه الخصائص تساهم بشكل فعال في تقليل استهلاك الطاقة، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لمواجهة التحديات البيئية الحالية.
توضح الدراسة أن الفلورية، وهي عملية انبعاث الضوء بعد تعرض الجسم لأشعة أخرى، تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة الاحتباس الحراري، إذ يمتص "الأزرق المصري" الضوء المرئي ويصدر ضوءًا في نطاق الأشعة تحت الحمراء، مما يساهم في تقليل الحرارة المنبعثة من المباني.
دلالات تاريخية وثقافية
يعتبر "الأزرق المصري" أول صبغة صناعية مستخرجة من سيليكات النحاس والكالسيوم، وكان يُستخدم في تزيين الآلهة والملوك في مصر القديمة، يُعبر هذا اللون عن السماء ومياه النيل، حيث تم استخدامه في تلوين أسقف المعابد، وهو أيضًا رمز للحياة والميلاد.
وفي تصريحات صحفية قال الدكتور بسام الشماع، الباحث الأثري في التاريخ الفرعوني، إن الألوان، بما فيها اللون الأزرق، كانت تحمل دلالات مهمة في مصر القديمة. وأوضح أن الأزرق كان أحد الألوان المميزة التي ارتداها الملوك في تيجانهم، بالإضافة إلى ظهوره على جدران المعابد وأشهر التماثيل الفرعونية.
وأشار الشماع إلى أن اللون الأزرق يتذكرنا بتاج "خربش"، الذي كان يحمل دلالات دينية وعسكرية، حيث كان يرتديه الملوك كرمز للحرب والنزالات العسكرية، وغالبًا ما يظهر هذا التاج فوق رأس الملك رمسيس الثاني، عندما تتعامد الشمس على وجهه في معبد أبو سمبل كل عام.
الأزرق كرمز للجمال
لفت الشماع إلى أن اللون الأزرق يخرج منه اللون التركواز، الذي كان رمزًا للجمال عند الفراعنة، حيث كان يُستخدم لصنع أحجار الحلي، كما ارتبط بأسطورة الجمال "حتحور"، التي عُرفت بـ "معبوجة التركواز" نسبةً إلى سيناء، التي أُطلق عليها فيما بعد اسم أرض الفيروز، لاستخراج أحجار الفيروز التركوازية من أراضيها.
تجسد المعبودة حتحور رمز الجمال بشتى أنواعه، وكانت تمثل النساء والحب والغناء، وصُورت على جدران معبدها الخاص في سيناء "سرابيط الخادم"، بجسد ممشوق يخلو من العيوب وفاتن المعالم.
ختاما، تمثل دراسة "الأزرق المصري" القديم تجسيدًا للاكتشافات العلمية التي تستفيد من التراث الثقافي القديم، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجالات الطاقة والتصميم المعماري، قد يسهم هذا الاكتشاف في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية وتقليل الأثر البيئي للمباني الحديثة.