في تطور جديد في مجال أبحاث السرطان، اكتشف علماء في معهد أبحاث السرطان في لندن وسيلة جديدة لقتل خلايا سرطان الثدي، حيث يتم تدريب الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية المتبقية وتدميرها، مما يوفر حماية أطول للأشخاص المصابين بهذا المرض.
وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة Immunity، تعتمد هذه الطريقة على تحفيز عملية تُعرف بالموت الخلوي المناعي، مما يؤدي إلى تنشيط الجهاز المناعي ووضعه في حالة تأهب للسرطان في الجسم. هذا النهج يستهدف بروتيناً يُدعى RIPK1، والذي يلعب دوراً أساسياً في بقاء الخلايا السرطانية وإفلاتها من اكتشاف الجهاز المناعي.
تقنية جديدة لتحليل البروتينات
استخدم العلماء تقنية مبتكرة تُسمى "استهداف البروتين الكيميائي" أو PROTAC، التي تمكّن من تدمير بروتينات معينة غير مرغوب فيها داخل الخلايا. هذه الطريقة لا تكتفي بحجب وظيفة البروتين، بل تدمّره بالكامل، مما يحفز الموت الخلوي المناعي. عند تدمير بروتين RIPK1، يُحفَّز الجهاز المناعي على تدمير أي خلايا سرطانية متبقية قد تكون هربت من العلاج أو أصبحت مقاومة له.
أظهرت التجارب على الفئران أن استهداف RIPK1 عزز استجابة الجهاز المناعي للعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي، مما أدى إلى استجابة علاجية أفضل وحماية أطول ضد عودة السرطان. يُعتقد أن هذا النهج قد يكون فعالاً في علاج أنواع مختلفة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي الثلاثي السلبي الذي يُعتبر من أصعب الأنواع علاجاً.
تصريحات العلماء
أوضح البروفيسور باسكال ماير، أستاذ موت الخلايا والمناعة في معهد أبحاث السرطان بلندن، أن استهداف RIPK1 يجعل العلاج أكثر فعالية لأنه ينشط الجهاز المناعي للتعرف على الخلايا السرطانية المتبقية وتدميرها.
وأضاف أن النتائج تشير إلى أن هذا النهج قد يحسّن فعالية العلاجات الحالية ويوفر حماية طويلة الأمد ضد تكرار المرض.
من جهته، أكد البروفيسور سوين هولدر، رئيس قسم الكيمياء في مركز اكتشاف أدوية السرطان بالمعهد، أن استخدام تقنية PROTAC يظهر كيف يمكن توظيف تكنولوجيا تحلل البروتين لمكافحة السرطان.
كما أشار الدكتور سيمون فينسينت، مدير الأبحاث في مؤسسة "سرطان الثدي الآن"، إلى أن هذه النتائج تُمهّد الطريق لعلاجات جديدة قادرة على تقديم استجابة مناعية طويلة الأمد ضد السرطان.
آفاق مستقبلية
تمثل هذه الدراسة خطوة هامة نحو تطوير علاجات مستهدفة لسرطان الثدي تعتمد على تفعيل الجهاز المناعي، مما يوفر فرصاً جديدة لمواجهة أنواع السرطان التي تُظهر مقاومة للعلاجات التقليدية. التقنية المبتكرة لتحليل البروتينات وتدميرها تُعد أحد المحاور الأساسية في هذه الجهود، ما يفتح الأبواب لعلاجات جديدة تعزز من استجابة الجسم للسرطان وتحمي المرضى من عودة المرض.