يحتفل العالم ,في العاشر من أكتوبر باليوم العالمي للصحة النفسية,وعلى الرغم من دور الدولة لتعزيز مفهوم الصحة النفسية ورفع الوعي,إلا أن فكرة العلاج النفسي مازالت تؤرّق الكثيرين ويعتبرها البعض وصمة عار.
تعاني منة الله محمد ,طيلة سنوات من مرض نفسي دفعها للبقاء طويلًا داخل غرفتها ,حتى تغيّرت ملامح وجهها ,وأصبحت ذو جسد هزيل ,لا طعام ولا شراب.
وصمة عار
رغم ماتعانيه الفتاة الشابة – التي تدرس كلية الطب بجامعة المنصورة ,ولكنها فضّلت عدم الذهاب إلى المعالج النفسي خوفًا من نظرة المجتمع.
تحكي منة الله لـ"بلدنا اليوم" شعور الخذلان التي تعرّضت له بعدما طلبت من والدتها اصطحابها إلى الطبيب النفسي لتلقي العلاج ولكنها سرعان ماتتلقى ردًا عنيفًا "إنتي عايزه تفضحينا ولا أيه ,لو حد شافنا هيقول عليكي مجنونة.
تقول منة الله إنها فكّرت مراراً وتكرارًا في التخلّص من من حياتها بعدما أغلقت كل منافذ الحياة في وجهها ,تعرّضت للتنمّر من أهلي بسبب بشرتي السمراء,وهو ماأفقدني ثقتي بفنسي .
رحلة العلاج من المرض النفسي في مجتمعنا العربي لم تكن بالهيّنة ,فالبعض يُفضّل الكتمان والآخر يجد أن الأمر مجرّد رفاهيات.
سمير – مُدرّس لغة عربية ,قرر أن يخوض التجربة ويذهب إلى الطبيب النفسي ,وأثناء الرحلة وجد نظرات المجتمع تلاحقه ,فبين كلمات شاب يهمس بأذن صديقه "إلحق الراجل ده كان بيتعالج ..شكله مجنون,وآخر ينظر إليه بعطف ,قرر عدم خوض التجربة مرة أخرى.
الدجّال أفضل من الطبيب
ترى السيدة الخمسينية سميرة أن اصطحاب ابنتها التي لم تُرزق بمولودها إلى الدجّال سيحل لها القضية وسيُحسن من نفسيتها ,فبعد أن أصيبت ابنتها باكتئاب حاد دخلت على إثرة في حالة "الخرس النتقائي" وهو حالة يتمنع فيها الأشخاص عن الحديث بسبب حالتهم النفسية,قررت الأم أن تصطحبها إلى الدجال لحل مشكلتها ,خشية من الذهاب إلى الثيرابيست"
وعلى الرغم من زيادة الوعي بالصحة النفسية، إلا أن أصبحت زيارة "الثيرابيست" مازالت تُمثّل خطوة ثقيلة للعلاج من الاكتئاب.
مشاهير كسروا حاجز الطب النفسي
أعلنت الفنانة يسرا اللوزي، ترددها على عيادة طبيبة نفسية للتغلّب على مراحل صعبة في حياتها,لك تكن يسرا اللوزي هي الوحيدة التي أعلنت زيارتها لطبيب نفسي ,بينما كشفت الفنانة منى زكي،هي الآخرى أنها تذهب إلى الطبيب النفسي بسبب الأدوار الفنية التي تجسدها في السينما والدراما.
أما الفنانة غادة عبدالرازق أكّدت أنها رحلتها في العلاج النفسي استغرقت سنوات طويلة ,مشيرة أنها تتعاطى بعض أدوية الاكتئاب، نظراً لمعاناتها الدائمة من بعض المشكلات النفسية.
وكشفت الفنانة شيرين عبد الوهاب في لقاء تلفزيوني، عن إصابتها بمرض "الوسواس القهري"، وأنها تذهب إلى الطبيب النفسي.
دور الدولة
نظمت وزارة الصحة في وقت سابق ندوة بعنوان" الوعي النفسي بالصحة النفسية مسؤولية مشتركة"، أكّد خلالها الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، على أهمية تغيير ثقافة المجتمع تجاه الاضطرابات والأمراض النفسية، والنظر إلى الصحة النفسية للمواطين بشكل أكثر عمقاً، بما يضمن تحقيق الوقاية من الكثير من الأمراض النفسية بشكل استباقي.
وخلال مسح أجراه, قطاع الامانة العامة للصحة النفسية ,بوزارة الصحة , خلال العام 2017،وجُد أن نحو25 مليون مصري مصاب بالأمراض النفسية, وبيّن المسح أن 0.4% فقط من المرضى يلجأون إلى العلاج النفسي .
وأكدت الدكتورة عبير أحمد مؤسس إتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم وإئتلاف أولياء الأمورفي حديث خاص لـ"بلدنا اليوم" أن المرض النفسي كأي مرض آخر يحتاج إلى طبيب متخصص وأدوية ,وهذا يحتاج إلى نشر الوعي منذ الطفولة ,مطالبة وزارة التربية والتعليم بتنظيم ندوات داخل المدارس تهدف إلى التعريف بالمرض النفسي وكيفية العلاج وكذلك تقديم الدعم للطلاب الذين يعانوا من مرض نفسي.
وأوضحت الدكتورة عبير أن ممارسة الرياضة واتبّع أسلوب صحي متوازن يعمل على تقليل الإصابة بالأمراض النفسية بسبب إفراز هرمون السعادة.
واستطردت في حديثها قائلة إن الابتعاد عن مشاهدة الأخبار السلبية قد يكون له تأثير جيد للحفاظ على الصحة النفسية,كما طالبت الأشخاص بتحديد وقت خاص لأنفسهم للقيام بأي أنشطة يفضّلونها مثل "القراءة ,الرسم ,أو حتى استماع الموسيقى.