لقد كان انتصار المسلمين في غزوة بدر إيذانًا ببداية شهر رمضان المبارك، شهر الفتح والنصر والخير والتمكين، فإن القيم الإيمانية والمعاني السامية لشهر رمضان يجب أن تمنح المسلمين صبرًا لا حدود له، وعزيمة لا تلين ولا تنقطع.
في تاريخ المسلمين بمجرد ذكر الأحداث المهمة التي وقعت في رمضان فإن أول ما يتبادر إلى ذهن كل مسلم هو غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جحافل الكفار وأعداء قريش الكاذبين.
تاريخ ومكان غزوة بدر
وقعت غزوة بدر في صباح يوم الاثنين 17 رمضان/ 2 هـ، الموافق يوم السبت 8 شعبان سنة 2023 م، في بدر، وهي محطة عبور للقوافل المتجهة نحو الشام والعودة إلى مكة، وكانت سوقا مشهورة من أسواق العرب، ساعدها موقعها الجغرافي أسفل وادي الصفراء وبين مكة والمدينة
أسباب غزوة بدر
بعد أن أذن بالجهاد في الفترة المدنية، بلغ المسلمين تحرك قافلة كبيرة محملة بأموال قريش العظيمة عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان صقر بن حرب، فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للخروج، فخرجوا في قافلة كبيرة محملة بأموال قريش, واستعجل من تهيأ للخروج دون انتظار أهل العوالي حتى لا تفوتهم القافلة، فخرجوا من غير انتظار. وَلَمْ يَخْرُجِ الْمُسْلِمُونَ بِجَيْشِهِمْ كُلِّهِمْ لِغَزْوَةِ بَدْرٍ، لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا لِأَخْذِ الْقَافِلَةِ، وَلَمْ يَنْتَظِرُوا مُوَاجَهَةَ جَيْشِ قُرَيْشٍ.
وكان عددهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، منهم اثنان وأربعون ومائتان من الأنصار، ولم يركبوا إلا فارسين وسبعين بعيراً. وعلم أبو سفيان بخروج المسلمين في قافلة، فأرسل إليهم أن يسلكوا طريق الساحل ويستنفروا أهل مكة، فخرجوا في قافلة. واستعدت قريش للخروج وحشدت كل قواتها للدفاع عن القافلة. ورأوا في ذلك حطاً من مكانتهم وإهانة لكرامتهم وضرباً لاقتصادهم، ولم يتخلف منهم إلا القليل. وقد بلغ عددهم نحو ألف محارب، يقودهم مائتا فرس.
ووصل المسلمون إلى بدر قبل المشركين، وأشار الحباب بن المنذر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم مشورته واتبع رأيه، فخرجوا من بدر، وكان ذلك في غزوة بدر، وكان ذلك في سنة ست من الهجرة.
أحداث ما قبل بدء المعركة
بعد نجاة القافلة، نشب خلاف بين من كان في الجيش من المشركين الذين أرادوا العودة إلى ديارهم دون قتال المسلمين حتى لا يكون بين الفريقين ثأر ودم، وبين من أصروا على القتال كأبي جهل. وقد انتصر رأي أبي جهل في النهاية ولم يعد هدف قريش من وراء ذلك إبقاء القافلة على قيد الحياة، بل كان هدفهم معاقبة المسلمين وتأمين طرق التجارة وإظهار قوة قريش وهيبة قريش أمام العرب.
ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنجاة القافلة وأن قريشاً تحاربه، استشار أصحابه عامة والأنصار خاصة، فأشاروا عليه أن يقاتلهم حتى لا يقاتلوا المسلمين. فتكلم المهاجرون أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والمقداد بن عمرو وأحسنوا القول والعمل، وفهم سعد بن معاذ رضي الله عنه رغبة النبي صلى الله عليه وسلم فقال فأحسن القول وأحسن العمل، ثم قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: "والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً ولا عملاً إلا ما كان من سعد بن معاذ".
وفهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم وقاله وأحسن القول به ونفذه، وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه من أحسن الناس فهماً لما أراده النبي صلى الله عليه وسلم.
الأحداث التي أدت إلى الغزوة وبدء المعركة
وصول المسلمين إلى بدر قبل وصول المشركين. وأشار الحباب بن المنذر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم مشورته. فقتل النبي صلى الله عليه وسلم صباح يوم بدر، فأشار عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ماء بدر خلفه، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم مشورته.
وفي صباح يوم المعركة رتب النبي صلى الله عليه وسلم قواته للقتال، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في قبة (عريش) بمشورة سعد بن معاذ لقيادة المعركة، وتولى النبي صلى الله عليه وسلم قيادة المعركة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى قيادة المعركة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو ربه حتى سقط رداؤه، فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك إِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [الكمال: 45].
ورمى النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين بحصاة في وجه المشركين. قال الله عز وجل: {إِنَّكُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:17]، فجعل الله عز وجل بداية الرمي للنبي صلى الله عليه وسلم ونفى عنه التلقي، ولم يحصل بسبب رميه. وكان أول من بدأ الرمي عتبة بن ربيعة فبارزه عتبة بن ربيعة فبارزه الوليد بن الوليد وأخوه شيبة، فخرج إليه جماعة من شباب الأنصار فامتنعوا من المبارزة وبارزوه مع بني عمهم
وكان النبي قد أمر أصحابه بالرمي بالنبل إذا ما اقترب المشركون من المسلمين. ثم تواجه الجيشان في ملحمة كبرى، وأمد الله تعالى المسلمين بالملائكة يوم المعركة: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] .
وقد قُتل من المشركين بعد المواجهة سبعون من المشركين، منهم الذين أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمصير أهل بدر قبل المعركة، ولم يتخلف أحد منهم عن الموقف الذي حدده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان من بين القتلى صناديد قريش: أبو جهل، عمرو بن هشام، قتله معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن أحور قتل عبد الله بن مسعود، قتله ابنه علي بن بلال بن رباح عمير بن خلف، قتله عمير بن خلف، وقتله عمير بن خلف، والأنصار وغيرهم. وكان أسرى قريش سبعين أسيرًا، وفر بقية المشركين تاركين غنائم كثيرة في أرض المعركة. ودفن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهداء المسلمين، وكانوا أربعة عشر شهيدًا.
واكتسب المسلمون مهارات عسكرية وأساليب جديدة في الحرب واكتسبوا شهرة واسعة في الجزيرة العربية وخارجها. بالإضافة إلى مقتل أبي جهل بن هشام وعمير بن خلف، وتكبدت قريش خسائر فادحة.
عواقب غزوة بدر
تعززت مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وعلا نجم الإسلام في المدينة، ولم يعد المتشككون في الدعوة الجديدة والمشركون في المدينة يتجرءون على إظهار الكفر والعداء للإسلام، وظهر النفاق والمكر والخداع، وظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة المنورة في غزوة بدر، وظهرت صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأصحابه وأعلنوا الإسلام ظاهراً وباطناً، ولم يكن في ذلك ما يدعو إلى فزادت ثقة المسلمين بالله عز وجل وبالنبي صلى الله عليه وسلم. وساعد ذلك على رفع الروح المعنوية للمسلمين الذين ما زالوا في مكة، واستبشرت نفوسهم بنصر الله، وأيقنت قلوبهم بقرب يوم الفرح، وازداد إيمانهم القائم على الإيمان وثباتهم القائم على العقيدة.
واكتسب المسلمون مهارات عسكرية، وأساليب جديدة في الحرب، وشهرة واسعة في الجزيرة العربية وخارجها. أما بالنسبة لقريش، فقد كانت خسائرهم فادحة. فبالإضافة إلى مقتل أبي جهر بن هشام وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وغيرهم من زعماء الكفر الذين كانوا من أشجع وأقوى وأعتى قريش، لم تكن خسارة قريش العسكرية فقط، بل كانت خسارة معنوية أيضًا: لم تعد مدنها لم تعد تشكل تهديدًا للتجارة فحسب، بل أيضًا لسيادتها ونفوذها في جميع أنحاء الحجاز. وهكذا كانت غزوة بدر، على الرغم من صغر حجمها، معركة فاصلة في تاريخ الإسلام، ولهذا سماها الله تعالى "يوم الفرقان".