توافد كثير من الأطفال إلى معرض "توت عنخ آمون، التجربة الفرعونية الغامرة"، في أسبوعه الأول بالمركز الثقافي "جاليري مونبارناس" بباريس، لقضاء وقت ممتع لاكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، وهو ما عزز شغفهم لزيارة مصر ورؤية هذه الكنوز الرائعة.
ويمثل المعرض فرصة رائعة لعشاق الحضارة الفرعونية ليخوضوا مغامرة ثقافية شيقة وزاخرة بالألغاز والقصص التي تسرد حياة الفرعون الذهبي، وهذه المرة بشكل مختلف من خلال مقبرته الشهيرة والتي تم اكتشافها على يد عالم الآثار والمصريات البريطاني هوارد كارتر فى عام 1922 والذي يعد أهم اكتشاف أثرى فى القرن العشرين، فقد تم اكتشاف هذه المقبرة فى وادي الملوك كاملة بكل كنوزها ومقتنياتها والتي تقارب 3500 قطعة، ما أثار اهتمام وانبهار العالم بأسره.
بمجرد الدخول إلى قاعة تم تصميمها على مساحة 3 آلاف متر مربع لتكون مماثلة لمقبرة "الفرعون الذهبي" والتي تتكون من أربعة حجرات: الحجرة الأمامية والإضافية وحجرة التابوت وحجرة الكنز، يمكن للزوار رؤية مقتنيات المعرض وفي نفس الوقت المشاركة في لعبة وحل عدد من الألغاز حتى الوصول إلى نهاية الرحلة وهي اكتشاف الغرفة الأخيرة: حجرة الكنز، وبذلك، يُسمح لهم بدخولها ورؤية الأقنعة والكنوز الرائعة.
وقد حاولت "روز" الفتاة الفرنسية ذات السبع سنوات، حل الألغاز للوصول إلى حجرة الكنز، وقالت "في النهاية، اكتشفت حجرة الكنز! سعيدة أني استطعت دخولها ورؤية كل تلك الكنوز المذهلة".
أما "جوليان" فقد حرص على الحضور بصحبة أطفاله وقضاء وقت عائلي ممتع، وقال لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس: "المعرض شيق للغاية خاصة للأطفال، فقد شاركنا في اللعب معهم وحل الألغاز لنصل إلى حجرة الكنز وكان ذلك ممتعا جدا"، مضيفا أنه بعد حضوره المعرض زادت رغبته في زيارة مصر لرؤية هذه القطع الثمينة على حقيقتها".
وترى "صوفيا" أن هذا هو أفضل معرض تم إقامته عن مصر، فقد قامت من قبل بزيارة "رمسيس وذهب الفراعنة" العام الماضي لكن هذه المرة هي تجربة أكثر جذبا للاهتمام، قائلة: "غالبا ما نقرأ حول تاريخ مصر ولكن وجودنا اليوم كعائلة كان مفيدا لنا جميعا، فقد تمكنا من حل الألغاز، وبحثنا عن جميع الإجابات، وكل هذه المعلومات ستظل في ذاكرة الأطفال وعندما نذهب إلى مصر سيتذكرون ذلك".
وتم تشييد مقبرة بكل أحجارها لتكون طبق الأصل من المقبرة التي تم اكتشافها عام 1922، وتتضمن مقتنيات من ألف قطعة ثمينة وهي نسخ غير أصلية تم تصنيعها بأياد مصرية مبدعة بكل دقة لتكون مماثلة للمقتنيات التي تم اكتشافها والموجودة حاليا بالمتحف المصري، الأمر الذي نقل الزوار عبر الزمن إلى تاريخ اكتشاف المقبرة بأكملها ورؤية التراث والثراء الثقافي لمصر القديمة، وبعد العثور على حجرة الكنز، يتجه الزوار إلى حجرة أخرى، على مساحة 140 مترا مربعا، لمشاهدة مقطع فيديو يوضح فكرة "الفرعون الذهبي" عن رحلته إلى العالم الآخر.
وقالت كلارا "هذه فكرة مبتكرة للغاية، هذا الحدث يجمع بين فكرة اللعبة والشكل التقليدي للمعرض وأيضا مقطع فيديو ممتع وشيق يدخلنا في عالم آخر، هذا المزيج بين هذه العناصر الثلاثة يجعل المعرض فريدا من نوعه".
وتصطحب كلارا طفلها بول (7 سنوات) والذي كان سعيدا جدا لدخوله في مغامرة شيقة مع اكتشاف حجرة الكنز، وقال "أمضيت وقتا ممتعا وتعلمت أشياء جديدة..أود أن أذهب إلى مصر لرؤية كل ذلك".
من الواضح أن المعرض ومنذ أسبوعه الأول حقق هدفه وهو جعل الصغار والشباب يهتمون بالثقافة، من خلال هذا النوع الممتع من الفعاليات الثقافية، مثلما أكد منتج المعرض "ميشيل إيلي".
وقال إيلي لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إنه بعد تنظيم "رمسيس وذهب الفراعنة" أدرك أن الأطفال والشباب يحبون التعلم أثناء اللعب وأدرك أيضا رغبة العائلات في إحضار أطفالهم إلى أماكن بها ألغاز ثقافية أو داخل المعارض التي يوجد فيها هذا النوع من الألعاب، لذلك كان الهدف هو جعل الصغار والشباب يهتمون بالثقافة، ثم يمكنهم قراءة كتب عن علم المصريات ويهتموا بالتاريخ العالمي".
لم يجذب المعرض الأطفال فحسب، ولكن الأجانب أيضا مثل "إيهونج" من الصين وتعمل في باريس، جاءت خصيصا الى المعرض بسبب شغفها بالحضارة المصرية القديمة وقالت: "إنها تجربة رائعة لفهم المزيد عن الثقافة المصرية القديمة، وهي تجربة تفاعلية أيضا حيث إن الجميع حاول معرفة الإجابات للبحث عن الكنز، وبعد رؤية كل هذا أريد أن أزور مصر فهذا أحد أحلامي!".
مثل تلك المعارض تعد من أهم العوامل الأساسية لجذب السياحة إلى مصر خاصة وأنه معروف أن السائح الفرنسي عاشق للحضارة المصرية القديمة.
وجاءت مصر ضمن أفضل 10 وجهات لقضاء العطلات خلال هذا الشتاء، وفقا للنقابة الفرنسية لشركات تنظيم الرحلات السياحية التي تضم أكبر 70 منظم رحلات في السوق الفرنسية، نجد مصر في أعلى الترتيب، حيث تزايدت الحجوزات (192.8% على مدار عام) وهي طفرة تسمح لمصر أن تحتل المركز الثاني في القائمة.
وفي ديسمبر الماضي، (وبعد معرض رمسيس وذهب الفراعنة الذي جذب 850 ألف زائر) قام منظم الرحلات الفرنسي Travel Evasion بتنظيم رحلته التعريفية السنوية لوكلاء السياحة والسفر إلى المقصد السياحي المصري، وذلك لعدد 200 شركة سياحة فرنسية لتعريفهم بالمقومات السياحية والأثرية والأنماط السياحية المتنوعة التي تتمتع بها مصر، والتي استطاعت أن تحقق في عام 2023 أرقاما قياسية في السياحة، حيث سجل عدد السائحين 14 مليونا و906 آلاف سائح، وفقا لوزير السياحة والآثار أحمد عيسى.
لذلك، من المتوقع أن يرتفع أعداد السياح الفرنسيين إلى مصر بعد هذا المعرض الذي يعد مغامرة يخوضها الزائر ويصبح طرفا فاعلا فيها ويتمكن من استكشاف حضارة مصر القديمة بطريقة ممتعة وغنية بالمعلومات، بل والسفر إليها في رحلة عبر الزمن.