أصبحت أسعار السلع والمنتجات والخدمات التي يحصل عليها المواطن هي حديث الساعة لدى كل أسرة أو مجلس أصدقاء لما تشهده الأسعار والأسواق من تذبذبات متكررة وارتفاعات مستمرة في الأسعار تقريبا في كافة الأسعار.
لم يمر وقت طويل على ما شهده المواطنين من ارتفاعات متتالية في أسعار السكر والذي تبعه البصل ثم وجد نفسه وسط ارتفاعات أسعار الزيوت والسمن، ليصل به الأمر دون أن يتتهي به الأمر إلى ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز في السوق الموازية.
كعادة أي أزمة أو نقص في المعروض، يلمس جميع المواطنين على مستوى الجمهورية، لكن في هذه المرة الوضع مختلف بعض الشيء، فمن يشعر بأزمة إسطوانات البوتجاز هم قاطنو القرى والأرياف والنجوع والأماكن التي لم يكن لها حظا من وصول الغاز الطبيعي إليها حتى هذا الوقت.
أصبح سعر أسطوانة البوتاجاز، شيء يتساءل عنه الكثير بعد رفع أسعار الكهرباء، بداية من الشهر الحالي وفق ما أعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، حيث علق رئيس الوزراء على حجم الدعم المقدم على أسطوانة البوتاجاز، قائلا إن تكلفة الأسطوانة الواحدة 200 جنيه وتباع للمواطن بـ 75 جنيها أي أن الدولة تدعم كل أسطوانة بـ 125 جنيها، وبهذا يصل دعم أنبوبة البوتاجاز إلى 35 مليار جنيه، وأن دعم التموين يبلغ 36 مليار جنيه، مشيرًا أيضا إلى أن مصر تستهلك سنويًا 280 مليون أنبوبة بوتاجاز، وأنه في عام 2021 تم رفع الدعم الموجه للمواد البترولية.
والأمر المثير للجدل والدهشة أنه لا يوجد عجز أو نقص في أسطوانات الغاز في البلاد طبقا لتصريحات وزير البترول والثروة المعدنية ووزارة التموين والتجارة الداخلية أيضا والتي تصرح أن كافة المستودعات على مستوى الجمهورية بها أسطوانات غاز كبيرة وعلى مدار اليوم تكفى الاستهلاك فى المحافظات والقرى والنجوع ولكن المشكلة تكمن في غياب الرقابة والمتابعة من الجهات المعنية.
إبراهيم: مصنع التعبئة يعمل بكامل طاقته الإنتاجية
وفي هذا الصدد يقول المهندس محمد إبراهيم وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية بسوهاج في تصريحات خاصة ل بلدنا اليوم أنه لا يوجد أزمات في توافر إسطوانات البوتجاز داخل المحافظة، بينما مصنع التعبئة الموجود داخل المحافظة يعمل بكامل طاقته الإنتاجية والتي تبلغ 1.8 مليون إسطوانة شهريا، و 55 ألف إسطوانة يوميا وتم زيادتها إلى 70 ألف إسطوانة يوميا لتغطية كافة احتياجات السوق المحلي.
ولفت إبراهيم إلى أن المواطنين تصيبهم حالة من الهلع عند تعرضهم لإشاعة تخص نقص في المعروض من شيء معين، فيتجه إلى تخزين وشراء أكبر قدر ممكن، بالتالي يتم خلق الأزمات من قبل المواطنين أنفسهم، كما حدث وقت أزمة السكر.
ونوه وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى أنه يتم توفير كافة أشكال الدعم الذي تحتاجه المحافظة وهذا يحدث في كافة المحافظات، وهناك دور رقابي شديد للحد من أي تلاعب في أسعار أو توافر ما يخص المواطنين.
وأشار إبراهيم إلى أن فصل الشتاء بطبعه يكون الاستهلاك زائد في إسطوانات البوتجاز خاصة في المحافظات التي لا تزال معظم قراها خارج منظومة الغاز الطبيعي.
الشافعي: ما يحدث الآن استكمالاً لعشوائية الأسعار
وفي هذا الإطار يقول الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات في تصريحات خاصة ل "بلدنا اليوم" أن ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز في السوق السوداء ليصل من 75 جنيهاً إلى حوالي 150 جنيهاً هو استكمالاً للعشوائية المسيطرة على كافة الأسعار للسلع والمنتجات، وغياب دور الرقابة التموينية وجهاز حماية المستهلك.
وأشار الشافعي إلى أنه نقص المعروض من أسطوانات البوتاجاز في السوق لا علاقة له بنقص الإمداد لمصانع التعبئة، بينما هي لتحقيق أرباح مالية مع تنسيق وهندمة السوق كما يريد كبار المتعاملين.
وأشار الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أن هناك عدة أزمات تواجه وزارة التموين خلال الفترة الأخيرة ما يظهر للمواطنين عجز الوزارة على التعامل مع ما يحدث، فكان لابد عليهم اتخاذ الاجراءات اللازمة لصون وحفظ حقوق المواطنين وعدم تركهم عرضه للاستغلال.
وذكر الشافعي في تصريحاته أن شبكات الفساد الذي تم كشفها داخل وزارة التموين خلقت انطباع داخل أنفس المواطنين أن أي أزمة أسعار تكون لحساب مصالح خاصة ل لأشخاص بعينهم ليحققوا أرباح.
وذكر الشافعي أن هناك توجيهات رئاسية دائمة من الرئيس السيسي بعدم إثقال كاهل المواطنين بأي أزمات والعمل على تحقيق ما يسهم في سد احتياجات كافة المواطنين من كافة السلع وتحقيق شعور الأمان لدى المواطنين على توافر كل ما يريدون.
ويقول أحمد السيد صاحب مستودع إسطوانات بوتاجاز أن ما يحدث الآن هو ليس في الأساس أزمة نقص في حصص الاسطوانات، لكن في الشتاء يزيد حجم استهلاك المواطنين بالتالي أصبح هناك ضغط على شراء الأنابيب.
ولفت السيد إلى أن المواطنين عندما رأو أن هناك ضغط على الشراء ظنوا أنها بوادر أزمة نقص في السوق، فبدأ الجميع في تخزين ما يستطيع من الاسطوانات ما خلق أزمة في المعروض بالفعل لأن كل مواطن أصبح يبدل الأنابيب بأعداد فوق حاجته ما سهل الطريق أمام السوق السوداء للتلاعب بالأسعار.