تقدمت مصر بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة بريكس الاقتصادية في الوقت الذي تتسابق فيه الدول للفوز بالعضوية حيث تتطلع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين للانضمام للمجموعة، كما تقدمت الجزائر وسوريا للحصول على مقعد في التحالف الاقتصادي الروسي الصيني.
وقال بعض الخبراء على هامش حديثهم مع جريدة «بلدنا اليوم» إن انضمام مصر لمجموعة البريكس الاقتصادية يمثل نقلة اقتصادية كبيرة ويعمل على تعزيز التبادل التجاري بين القاهرة والدول الأعضاء في المجموعة، ويخلق للصادرات المصرية أسواق جديد حيث يمثل البريكس 31% من الناتج العالمي الخام، كما يسيطر على 20% من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، و25% من حجم التجارة العالمية.
وأكد البعض الآخر، أن الجزائر تولي اهتمامًا كبيرًا للانضمام لمجموعة البريكس لتعزيز تجارتها الخارجية، والوصول إلى أكثر من 20 مليار دولار صادرات غير نفطية على مدار 3 سنوات المقبلة، ومشيرين إلى استبعاد انضمام سوريا في ظل المشاكل السياسي والاقتصادي التي تشهدها دمشق إذ أصبح صادراتها النفطية وغير النفطية منعدمة بسبب إغلاق الطرق الدولية والمعابر والصراع الحربية بين الدول العظمى داخل الأراضي السورية.
سليماني: الجزائر تستهدف الوصول لصادرات غير نفطية تتجاوز 20 مليار دولار بالانضمام للبريكس
قال عبد القادر سليماني الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، والخبير الاقتصادي والاستراتيجي، إن الجزائر تولي اهتمامًا كبيرًا للانضمام لمجموعة البريكس من أجل تعزيز التجارة الخارجية، والوصول إلى أكثر من 20 مليار دولار صادرات غير نفطية على مدار 3 سنوات المقبلة.
وأضاف سليماني في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن انضمام الجزائر لمجموعة البريكس يضمن لها تجارة خارجية نشطة وزيادة معدلات النمو، واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة.
وأشار الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار إلى أن الجزائر قامت على مدار السنتين الماضيتين بإصلاحات قانونية وتشريعية تمثلت في سن قانون جديد للاستثمار لتحفيز مناخ الأعمال وجعل البيئة الاقتصادية الجزائرية مناسبة، وأكثر تحررًا للعمل الاستثماري.
وتابع الخبير الاقتصادي والاستراتيجي، أن الجزائر قامت أيضًا بإصلاحات بنكية ومصرفية، كما تنتظر صدور قانون النقد والصرف الجديد لضمان حركة أكثر انسيابية وسلاسة، بجانب الرقمنة في التعاملات البنكية والمصرفية.
وأكد عبد القادر سليماني، أن ثمار انضمام الجزائر لمجموعة البريكس يتمثل في زيادة حجم التجارة الخارجية وارتفاع تدفقات الاستثمارات للداخل في ظل تعديلات الجزائر التشريعية الخاصة بالاقتصاد والمالية والضرائب.
وأضاف أن مجموعة البريكس تعمل على خلق نسب اندماج وإنتاج وطني وتوطين الإنتاج وزيادة حجم الإدماج للاندماج الصناعي والاقتصادي، في ظل توقيع الجزائر شراكات عالمية مهمة مع الصين وروسيا ودول خارج البريكس مثل إيطاليا والبرتغال.
وأكد أن عضوية الجزائر في مجموعة البريكس يدفعها إلى زيادة حجم الناتج الداخلي الجزائري من 200 مليار دولار إلى ما يفوق 250 مليار دولار، لتصبح الجزائر مع مصر وجنوب أفريقيا ونيجيريا من أقوى الاقتصاديات في أفريقيا مع ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى ما يتجاوز 6%.
وأشار إلى أن مجموعة البريكس ستمكن الدول الأعضاء من التحكم أكثر في سلاسل الإمداد، ونسب التضخم محليًا وتقليل استيراد المواد والمنتجات النهائية، لتصبح عملية الاستيراد قاصرة على بعض المواد الأولية التي تدخل الصناعات والإنتاج المحلي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى تراجع مكانة الدولار خلال الوقت الراهن مقارنة بالسنوات الماضية، مؤكدًا أن الدولار أصبح يمثل 40% من احتياطيات العالم، و45% من التجارة العالمية.
ولفت إلى أن المجموعات الاقتصادية مثل البريكس وأوبك بلس وغيرها قلصت من سيطرة الدولار في ظل اتفاق روسيا والمملكة العربية السعودية على الحفاظ على أسعار البترول، مؤكدًا أن البريكس وتحالفات أخرى ومجموعات اقتصادية وتكتلات لا تريد استمرار هيمنة الدولار بل تريد الخروج إلى التعامل التجاري من خلال عملات أخرى مثل الصين وروسيا، أو من خلال العملات الوطنية كما فعلت السعودية وإيران في بيع وشراء المنتجات النفطية.
وأضاف أن الغرب أخطأ كثيرًا حينما وقع على عقوبات مالية واقتصادية على نظام سويفت الروسي، مما دفع موسكو وحلفائها للبحث عن موارد ومخارج من هذه الأزمة، مشيرًا إلى أن العالم النامي أصبح لا يثق في النظام المصرفي والبنكي ونظام التحويلات البنكية والمصرفية الغربية ويبحث عن بدائل، مثل بنوك بريكس وأنظمة تحويل أخرى بعيدة عن المجتمع والنظام الغربي.
وقال الأمين العام للاتحاد الجزائري للاقتصاد والاستثمار، إن الولايات المتحدة الأمريكية لا تقف مكتوفة الأيدي أمام نمو مجموعة بريكس، إذ تعمل على تحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال زيادة معدلات الفائدة ورفع سقف الدين الأمريكي لتنشيط اقتصادي أكبر وعدم خروج رؤوس الأموال، وزيادة الاستثمارات ومحاولة إضعاف المجموعات الاقتصادية النامية.
وأكد أن واشنطن ستعمل على إضعاف العديد من الكيانات والهيئات التابعة للمجموعات الاقتصادية كبريكس عن طريق الحروب وتوقيع عقوبات على الدول المشاركة في المجموعات الاقتصادية النامية.
وأوضح أن أمريكا تواجه المجموعات الاقتصادية الناشئة من خلال تشجيع الاستثمارات الأمريكية في أفريقيا والدول النامية ودول جنوب شرق آسيا بجانب الاهتمام بالدخول في الأسواق الأفريقية من خلال المساعدات المالية والتمويلات والقروض لوقف هيمنة الصين وروسيا ودول البريكس على القارة السمراء.
وأوضح أن مجموعة البريكس شهدت نموًا إذ أصبحت تمثل أكثر من 31% من الناتج العالمي الخام، كما تسيطر 20% من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأضاف سليماني، أن مجموعة البريكس تسيطر على 25% من حجم التجارة العالمية، مؤكدًا أن البريكس تتمتع بقوة كبيرة على المستوى العسكري والسياسي، إذ تضم ثلاث دول نووية وهم روسيا والصين والهند، كما أن البرازيل لديها تطور كبير في صناعة الأسلحة العسكرية.
وأكد أن العالم سيشهد تحولات على المستوى الإقليمي والعالمي مهم جدًا خلال 5 سنوات المقبلة، نتيجة الصراع بين المعسكر الغربي ومجموعة البريكس التي تزداد نموًا .
هريدي: خلق عملة موحدة للبريكس يشكل خطر كبير على هيمنة الدولار
ومن جانبه، أكد السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن انضمام مصر لمجموعة البريكس فرصة عظيمة لجذب استثمارات جديدة وفتح أبواب وأسواق جديدة للصادرات المصرية وتعزيز التبادل التجاري بين القاهرة ودول مجموعة البريكس.
وأضاف مساعد وزير الخارجية في تصريح خاص لجريدة «بلدنا اليوم» أن الموافقة على طلب انضمام مصر لمجموعة البريكس يمثل نقلة اقتصادية كبيرة، مشيرًا إلى خلق عملة جديدة للبريكس يشكل خطر كبير على هيمنة الدولار على التجارة العالمية.
الكريم: حصول سوريا على مقعد في البريكس مستبعد
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، إن سوريا غير مؤهلة للانضمام لمجموعة البريكس؛ بسبب عحز سوريا عن تنفيذ شروط المجموعة الأساسية كون دمشق تمر بأزمة شاملة من الناحية السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.
وأضاف الكريم في تصريحات خاصة لجريدة «بلدنا اليوم» أن الانضمام لمجموعة البريكس يتطلب أن يكون هناك اقتصادي وقوى ومستدام يعتمد على الصادرات، مشيرًا أن الصادرات السورية غير النفطية والنفطية تكاد تكون منعدمة، بسبب المشاكل العسكرية التي تمنع الشركات من استخدام الطرق الدولية والمعابر.
وأكد أن الفرصة معدومة لانضمام سوريا لمجموعة البريكس، مرجحًا انضمام سوريا إلى البريكس لأهداف سياسية وليس اقتصادية بسبب العداء بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية داخل الأراضي السورية.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن تأثير مجموعة البريكس على هيمنة الدولار الأمريكي سيظهر في المستقبل وليس خلال الفترة الحالية، بسبب معاناة روسيا من أزمات اقتصادية على خلفية الحرب في أوكرانيا، لافتًا إلى أن الصين لا تزال تستخدم الدولار، وتمتلك سندات خزانة أمريكية والتي تقدر بتريليونات الدولارات، بجانب حجم الصادرات الصيني الكبير إلى الأسواق الأمريكية، مؤكدًا أن بكين ستخسر في حال تراجع هيمنة الدولار.
ورجح أنه في حال تعزيز الدور الاقتصادي لروسيا والنهد وجنوب أفريقيا والبرازيل، وتمكنوا من تشكيل كتلة واحدة مع الدول الخليجية التي تقدمت بطلب للانضمام لمجموعة البريكس مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى الجزائر التي تعتبر القوة الاقتصادية الكبيرة في أفريقيا بالنسبة لتصدير الغاز خلقوا عملة واحد حينها تستطيع هذه المجموعة كسر سيطرة الدولار على الأسواق العالمية.
وأكد أن أحد أسباب اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية هو الخوف الأمريكي من تنامي الدور الروسي الصيني، مشيرًا إلى أن الصراع الأوكراني يخدم أمريكا وأوروبا لذلك تعمل الدول الغربية على إمداد كييف بالمساعدات الحربية والمالية لإطالة وقت الحرب وإضعاف روسيا، بالإضافة إلى العمل الأمريكي على خلق المشاكل في بحر الصين الجنوبي.
وشدد الخبير الاقتصادي على أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تنامي مجموعة البريكس الاقتصادية وتعاظم قوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والتي تؤثر على القطبية الأحادية التي تقودها أمريكا في العالم.
وأشار إلى الدول الخليجية التي تقدمت بطلب للانضمام لمجموعة البريكس تحاول التقرب من الصين وروسيا، مضيفًا أن هناك العديد من الشركات الصينية في دول الخليج تقوم باستثمارات جديدة، مما دفع دول الخليج لفتح أبوابها أمام التحول النوعي وترك التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية لصالح بكين وموسكو.
وأوضح أن الانضمام إلى مجموعة البريكس يتطلب الاستقرار السياسي والاقتصادي وقوة الميزانية التي لا بد أن تتجاوز 200 مليار دولار، بجانب قوة الصادرات التي يجب أن تفوق 100 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذه هذه الشروط تمنع العديد من الدول كالجزائر والبحرين من الانضمام للمجموعة.