تسعى مصر إلى تقليل الاعتماد على البنزين كوقود للسيارات، تماشيًا مع المخططات العالمية للتحول نحو الاعتماد على السيارات الكهربائية كبديل موفر للطاقة ويحافظ على نظافة البيئة بما يحقق خطط التنمية المستدامة التي أطلقها الرئيس السيسي ضمن خطة مصر 2030.
وعلى الرغم من تباطؤ مبيعات السيارات الكهربائية في الصين منذ منتصف العام الماضي 2022 بسبب إلغاء الحكومة الصينية للحوافز الممنوحة لمُلاك السيارات الكهربائية، تظل المبيعات داخلها مرتفعة بالإضافة لدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية الذين خططوا لوقف تصنيع السيارات العاملة بالوقود الأحفوري –البنزين- بداية من 2035، إلا أن الأعداد في مصر لا تزال متواضعة مقارنة بهم، وقياسًا بالتسهيلات الجمركية التي وضعتها الحكومة للتشجيع على امتلاك سيارة كهربائية.
وتظهر أرقام المجمعة المصرية للتأمين الإجباري على السيارات أن خلال الفترة من بداية يوليو 2021 حتى نهاية فبراير 2023 تم ترخيص عدد 1904 سيارة كهربائية، بينما تم ترخيص 17061 سيارة جديدة عاملة بالوقود في في شهر فبراير 2023 فقط، ما يعد مؤشرًا على الفارق الكبير في مبيعات السيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية التي لا تزال تتمتع بإقبال المصريين عليها، بالرغم من المميزات الكبيرة التي توفرها السيارات الكهربائية من رخص تكلفة الصيانة الدورية وندرة الأعطال وانخفاض سعر الطاقة المستخدمة لتشغيلها.
اختيارات السيارات الكهربائية محدودة
يشير خالد سعد أمين رابطة مصنعي السيارات، إلى أن عدم توافر السيارات الكهربائية في السوق المحلي واحد من أهم الأسباب فالاختيارات المطروحة أمام العملاء في مصر محدودة جدا، والأسعار لا تزال مرتفعة وليست في متناول المستهلك العادي، والأهم عدم جاهزية البنية التحتية لاستقبال أعداد كبيرة من السيارات الكهربائية حيث أن 70% أو أكثر من المستهلكين يعيشون في شقق سكنية بالتالي يواجهون صعوبة في إنشاء محطة شحن في الشارع مقارنة بنسبة 10 أو 20% التي تسكن في "كمباوند" بما يمكنها من إنشاء محطة شحن خاصة، ما يترتب عليه أن المستهلك العادي يجب أن ينتظر في محطات الشحن على الأقل 30 دقيقة وقد تطول في حالة انتظاره لسيارات أخرى على الشاحن، والمحطات أيضًا لا تتوافر في الأقاليم ولا بكثرة في المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية.
وأكد أن كلما زاد عدد المحطات وبدأت عملية التصنيع المحلي للسيارات الكهربائية ما يسمح بتخفيض سعرها، سوف يزيد الإقبال من العملاء على شرائها.
يوضح اللواء حسين مصطفى الرئيس التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات أن انتشارها في العالم قليل مقارنة بأعداد السيارات التقليدية، ويوجد في العالم 20 مليون سيارة كهربائية يتركز أكثرها في الصين، مقابل 1.4 مليار سيارة عاملة بالوقود، ما يشير أن النسب لا تزال ضئيلة في العالم كله، ومصر وحدها تمتلك 2500 سيارة تقريبا وفقا لبيانات المجمعة المصرية للتأمين الإجباري، وتعتبر محطات الشحن وقلة انتشارها محليا وعالميا يقلل من انتشار السيارات الكهربائية، إضافة إلى أن محليًا لا توجد مراكز متخصصة في خدمات ما بعد البيع والصيانة بالدرجة الملاءمة لخطة نشرها.
وأضاف أن إقبال المواطنين على السيارات الكهربائية مشروط بنشر ثقافة استخدامها وتوضيح مميزاتها الميكانيكية والفنية المتعددة حتى يقتنع بترك سيارات الوقود الحالية، ومن أهم مميزاتها بساطة المكونات فلن تجد التركيب المعقد من سيور موتور ولا شاكمانات ولا علب تروس ولا زيوت ولا تحتاج لمصروفات صيانة باستمرار كسيارات البنزين ولكي تدرك الفارق بالسيارة الكهربائية كل 20 ألف كيلو تقوم بإجراء بعض الفلاتر والكشف على الإطارات فقط، وبالمقارنة بالوقود اللازم لتسييرها فالسيارة الكهربائية تستهلك شحنا بقيمة تساوي نصف تكلفة السيارات البنزين، كذلك يجب توعية العملاء بأن ارتفاع سعر السيارة الكهربائية يعود إلى أنها استثمار طويل الأجل فالفارق السعري يعوضه قلة مصاريف التشغيل على مدار سنوات، ونبه على أن المميزات الحكومية وزيادتها من إعفاءات جمركية وشحن مجاني وضرائب الترخيص وغيرها لأصحاب السيارات الكهربائية ستكون أهم الحوافز لانتشارها في مصر باعتبارنا سوقا سعريا تحكمه التكلفة.
توافر شواحن السيارات الكهربائية
المهندس حسام سالم رئيس قطاع خدمات ما بعد البيع بشركة الرخاء وكيل دونج فيينج في مصر، يقول إن الشركة مقرر لها إطلاق سيارة كهربائية خلال العام، في طريق نشر السيارات الكهربائية وكسر حالة "مقاومة التغيير" التي دائما ما تواجه أي شيء جديد مقابل التخلي عن المألوف، سبب آخر هو طاقة البطارية، فمن أجل اقتناء سيارة كهربائية بسعر معقول نوعًا ما على العميل أن يقبل ببطارية ذات قدرة محدودة تكفي للسير 300 أو 400 كيلومتر على الأكثر، ما يحد من القدرة على السير لمسافة طويلة دون اللجوء لشاحن والذي يمكن أن لا تجده بسهولة في ظل عدم انتشار محطات الشحن بصورة كبيرة، بالإضافة أن وقت الشحن داخل المحطة لن يقل عن 40 دقيقة وفي حالة انتظارك لسيارة أخرى تطول هذه المدة لذا فأغلب من يمتلكونها يقصرون استخدامها على القاهرة فقط، فالشحن يمثل نقطة مهمة في اقتناء سيارة كهربائية خصوصًا وأن الشحن المنزلي لن يتوافر للكثير فأغلب المصريين يتركون سياراتهم في الشارع ولو تركنا الشاحن في الشارع قد يتعرض للسرقة، بالتالي أصبح اقتناؤها مقصورا على أصحاب الجراجات الخاصة.
لكن هذا لا يقلل من جودة واعتمادية السيارة الكهربائية وأن الادعاء بأن سعرها أغلى من سيارات البنزين يشوبه لبث، فثمن السيارة يتم تقييمها وفقًا لتكلفة اقتنائها، بمعني كم ستتكلف السيارة لقطع مسافة ألف كيلو، وبالمقارنة تصبح الكهرباء أرخص من البنزين التي تتكلف زيوتا وسيورا وبنزينا وقطع غيار، خصوصً وأن هناك محطات شحن مجانية الآن ضمن خطة الحكومة للتشجيع على اقتنائها.
قانون يحد من نشر السيارات الكهربائية
يشير أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات، ثقافة امتلاك سيارة كهربائية لا تزال تحتاج مزيدا من الدعم ويعود سبب عدم الإقبال عليها من المواطنين بسبب ارتفاع أسعارها مقارنة بسيارات البنزين، عدم توافر بنية تحتية تستطيع تتحمل زيادة الأعداد، وأهم الأسباب يعود إلى القرار التي اتخذته وزيرة التجارة والصناعة السابقة الدكتورة نيفين جامع والذي نص على إلغاء القرار الوزاري رقم 255 لسنة 2018، والذي كان يسمح باستيراد سيارات الركوب الكهربائية المستعملة بشرط عدم تجاوز عمرها 3 سنوات بخلاف سنة الإنتاج حتى تاريخ الشحن أو التملك، وحددت بالمادة 9 أن يكون الاستيراد للسيارات الكهربائية مقصورا على نفس سنة الموديل، ووضع رئيس الرابطة إلغاء القرار رقم 9 والسماح باستيراد سيارات تتجاوز سنة الصنع على رأس القرارات الداعمة لنشر استهلاك السيارات الكهربائية.