"الاتفاق السعودي الإيراني".. إنتصار دبلوماسي لـ بكين يضعف الهيمنة الأمريكية بالشرق الأوسط

الدكتور رفعت سيد أحمد: الصين تفهم مفاتيح المشكلات العالمية جيداً

الثلاثاء 21 مارس 2023 | 06:15 مساءً
الدكتور رفعت سيد أحمد
الدكتور رفعت سيد أحمد
كتب : هبه حرب

تمكنت الصين من اقتناص انتصار دبلوماسي، لفت أنظار العالم تجاه قدرات التنين الصيني على الساحة الدولية، وبشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط.

وذلك بعدما نجحت جهود بكين في الإعلان عن اتفاق بين المملكة العربية السعودية و إيران من خلال بيان مشترك خارج من العاصمة الصينية، ينص على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مدة أقصاها شهرين.

ولعل أكثر ما يؤكد ذلك، هو تصريح كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي الذي وصف الاتفاق بمثابة "نصر للحوار ونصر للسلام"، كما شدد على أن بلاده ستواصل لعب دور بناء في التعامل مع القضايا الشائكة في العالم وستظهر تحليَها "بالمسئولية" بصفتها دولة كبرى.

أما عن آثار هذا الإتفاق والوساطة الصينية فهى متعددة، بجانب إنها تمس العديد من النقاط الساخنة و الشائكة بالشرق الأوسط.

ولعل أبرز هذه الآثار هو تأثيرها على الهيمنة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط والتي اهتزت بالفعل، عقب فشل الإدارة الأمريكية في الحصول على امتيازات خلال اجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع القادة العرب بقمة جدة التي أقيمت في يوليو الماضي.

وما يؤكد أن بكين أثارت قلق واشنطن بهذا الإتفاق، هو إسراع البيت الأبيض للتأكيد على متابعته وإطلاعه المسبق على المباحثات بين الأطراف، وذلك وفقاً لتصريحات المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي، الذي شدد على أن بلاده تتابع "بكثب" سلوك الصين في الشرق الأوسط وأماكن أخرى بالعالم.

بجانب أن هذه الوساطة أفشلت رغبة واشنطن في إقامة تحالف عربي أمريكي إسرائيلي ضد إيران، وهي الرغبة التي ألمحت إليها الإدارة الأمريكية مرات عديدة.

بالإضافة إلى آثار هذا الإتفاق على الأوضاع في اليمن، والعودة السورية للحضن العربي، وما يعزز علاقة هذا الإتفاق بـ سوريا، هو تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان التي تزامنت مع الإتفاق، التي أكد خلالها إنه يوجد حوار لعودة سوريا إلى الحضن العربي.

الدكتور رفعت سيد أحمد: أهمية الإتفاق ترتكز على آثاره بالمنطقة

ومن جانبه، فقد علق الدكتور رفعت سيد أحمد المدير العام والمؤسس لمركز يافا للدراسات والأبحاث في تصريحات خاصة لـ بلدنا اليوم، على أن أهمية الاتفاق السعودي الإيراني، مشيراً إلى إنها تكمُن في إطفاء حالة من الهدوء بالملفات الأساسية بالمنطقة، بشكل خاص الملف الخليجي الإيراني، واليمني السعودي، وايضاً اللبناني وكذلك الملف السوري.

حيث أوضح الدكتور رفعت سيد، أن إذا كُتب الاستمرار لهذا الاتفاق، سيعتبر بداية للانفتاح على حل هذه الملفات، وخصوصاً وأن الجانب السعودي أرهق كثيراً في هذه الملفات، وعلى إثر ذلك فهو يحتاج لتهدئة بهذا الشكل.

أما دلالات وساطة الصين في هذا الإتفاق، فقد ذكر مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث، أن هذا يدل على أن الصين دولة عظمى تفهم مفاتيح المشكلات العالمية جيداً،وتُقدم على حلها و ليس تعقيدها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية على مدار عشرات السنين، بجانب أن بكين تمتلك قدرة على الإقناع لدى كلاً من طرفي النزاع الممثلان في الرياض و طهران.

أمريكا تغذي الخلافات لتحقيق المكاسب

وأكد الدكتور رفعت سيد أحمد خلال تصريحاته، أن هذا الاتفاق إذا تمسك و حافظ عليه كلا الطرفين، سيساهم بشكل كبير في إضعاف الهيمنة الأمريكية، موضحاً واشنطن تلعب على استمرار وتغذية هذا الخلاف و أمثاله، لأن أمريكا تحقق استفادة منهم، وذلك من خلال بيع الأسلحة للدول الخليجية تحت دعوى الخطر الإيراني، بجانب حصار نظام طهران على المستوى الاقتصادي والسيطرة على أمواله منذ عهد شاه إيران.

الاتفاق سيلقي بظلاله على الأوضاع في سوريا

وفيما يخص الأزمة السورية و آثار الاتفاق السعودي الإيراني، فقد أكد الدكتور رفعت أن التقارب بين الرياض و طهران سيكون له تأثير إيجابي على حل الأزمة السورية، لأنهم طرفين رئيسيين في هذا الصراع السوري، مشيراً إلى أن منذ بداية الحرب على سوريا التي وصفها بأنها حرب عالمية وليست إقليمية، فقد اتخذت إيران جانب دعم الدولة السورية و نظامها، أما السعودية فقد دعمت التنظيمات و الجماعات المسلحة أمثال داعش وغيرها في هذه الحرب، قد فشل الرهان السعودي على مثل هذه الجماعات، والدليل على ذلك هو نجاح سوريا في استعادة السيطرة على معظم الأراضي فيما عدا جزء في الشمال بالقرب من تركيا ممثل في إدلب.

وتطرق مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث خلال تصريحاته، للصراع بين بكين وواشنطن، مؤكداً أن الحرب الباردة بينهم جارية منذ سنوات،والسبب في ذلك يتمثل في هيمنة الصين على الإقتصاد العالمي بما فيه جزء من الاقتصاد الأمريكي.

بداية هزيمة المشروع الأمريكي بالشرق الأوسط

هذا وقد اختتم الدكتور رفعت سيد أحمد تصريحاته، بالتأكيد على أن هذا الإتفاق سيزيد من إشتعال الصراع الدائر بين الصين وأمريكا، بجانب أنه يعد بداية هزيمة للمشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.

اقرأ أيضا