خلقت الأزمة الروسية الأوكرانية الدائرة منذ عام، تخوفات من اتساع الصراع بين معسكر الشرق والغرب، واندلاع مواجهة مباشرة بين الدب الروسي والتنين الصيني من جهة والغرب من جهة أخرى.
وتأتي هذه التخوفات في الوقت الذي تتمسك فيه جميع الأطراف بمواقفها، فـ موسكو تؤكد إستمرار الحرب من أجل أمنها، و أمريكا تقود الدعم الغربي اللامحدود لأوكرانيا، وذلك بالتزامن مع توتر العلاقات مع بكين بسبب العديد من القضايا أبرزها قضية تايوان.
وفي هذا الإطار، فقد أكد اللواء أركان حرب الدكتور محمد الشهاوي مستشار كلية القادة والأركان و رئيس أركان الحرب الكيميائية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية خلال تصريحات خاصة لـ بلدنا اليوم، أنه يرى أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لكييف قبل أيام، تأتي في إطار الحرب النفسية بين الغرب و روسيا لكن ليس لها قيمة، ويعود السبب في ذلك إلى معرفة موسكو المسبقة بهذه الزيارة بل التنسيق الأمني الذي اشتركت فيه روسيا قبل إجراء الزيارة.
وأفاد اللواء محمد الشهاوي أن الحرب الروسية الأوكرانية تعتبر حرب تقليدية، حيث أنها حرب محدودة بين دولتين إلا أن تأثيراتها عالمية، وخصوصاً على المستوى الإقتصادي، وهو ما ظهر آثاره في تباطؤ معدلات النمو وارتفاع معدل التضخم، وهو ما انعكس على ارتفاع المواد الغذائية والطاقة، بجانب أيضا اضطراب سلاسل الإمداد على مستوى العالم.
وأوضح الشهاوي أن السبب في ذلك، هو الإعتماد على أسلحة الاضطراب الشامل، وهي ما تعني أن الحرب الآن تتحول إلى حرب اقتصادية و ليس بالمعنى المعروف عن الحروب الممثلة في الصراعات العسكرية فقط، لذلك رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي مارك ميلي، أفاد بقوله أن الحرب الروسية الأوكرانية من حروب المستقبل، و تعد من الحروب الهجينة، وذلك لأنها تتضمن إستخدام الأسلحة التقليدية والأسلحة السيبرانية و العديد من الأسلحة المختلفة و المتطورة.
وأشار اللواء محمد الشهاوي خلال تصريحاته إلى أن أمريكا تخوض حرب بالوكالة ضد روسيا عن طريق أوكرانيا، مستشهداً في ذلك بتصريحات رجل المخابرات الأمريكية مايلز كوبلاند التي قال فيها "أن بلاده تنتهج استراتيجية الاستدراج ضد روسيا في هذه الحرب"، حيث أكد المخابراتي الأمريكي أن بلاده استدرجت موسكو من خلال هذه الحرب، من أجل استنزافها عسكرياً و إقتصادياً.
لذا فقد أفاد مستشار كلية القادة والأركان أن الصراع الدائر الآن في حقيقة الأمر قائم بين روسيا و أمريكا، لكنه يدور على الأراضي الأوكرانية.
وقد لفت اللواء محمد الشهاوي إلى أن آثار هذه الحرب أيضاً، طالت الدول الأوروبية وذلك من خلال استنزافها للاحتياطيات الأسلحة والمعدات لدى هذه الدول، وهو ما يشكل تهديد لأمنهم القومي.
وأضاف الشهاوي المشهد الحالي يؤكد أن أمريكا والدول الأوروبية ليس لديها أمامها سوى خيارين، وأولهما يتمثل في الصبر الاستراتيجي وتحقيق التوازن، وذلك عبر إمداد أوكرانيا بالأسلحة، بجانب العمل على تعويض معدلات الاحتياطيات لديهم، والاختيار الآخر يتمثل في العمل على حسم المعركة لصالح كييف، إلا أن هذا الاختيار مستحيل نتيجة المعاناة التي تشهدها الدول الغربية في الوقت الحالي.
التقارب الروسية الصينية يؤرق واشنطن
وفيما يخص العلاقات الروسية الصينية، فقد أكد الشهاوي أنها علاقات قوية، حيث أن كل منهما يعتبران من دول المراجعة وهي الدول التي تريد أن تؤثر في النظام العالمى الجديد، ليصبح عالم متعدد الأقطاب، وتابع بقوله أن التقارب بين موسكو وبكين يؤرق الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أشار اللواء محمد الشهاوي إلى أن واشنطن غيرت استراتيجيتها في نوفمبر الماضي، بتصنيف الصين بالعدو الأول لها، فيما جاءت روسيا في المركز الثاني، وفقاً لهذه الاستراتيجية.
اللجوء للأسلحة النووية يعني فناء العالم
وقد عبر الشهاوي خلال تصريحاته عن إستبعاده إحتمالية استخدام الأسلحة النووية خلال هذه الفترة، والسبب يعود إلى أن العالم يوجد به آلاف الرؤوس النووية، وهو ما يعني فناء و دمار العالم، مؤكداً على أن الأسلحة النووي تصنف من أسلحة الردع، لكن لن يتم اللجوء إليه إلا في حالة التهديدات المباشرة لكيان الدول المالكة له.
وإختتم اللواء محمد الشهاوي تصريحات بالتأكيد على أن العالم بعد الحرب الروسية الأوكرانية، لن يكون هو العالم بعدها.