حذّر رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، الخميس، من تردي الوضع الاقتصادي في البلاد بعدما زادت "مخلفات" جائحة كوفيد-19 من هشاشته، معلنا عن توقعات بإنكماش النمو بـ6 % وأن "كلّ المؤسسات العمومية مفلسة".
وقال الفخفاخ في عرضه لحصيلة الحكومة بعد مئة يوم عمل، خلال جلسة عقدها البرلمان "نتحدث اليوم عن إنقاذ الدولة التونسية".
وذكر أن توقعات انكماش النمو الاقتصادي ستكون في مستوى 6 % "بينما يقدرها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ب 6,8 % "، موضحا أنها أرقام لم تشهدها تونس من قبل.
وأكد أن أزمة جائحة كوفيد-19 كانت لها تداعيات مباشرة على القطاعات الحيوية للاقتصاد على غرار السياحة، لافتا إلى أن 130 ألف عاطل من العمل سيضافون الى 630 ألفا مسجلين سابقا.
وتابع الفخفاخ "هذا سيخلف تراجعا في مداخيل الدولة ب 5 مليارات دينار"، ما يوازي 1,6 مليار يورو.
وأضاف "هذه مخلفات كورونا، ولكن حتى من قبل فإنّ الوضعية سيئة، والمواطنون يدركون ذلك".
وحسب الفخفاخ، بلغت المديونية نحو 92 مليار دينار (حوالي 30 مليار يورو)، واصفا إياها بأنّها "نسب مخيفة".
أمّا نسبة التداين الخارجي، فقد "تجاوزت الخط الأحمر" وبلغت 60 % من الناتج الداخلي الخام حسب رئيس الحكومة الذي شدد على أنه لا يجب أن تتجاوز هذا المستوى مستقبلا.
وكشف الفخفاخ أن "كل المؤسسات الحكومية مفلسة"، من بينها شركة إنتاج الفوسفات التي كانت تساهم بمداخيل مهمة للدولة قبل 2011.
وأكد أن "الوضع لا يمكن أن يتواصل"، في تعليقه على الاحتجاجات التي بدأت في محافظة تطاوين الأحد والتي يطالب فيها المتظاهرون الحكومة بالالتزام باتفاق تشغيل تعهدت به الحكومة السابقة في 2017.
وقال الفخفاخ "في كلّ مرة نشهد احتجاجات على خلفيّة تنمويّة، نقوم بحلول ترقيعية".
ومنذ رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عن السلطة في 2011، لم تتحسن الأوضاع الاقتصادية في تونس وغالبا ما يطالب التونسيون بتحسين أوضاعهم المعيشية بينما تعوّل الدولة على الاقتراض من المانحين لتدارك ذلك.
وفي سياق اخر استخدمت قوات الأمن التونسية الغاز المسيل للدموع لتفريق التظاهرات العنيفة في شوارع ولاية تطاوين جنوبي البلاد، بعد تجدد الاشتباكات في احتجاجات متواصلة منذ شهر التي تطالب بالوظائف والرافضة لتهميش المنطقة.
وتتمثل مطالب المحتجين في منطقة الكامور، مقر حقول النفط في الجنوب التونسي، بإطلاق سراح الناطق الرسمي باسم الاحتجاجات، طارق الحداد، الذي تم توقيفه من قبل أجهزة الأمن.
كما تطالب التظاهرات بأن تلتزم الحكومة باتفاق تم التوصل له في 2017 والذي يقضي بتوظيف العاطلين عن العمل في شركات الكامور النفطية التابعة للولاية.
وقال بيان لوزارة الداخلية إن مجموعة من الأشخاص عمدت "إلى محاولة الاعتداء على المقرات الأمنية بالجهة بواسطة الزجاجات الحارقة مولوتوف.. مما أجبر الوحدات الأمنية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه المقرات واستعمال الوسائل المتاحة قانونا في مثل هذه الوضعيات".
واضافت "أمكن تبعا لذلك إلقاء القبض على عشرة أشخاص من محاولي الاعتداء على المقرات الأمنية".
وأكد والي المنطقة، عادل الورغي، في تصريح لاذاعة حكومية أن التظاهرات بدأت بعد توقيف ناشط في الاعتصام "مطلوب لدى العدالة"، مضيفا "منذ أكثر من شهر والطرقات مغلقة وخيم الاعتصامات وسط الطريق وهذا خارج عن القانون".
وتواصلت يوم الأحد-الاثنين الماضي عمليات الكرّ والفرّ بين المحتجين والشرطة ونشرت وزارة الدفاع التونسية وحدات عسكرية لحماية المؤسسات الحكومية في شوارع المدينة، على ما أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع.
وأغلقت المؤسسات الحكومية أبوابها الاثنين بينما واصلت المحلات التجارية نشاطها بصفة عادية حسب مراسل فرانس برس
من جانبه، دعا فرع الاتحاد العام التونسي للشغل بتطاوين في بيان إلى إضراب عام في الولاية الاثنين معبرا عن رفضه لاستعمال ما وصفه بالعنف المفرط وغير المبرر على المحتجين.
وأكد الاتحاد في نص البيان، أن الحكومة التونسية "فقدت نهائيا كل رصيد الثقة، بسبب عدم وفائها بالوعود وتنكرها لاتفاق الكامور وعدم اهتماما بتجدد الاحتجاجات ونقض الاتفاق الذي تم بين رئيس الحكومة التونسية والأمين العام للاتحاد العام للشغل".
وكان قد نصب محتجون منذ أسابيع خيما في مناطق من الولاية وأغلقوا الطريق أمام الشاحنات التابعة للشركات التي تستثمر في استخراج النفط والغاز في منطقة الكامور بالولاية والتي شهدت مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن قبل 3 أعوام.
وفي مايو 2017، توصّلت الحكومة والمحتجون إلى اتفاق بوساطة الاتحاد العام التونسي للشغل لإنهاء الاعتصامات التي عطلت لمدة أشهر إنتاج النفط بهذه الولاية الصحراوية، وشهد مواجهات مع الشرطة أسفرت عن مقتل متظاهر.
وقضى الاتفاق بتوظيف 1500 شخص في شركة حكومية في المنطقة، وألف آخرين بدءا من يناير 2018، و500 مطلع 2019.
كما توصل الاتفاق لتخصيص مبلغ 80 مليون دينار (حوالى 29 مليون يورو) لصندوق التنمية والاستثمار في تطاوين سنويا.
وتشير التوقعات إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 4.3 بالمئة في أسوأ ركود اقتصادي تشهده البلاد منذ استقلالها مع تضرر قطاع السياحة الحيوي بشكل كبير جراء تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
إقرأ أيضًا..
عقيلة صالح: سندافع بشراسة عن أمن ليبيا القومي بمعاونة مصر حال تجاوز الخطوط الحمراء