لسنوات كثيرة أثارت كتابات الدكتور فرج فودة الجدل بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، خاصة بعد مطالبه العديدة بفصل الدين عن الدولة، ودائمًا ماكانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوماً كبيراً عليه، الأمر الذي زاد من حقن الإسلاميين عليه وتحديدًا الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان مما دفعهم لاغتياله في مثل هذا اليوم، عام 1992.
فرج فوده كاتب ومفكر مصري ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر، وحصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، ولديه ولدان وابنتان.
كانت له العديد من الكتابات والأبحاث التي أثارت جنون تيار الإسلام السياسي، لما حمله فوده من نقد رصين وهدام لأفكارهم التخريبية والتكفيرية، الأمر الذي كان سببا في موته على أيدي هؤلاء المتطرفين.
دائمًا ما كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجوما كبيرا عليه، وطالبت لجنة شؤون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه حيث كان ينوى لتأسيس حزب"المستقبل"عقب استقالته من حزب الوفد، اعتراضا منه على تحالف الوفد من جماعة الإخوان الإرهابية، وأصدرت جبهة علماء الأزهر في 1992 "بجريدة النور" بيانًا بكفره .
أسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها كان دائما ينادي بفصل الدين عن الدولة، حيث كان يؤمن بالعلمانية والمدنية، وسخر لهما جميع ما يملك، فألفّ الكثير من الكتب، وخطت يداه الكثير من المقالات التي كانت سببا فى تكفيره وقتله، فلم يكن يعلم أن الكلمة التي يرددها ويصدع بها دائما، ستقوده إلى الهلاك.
يعد "فوده" من أهم المفكرين الذين رحلوا في الأعوام السابقة، والداعي إلى الدولة المدنية البعيدة عن الدين، بالإضافة إلى امتلاكه العديد من الأفكار التي اعترضت عليها الجماعة الإسلامية.
في الثامن من يونيو، انتظر شابان من الجماعة الإسلامية، هما أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان، على دراجة بخارية أمام "الجمعية المصرية للتنوير" بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة، وفي الساعة السادسة والنصف مساء، وعند خروجه من الجمعية بصحبة ابنه أحمد وصديق آخر، وفي أثناء توجههم لركوب سيارة فرج فوده، انطلق أشرف إبراهيم بالدراجة البخارية وأطلق عبد الشافي رمضان الرصاص من رشاش آلي، فأصاب فرج فودة إصابات بالغة في الكبد والأمعاء، بينما أصاب صديقه وابنه إصابات طفيفة، وهربوا.
وعلى الرغم من ذلك انطلق السائق الخاص لفرج فوده خلف المجرمين وأصاب الدراجة البخارية وأسقطها، ليسقط عبد الشافي رمضان وارتطمت رأسه بالأرض وألقت الشرطة القبض عليه حينها، أما أشرف إبراهيم فقد تمكن من الهرب.
حملت سيارة إسعاف فرج فوده إلى المستشفى، حيث قال وهو يحتضر: "يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني" وحاول جراح القلب د. حمدي السيد، نقيب الأطباء آنذاك إنقاذ حياة فرج فوده، لمدة ست ساعات، إلا أنه لفظ بعدها أنفاسه الأخيرة في مثل هذا اليوم الموافق 8 يونيو 1992.