مع بداية اليوم الأول للثانوية العامة، أدى طلاب الصف الثالث الثانوي الامتحان في مادة اللغة العربية، في التاسعة صباح اليوم السبت، وذلك في مستهل ماراثون امتحانات الشهادة الثانوية.
بداية الحكاية
"الثانوية العامة" لم تكن وليدة اللحظة وإنما تمتد جذورها إلى ما قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1885؛ حيث كانت نشأة مدرسة قصر العيني سنة ١٨٢٥ وكان يُطلق عليها في ذلك التاريخ مسمى المدرسة التجهيزية؛ ويرجع ذلك إلى تجهيز الطالب لكي يلتحق بالمدارس العليا في ذلك التوقيت، والتجهيزية تعادل الثانوية حاليًا.
أما عن الثانوية العامة فهي بمثابة شهادة عامة على مستوى الدولة، فتمتد إلى نحو 131 سنة؛ حيث كان أول امتحان عام يُعقد للشهادة الثانوية في سنة ١٨٨٧، وقبل ذلك كانت كل مدرسة تعقد امتحان طلابها داخلها بنفسها، فلم يكن امتحانًا عامًّا.
عدد المدارس
أما عن عدد المدارس قديمًا، فكان قليل جدًّا، والدليل على ذلك أنه في عام ١٨٩٣ لم يكن في مصر سوى ثلاث مدارس ثانوية أميرية وهي التوفيقية، والخديوية بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية.
وفي سنة ١٩٠٦ أنشئت المدرسة السعيدية الثانوية، كما أنشئت العباسية الثانوية بالإسكندرية، وبالرغم من ذلك إلا أن عدد الحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية سنة ١٨٩٣ لم يزد عن ٤٢ طالبًا، وبعد عشرين عامًا أصبح عدد الحاصلين على الشهادة الثانوية على ١٢٥ طالبًا.
عباس حلمي الأول
أما في عهد عباس حلمي الأول، فقد تغيرت مدة التعليم الثانوي أربع مرات، فكانت أربع سنوات، ثم زادت لتصل إلى خمس، ثم نزلت إلى ثلاثة سنوات لزيادة عدد الخريجين؛ حيث كانت هناك الحاجة ماسة إليهم للتوظيف الحكومي، ثم رفعت إلى أربع سنوات مرة أخرى.
كما أن تقسيم الدراسة الثانوية إلى مرحلتين مدة كل منهما سنتان، ويحصل الطالب الذي يجتاز المرحلة الأولى على شهادة الكفاءة، ثم يتخصص في القسم الأدبي أو القسم العلمي، وتستمر دراسته في أحدهما مدة عامين، يحصل بعدها على شهادة "البكالوريا"، ولكن لم يستمر الوضع كثيرًا ففي عام ١٩٠٧ تم إلغاء شهادة الكفاءة، ثم أعيدت تحت اسم "القسم الأول من الشهادة الثانوية".
قانون المرحلة الثانوية
ونص القانون على تقسيم المرحلة الثانوية إلى فترتين، أولاهما: عامة تضم الصف الأول فقط؛ حيث يدرس الطلاب كل المقررات مشتركة، وثانيهما لمدة عامين، تنقسم إلى أدبي وعلمي، وكانت وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا) تعقد في نهاية السنة الثالثة من التعليم الثانوي امتحانًا عامًا يمنح الناجحون فيه “شهادة الثانوية العامة”.
وكان امتحان الثانوية العامة يعقد تحريريًّا في جميع مواد السنة الثالثة حسب نوع الشعبة التي تخصص فيها الطالب، بالإضافة إلى اختبار شفهي لطلاب الشعبة الأدبية في اللغتين العربية والأجنبية الأولى، إلا أن الأخير ألغي بالقانون رقم ٥٦٢ لسنة ١٩٥٥.
ثم تقرر اعتبارًا من العام الدراسي ٧٦/١٩٧٧ تشعيب الدراسة بالصف الثالث العلمي إلى شعبتين إحداهما شعبة للعلوم وشعبة أخرى للرياضيات، وكان وزير التربية في ذلك الوقت هو الدكتور مصطفى كمال حلمي.
وفي قانون التعليم رقم ١٣٩ لسنة ١٩٨١ طال التشعيب إلى علمي وأدبي الصف الثاني من التعليم الثانوي، لكنه ألغي وفقًا للقانون رقم ٢٣٣ لسنة ١٩٨٨، في عهد الدكتور أحمد فتحي سرور وأصبحت الدراسة عامة في الصفين الأول والثاني وقصر التشعيب على الصف الثالث وحده اعتبارًا من العام ٨٨/١٩٨٩.
مع الأخذ أنه بدءًا من عام ١٩٩٢ عقد الامتحان بنظام المواد الاختيارية في الثانوية العامة داخل الشعب المختلفة، وفي نطاق المواد التي تعبر عن ميول الطالب، والأخذ بنظام المستوى الرفيع في مادتين على الأقل من المواد المؤهلة لدخول الجامعات.
ثم صدر القانون رقم ٢ لسنة ١٩٩٤ لتصبح الدراسة عامة في الصف الأول الثانوي لجميع الطلاب وتخصيصها في الصفين الثاني والثالث، وأصبحت مواد الدراسة تتكون من مواد إجبارية وأخرى اختيارية يحددها الوزير، وكان الوزير في ذلك الوقت هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين.
كذلك تقرر في القانون نفسه أن يتم الامتحان للحصول على شهادة الثانوية العامة على مرحلتين: الأولى في نهاية السنة الثانوية الثانية، والثانية في نهاية الصف الثالث، فضلًا عن تقرير عقد امتحان دور ثان، ويسمح بدخوله للطالب الراسب.
وكذلك الناجح الذي يريد تحسين مجموع درجاته لكن عندما تولى الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الوزارة وقف مجلس الوزراء ضد التحسين وقرر إلغاءه، وكان ذلك على غير إرادة الوزير.
مشروع 2008
وفي عام 2008 بدأت وزارة التربية والتعليم تبني مشروعا جديدا للثانوية العامة، وهو المشروع الذي عرف بـ”الجذع المشترك” وكان يهدف إلى دمج التعليم الفني مع التعليم العام، بحيث يدرس طلاب الثانوية العامة وطلاب الدبلومات الفنية مواد واحدة في العام الأولى ثم يبدأ التخصص بعد العام الأول.