قالت الدكتورة ربا جرادات، المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، إن المنطقة العربية تعد أسوء مناطق العالم التي تعاني من ارتفاع البطالة، لافتة إلى أن معدل بطالة الشباب في العالم العربي يبلغ أضعاف المعدل العالمي.
وتابعت جرادات، في حوارها لـ"بلدنا اليوم"، إلى أن منظمة العمل الدولية، تهدف إلى تطبيق الحقوق الأساسية في العمل، وتقوية الحوار بين مختلف الأطراف المهنية، من خلال برامج للعمل اللائق، وتفعيل أنظمة الحماية الإجتماعية.
ونوهت المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، إن من أهم المعوقات التي تواجه المنظمة في تحسين أوضاع عمال فلسطين، تحول مصادر تمويل الدول المانحة لفلسطين، وصار التركيز الأكبر على دعم اللاجئين بالمنطقة العربية.
وإلى نص الحوار..
ما أهم خطط وبرامج منظمة العمل الدولية؟
منذ 100 سنة، والمنظمة محتفظة بمبادئها واتجاهاتها، التي تقوم على لتحقيق العدالة الاجتماعية والعمل اللائق، وضمان تطبيق الحقوق الأساسية في العمل، والمساعدة على توفير عمل للرجال والنساء على حد سواء، وتقوية الحوار بين مختلف الأطراف المهنية، وهو ما نتعاون فيه مع الدول المختلفة في المنطقة، من خلال توقيع برامج للعمل اللائق، وتحت كل برنامج يتم تحديد أولويات الدولة بالتعاون مع الشركاء بالحكومه وأصحاب العمل والعمال، بهدف خلق فرص عمل وحل مشكلة البطالة.
ما هي أهم المستجدات لدى المنظمة في ملف عمالة الأطفال؟
عماله الاطفال ملف كبير، وأهم شئ يشغلنا بالمنطقه هو التزام الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية، باتفاقيات المنظمه العمل الدوليه ال 138 بشأن الحد الادنى لسن الاستخدام، واتفاقيه 182 الخاصة باسوء اشكال عمل الاطفال، فنحن نعمل على اكتر من محور لعماله الاطفال، ونقوم بالتركيز على عماله الاطفال التي تتعرض للازمات كالاطفال المجندين اللى مشمولين بالنزاعات المسلحة، مثل سوريا واليمن.
في الفتره الاخيره زادت عماله الاطفال فى الوطن العربي، بسبب النزاعات المسلحة التي انتشرت بشكل كبير، وهو ما جعل هناك ارتفاع في نسب اللاجئين والنازحين، سواء من كانوا بدولهم أو نزحوا لدول أخرى، فاضطر كثير منهم إلى تشغيل أطفالهم لتوفير قوت يومهم.
وكيف يتم مواجهة ذلك؟
نتعاون مع الحكومات المختلفة، على وضع سياسات للحد من عمالة الأطفال، فنحن من أولى المؤسسات التي تعمل على تحقيق ذلك، عن طريق تلك السياسات، بالإضافة إلى إنشاء مراكز خاصة بمنظمة العمل الدولية،تعمل على استقبال هؤلاء الأطفال، وتأهيلهم لإعادة إدماجهم في المجتمع من جديد.
هل منظمة العمل الدوليه لديها برامج لذوي الإحتياجات الخاصة، بحيث يتم دمجهم في سوق العمل؟
برامج المنظمة القائمة حاليًا تهدف إلى تحقيق العمل اللائق، إلى جانب تشغيل أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، ودمجهم في المجتمع، وتشغيل النساء.
فمشاريع البنية التحتية والعمالة المكثفة، رغم أنها مشاريع صعبة، لكن نتطلع أن يكون لدينا نسبة مشاركه للمرأة لا تقل عن 13%، وكذلك نسب لإدماج اصحاب الاعاقة، والعمل على تهيئة ظروف العمل لكي يعملوا ويستطيعوا الاستمرار، ولكن كل ما سبق لا يكفي، ولذا نساعد الحكومات على إصدار سياسات تساعدهم، وتسهل عمل ذوى الاحتياجات الخاصة.
كيف تدعم منظمة العمل الدولية العمالة داخل الدول التي تعاني من ويلات الحروب؟
نركز في تلك الدول على مساعدة العمال التي نطلق عليهم "العمال المستضعفين"، ممن يعانون من الفقر، وحسب احصائياتنا هناك 15 مليون منهم في العالم العربي يعيشون في فقر مدقع، يعملون في الاقتصاد الغير منظم، فهؤلاء العمال أحد أهم الأهداف في مشاريع المنظمة، وعملنا مع منظمات الامم المتحدة، والبنك الدولي، والحكومات المختلفة، لتوفير فرص عمل لائقة، وضمان الحد الأدنى من الأجور والسلامة والصحة المهنية، وتوفير ساعات عمل كفاية، علاوة على اجراءات تشغيل المرأة.
وهل هناك برامج خاصة بتشغيل اللاجئين؟
الصراعات أسفرت عن نزوح أكثر من 14 مليون شخص من منازلهم في سوريا والعراق، ولجأ قرابة 5.9 مليون شخص إلى البلدان المجاورة، ما فاقم الوضع الاقتصادي المتردي أصلاً في لبنان والأردن على وجه الخصوص.
ولذا كزنا بالآونة الأخيرة على مساعدة الدول المستضيفه للاجئين، وبالأخص في منطقة الأردن ولبنان، عن طريق عمل مشاريع كبيرة للبنية التحتية، والتشغيل المكثف، علاوة على المساعدة في تقويه القطاع الخاص.
بطالة الشباب أصبحت الأعلى عالميًا.. فما هي أسبابها؟
مشاكل البطالة والمشاكل الاقتصادية، السبب في عدم استقرار المنطقة، وأدت إلى ثورات الشعوب في السنين المنصرمة.
فإن معدل البطالة في منطقتنا العربية هو الأعلى في العالم، فهناك 13 مليون عاطل عن العمل، وما لا يقل عن 25 مليون شخص لا يعملون بشكل كامل في المنطقة، فيما يبلغ معدل بطالة الشباب في العالم العربي تلات أضعاف المعدل العالمي الذي يبلغ 11.8 في المائة ، فنحن أسوء منطقة بالعالم تعاني من البطالة..
وما آليات منظمة العمل الدولية لمواجهة ذلك؟
وفي هذ الصدد، تقوم المنظمة بالعمل على أربع مستويات، فهناك العمل مع الحكومات على وضع سياسات للتشغيل، والعمل مع مؤسسات العمل من الشركاء من العمال واصحاب العمل، كما أننا ندعم القطاع الخاص لخلق فرص عمل منتجة، علاوة على وضع سياسات لتنويع الاقتصاد لتوفير فرص عمل.
كما أننا نعمل على مساعدة أصحاب المشاريع الصغيره والمتوسطة، من ناحيه التأهيل والتركيز على تقوية مهارات العمال، إضافة إلى المشاريع التي نقوم بتطبيقها لتشغيل مؤقت للعمالة يمتسبوا من خلاله المهارات والشهادت التي تؤهلهم للحصول على فرصة عمل دائمة.
ما هي أوجه السيطرة على نظام الكفيل في الدول العربية؟
نظام الكفيل هو نظام سيء للغاية ومعقد، وما حاولنا القيام به وتم تحقيقه في عدد من الدول، انتقال العمالة بمعنى إن العامل يستطيع أن ينتقل من صاحب عمل لآخر بسهولة، دون أي ضغوطات أو تهديدات بجواز سفره أو انهاء عقده، وهو ما جعل هناك تحسن كبير في نظام الكفالة.
كما أننا نعمل على نظام نظام الشكاوى او اللجوء للقضاء، من خلال التعاون مع الجهات القضائية ومع وزارات العمل، لتسهيل اجراءات شكوى أي عامل تعرض إلى ضرر، مع التأكيد على وجود نظام عادل لاسترجاع حقه.
ماذا عن العمالة القصرية التي تستخدمها قطر.. ودور المنظمة في حمايتهم؟
كنا قد رفعنا قضية من قبل منظمه العمل الدوليه لسوء استخدام قطر للعماله القصرية من العمال الوافدين في قطر الذين يعمل معظمهم في المنشآت الخاصة ببطولة كأس العالم لكرة القدم للعام 2022.
وفي النهاية تم التعاون من قبل الحكومة القطرية، العام الماضي، فتم توقيع مشروع مدته 3 سنوات، يقضي بإزالة نظام الكفاله بشكل كامل من قطر لتحسين ظروف العمال، ونأمل بنهايه المشروع أن تتحسن الأوضاع تلك العمالة.
ما اللذي يهدف إليه هذا المشروع؟
إصدار قانون لإنشاء صندوق دعم وتأمين العمال الذي يسمح بدفع الأجور المتأخرة للعمال في الحالات التي تتأخر جهات عملهم عن سدادها، وتوقيع اتفاقيات لتوفير الحماية القانونية للعمال قبل استقدامهم إلى قطر، كما تم بناء مساكن جديدة للعمال، وتفعيل نظام الشكاوى الذي يتيح للعامل أن يتواصل مع مكتب المنظمة في قطر، لإعلامهم بمشكلته والعمل على حلها.
أين تقع فلسطين على خريطة برامج العمل الدولية، خاصة مع الوضع المتردي لعمالها؟
ملف العمالة في فلسطين كبير جدًا، فأغلب مصادرنا المالية الداخلية تتجه إلى فلسطين في أكثر من مجال، فنحن لدينا العمال الفلسطنيين داخل الاراضي الفلسطني، والملف الأصعب الشائك، هم العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل إسرائيل، والذين يتعرضون إلى إهانات متكررة على المعابر، واستغلال السماسرة المالي لهم.
ونحاول وضع برامج لتحسين ظروف العمل بالجهتين، وخاصة العمال الفلسطينيين باسرائيل، رغم عدم استجابة السلطات هناك لنا، ولكننا مستمرون في المحاولة، ولكن دعمنا الأكبر، للعمال داخل فلسطين، ووضع برنامج لدعم الضمان الاجتماعي، وخلق فرص عمل في العديد من المجالات.
وما أهم المعوقات التي تواجههكم هناك؟
تحول مصادر التمويل، فقل اهتمام الدول المانحة لفلسطين، وصار التركيز الأكبر على دعم اللاجئين بالمنطقة العربية، ولذا فإن المنظمة والأمم المتحدة، يجدان صعوبة في ايجاد مصادر للتمويل لدعم المشاريع الكبرى بفلسطين، ورغم ذلك نستمر في المحاولة من أجل عمالنا هناك.