قال الله عزوجل: "كُل عَمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني إمرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه".
ثواب الصوم مع ارتفاع درجات الحرارة
بهذا الحديث القُدسي، وصف الله عز وجل مكانة وفضل الصائم عند ربه ، ولكن ما بال إن كان الصيام في أشد درجات الحرارة، فتشهد البلاد اليوم، ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة ، حيث يتوقع خبراء هيئة الأرصاد الجوية أن يسود، اليوم الخميس، طقس شديد الحرارة على كافة الأنحاء نهارا ، فتصل درجة الحرارة القاهرة العظمى 45 درجة.
حكم الصيام في درجة الحرارة العالية
وهنا يأتي السؤال ما حكم الصيام مع ارتفاع درجات الحرارة ، وهو ما أجابة عليه دار الأفتاء، حيث قالت الدار في بيان لها ، إن الصوم من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالي، فمن صام لله يومًا واحدًا إيمانًا واحتسابًا باعده الله عن النار سبعين سنة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-،قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أخرجه البخاري.
فإذا كان في الصيام مشقة لطول اليوم وشدة حر فإن ثوابه يكون أعظم، فعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا فِي عُمْرَتِهَا: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ قَدْرَ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» سنن الدارقطني.
جواز الإفطار
يقول الشيخ محمد عز الدين عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة ، إن الصيام اليوم مع ارتفاع درجات الحرارة لن يكون أصعب من حرارة يوم القيامة فهو اليوم الأصعب والأشد ، فنسأل الله السلامة ، مضيفا أن فضائل الصوم عظيمة ومنها أن الله عز وجل خصص باب في الجنة يقال له "لريان " يسأل الله عز وجل يوم القيامة أين الصائمون، فيدخله الصائمون ويغلق عليهم.
وأوضح وكيل وزارة الأوقاف لـ"بلدنا اليوم" ، أن من يشق عليه الصيام مشقة بالغة ، يجوز له الإفطار ، ويقضي أيام أخر مثل المريض والمسافر له أن يصوم أيام اخر فيجوز له أن يفطر ويخرج الفدية مشيرا إلى الله عز وجل يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر ، فما جعل الله عليكم في الدين من حرج فيجوز لمن يعمل في المهن الشاقة كعمال البناء والمزارعين وعمال الأفران ممن لايستطيعوا الصوم الإفطار ، وصوم هذه الأيام مرة أخرى من إخراج الفدية .
مضاعفة الأجر
يقول الشيخ أحمد ترك، مدير بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، إن صيام رمضان في درجات الحرارة العالية هو زيادة في مشقة الصائم، وبالتالي فأن الأجر يتضاعف للصائم، فهو يتحمل مشقتان مشقة الصوم ومشقة، الارتفاع الشديد في درجات الحرارة مشيرا إلى أن أجر الصيام الله سبحانه وتعالي هو من يجزي به، فما بالك بالصيام في الحر الشديد.
وحول جواز إفطار بعض الفئات ممن يعملوا بالأعمال الشاقة أو كبار السن والطلبة، في هذا اليوم يقول "ترك" لـ"بلدنا اليوم" أن فتوى إفطار الصائمين يجب الرجوع لدار الأفتاء بها فهي الجهة الوحيدة التي يحق لها الأفتاء في ذلك متمنيا أن يتقبل الله صيام الجميع.
باب في الجنة للصائمين
وعن ثواب الصيام يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون؟ فيقومون فإذا دخلوا أغلق"، فما بالكم بمن صام في حر الصيف التزامًا بأوامر الله عز وجل وآداءًا لفرائضه.
"..
وكان الصحابي الجليل أبو الدرداء يقول: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر، وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعبد الله بن رواحة
".
وقال أبو الدرداء كذلك عن صيام الهواجر: "صوموا يومًا شديدًا حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور.
وروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء، كذلك ابنته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها روي أنها كانت تصوم في الحر الشديد، قيل ما حملها على ذلك؟ قال: كانت تبادر الموت.
وكان الصحابي الجليل معاذ بن جبل يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر، وكذلك غيره من السلف الصالح ، وعن فضل الصيام في شدة الحر وغيره من المشقات، فيقول الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في لطائف المعارف: "ومما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات الصيام,لما فيه من ظمأ الهواجر".