أيادي طاهرة أجبان ملئها العرق شهدت عليها شوارع المحروسة بأكملها، تركوا بصمة في كل ركن بها، مهنة التصق بصاحبها وسام الشرف، بالرغم من أن بعض المرضى ينبذونها، فلولا وجود هؤلاء لأصبحت شوارعنا رثة تتزين بجميع أشكال القمامة.
تحت حرارة شمس حارقة أو قسوة شتاء بارد يستيقظ يحمل مكنسته الخشبية يجر أمامه صندوقه البلاستيكي، ليرافقاه في رحلة عمله بشوارع وأحياء المدينة الكبرى، فئة همشتها الدولة قبل الشعب، لكن بدونهم لا يمكن العيش فهم كالماس الذي لايعرفه الكثيرون معتقدين أنّه زجاج لكن فقيمته أغلى بكثير.
صورة انقسمت لشقين، الأول منها احتفالات في شوارع المحروسة، الجيع تعلو ملامح وجهه الفرحة، أب يسير بطفله وبيده بالون كبير، وآخر يفترش مع أسرته الأرض لتناول الطعام، وغيرهم يحملون آدوات للاحتفال بها، الثانية عشر مساءًا الجميع في الشوارع، الجزء الآخر من الصورة وقفوا يشاهدون مايحدث شاردين في ما حولهم الجميع يفكر في الاحتفال وهم يفكرون كيف سيجمعون ما تبقى من هؤلاء.
عجوز في الستين من عمره، حمل رفيقة دربة بيده وساره يتجول الشوارع، ينظف هنا ويجمع مخلفات المواطنون من هناك، كيس القمامة الأسود امتلأ على أشده، على بعد مترات كان صديق عمره وزميله في العمل ينتظره وضعالكيس الأسود في الصندوق وقبض كلًا منهما عليه من ناحية، وسارا شاردين، بدا عليهم آثار المرض الذي أنهك أجسادهم الضعيفة والتي لم تعد تقوى على العمل لكن فلقمة العيش من أجبرتهم على ذلك، وبالرغم من ذلك لم يراعيهم أحد من المارة الذين يأكلون ويشربون ويلقون ببقايا مخلفاتهم على الأرض ليجمعها هؤلاء.