«محو الأمية».. قضية قومية على نحو هائل من الأهمية، لكونها مستمدة من تفشي ظاهرة الجهل وتغلغلها في قرى وصعيد مصر، والتي لا تطلها أيادي العمران بشكل كبير، على الرغم من وجود قانون يتناول تلك القضية، والذي يعود إلى عام 1944 مُحددًا نطاق تطبيقه مجانًا على الشريحة السنية من 12 وحتى 45 سنة ، قبل تعديله بعد مرور 26 عامًا والذي استهدف تعليم الكبار ومحو الأمية، بواقع شريحة سنية ما بين الثامنة حتى الخامسة والأربعين من العمر، أملًا في القضاء على الأمية تمامًا من مصر.
ولكن على مدار الفترة الماضية باتت الهيئة مُعرضة للإلغاء، بعدما قدم أعضاء البرلمان، مشروع قانون يقضي بإلغاء الهيئة، التي لم تعد تؤدي المهام الموكلة إليها بشكل سليم.
في هذا السياق، قال الدكتور طارق نور الدين، ومعاون وزير التربية والتعليم الأسبق إن مجلس النواب توجه إلى إلغاء هيئة محو الأمية نظرًا لانعدام القيمة التي تمثلها، على الرغم من الملايين التي تصرف عليها بدون أي نتيجة ملموسة.
وأضاف معاون وزير التربية والتعليم الأسبق في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أنه يجب توفير حلول بديلة، حيث أنه يوجد حوالي 26 مليون مصري أمي، يمثلون 25% من عدد سكان مصر، وهذه النسبة كبيرة للغاية، مضيفًا أن الهيئة تعمل فقط على الورق، وتصرف أموالًا طائلة، متابعًا أنه من أسوأ الفترات التي مرت على الهيئة، عندما كان الدكتور محب الرافعي وزير التعليم الأسبق، على رأس قيادتها عام 2013، حيث أنه دمر الهيئة تمامًا في عهده حتى أصبحت بدون أي قيمة تُذكر.
وأوضح أنه كان هناك العديد من المبادرات التي تم عملها في وزارة التربية والتعليم في الخطة الاستراتيجية 1430، كان من الممكن أن تقضي على مشكلة الأمية في مصر لو أنه تم السير عليها، منوهًا بإطلاق مبادرات عديدة بعنوان "مدينة بلا أمية" و "محافظة بدون أمية" وفي (2014-2015) بدأت في الأقصر، وتم تنفيذها بالفعل في 6 أشهر، وكان يجب أن تتبنى الحكومة هذه المبادرات قبل أن يتم التفكير في إلغاء هيئة محو الأمية، لأنه يجب أن يكون هناك بديل للتعامل مع تلك الأزمة، وهو ما يتحقق من خلال استثمار أموال الهيئة، التي سيتم إلغائها، فالدولة لن تستطيع التواصل مع الأميين والتعامل معهم، وهذا الأمر بالغ الخطورة، ولذلك يجب أن يكون هناك آلية بديلة للتعامل معهم الإقدام على إلغاء الهيئة.
اتفق معه في الرأي، الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، الذي علق على قرار مجلس النواب بإلغاء هيئة محو الأمية، مشيرًا إلى أن المجلس اتخذ هذا القرار، بعد إجرائه دراسة تقويمية للهيئة، واكتشافه العديد من السلبيات والمشاكل بداخلها.
وأضاف الخبير التربوي في تصريح خاص لـ «بلدنا اليوم» أن ما يتم صرفه على هذه الهيئة، باعتبارها هيئة قومية تابعة للدولة ولها ميزانية، ليس في توازن مع ما تقدمه من نتائج.
وأضاف قائلًا إن الهيئة أصبحت تتسم بالبيروقراطية، ولا تمحي أمية آلاف الأميين الموجودين في مصر، كما كان مرجو منها، وتحولت بشكل أو بآخر إلى هيئة شكلية تنتظر أن توضح لها الجهات المعنية، طبيعة الأدوار المخولة إليها.
واستطرد موضحًا أنه بالرغم من كل هذه المشاكل، إلا أن مصر لا يمكن أن تظل بدون خطة للقضاء على الأمية، وكان يجب أن يوفر أعضاء مجلس النواب توضيح للخطة أو الاستراتيجية البديلة لمحو الأمية.
وتابع أنه من الممكن أن تركز الخطة البديلة على إسناد هذه العملية إلى المدارس أو الجامعات أو الجمعيات الأهلية، أو يتم حوافز لمن يعمل على محو أمية أفراد من الشعب، أو يتم عمل بروتوكول تعاون بين كل من وزارة الثقافة والتعليم والأوقاف والشباب والرياضة حتى تتعاون جميع هذه الوزارات للقضاء على الأمية، مشيرًا إلى أن وجود هيئات لمعالجة الظراهر السلبية في البلاد هو واجب قومي ووطني.