سهر الدماطي في حوار لـ"بلدنا اليوم"..
الرئيس السيسي يضحي بنفسه من أجل مواجهة المشكلات الاقتصادية
مصر ستتحول من دولة استهلاكية إلى إنتاجية
تمت مراعاة محدودي الدخل في برنامج الإصلاح من خلال عدة محاور
أزمة السياحة في مصر سياسية وأمنية
الانفجار السكاني أهم التحديات أمام الاستثمار
تتبع مصر منذ ما يقرب من الخمس سنوات خطة الإصلاح الاقتصادي التي وضعها صندوق النقد الدولي، والتي نتج عنها العديد من ردات الفعل الاقتصادية في فترة وجيزة، كانخفاض نسبة التضخم وتحرك عجلة الاستثمار، وانخفاط نسبة البطالة، وتعويم الجنيه الذي أدى إلى ارتفاعًا هائلًا في الأسعار، وتم طرح شهادة أمان المصريين التي لاقت إقبالًا كبيرًا.
أجابت سهر الدماطي، النائب السابق لرئيس بنك مصر، عن العديد من التساؤلات الاقتصادية التي تتبادر إلى الإذهان في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الوطن، وأشارت الدماطي في الحوار إلى تفاؤلها بزيادة حجم الاستثمارات في المرحلة المقبلة، ونجاح عملية الإصلاح بشكل كبير، وأكدت أن طرح شهادات الـ20% كان لها أهدافًا تحققت، وإلى الحوار..
- ما رأيك في سياسة صندوق النقد واستراتيجية الإصلاح الإقتصادي؟
وضع خطة إصلاح اقتصادي لتغطى مشكلات 50عام هي أمر غير مُسبق، وعندما يدعم هذه الخطة السيد رئيس الجمهورية فهذه تُعد تضحية منه بذاته من أجل مواجهة هذه المشكلات الاقتصادية، وهدفه الذي أشار إليه مرات عديدة وبأشكال مختلفة هو أن يُسلم مصر في نهاية خدمته وهي واقفة على قواعد اقتصادية سليمة قوية وغير مهزوزة، ومن هنا بدأت عدة إصلاحيات على محاور كبيرة جدًا.
أولًا: استراتيجية تحويل الدولة من دولة استهلاكية تعتمد على الاستيراد إلى دولة انتاجية.
ثانيًا: بدلًا من الاستيراد سنقوم بالتصنيع.
ثالثًا: استراتيجية من يملك قوته يملك نفسه.
رابعًا: النهوض بالمنتج المصري وإحلال المنتج المصري مكان المنتج الأجنبي.
خامسًا: جودة المناخ الاستثماري عن طريق تحسين البنية التحتية، وهذا يتم في البداية عن طريق الإدارة الجيدة لمنظومة الطاقة فبدلًا من الإعتماد على البترول والغاز أصبحنا نعتمد على الفحم والطاقة الشمسية بأشكالها وأنواعها والطاقة النووية إلى جانب اكتشاف حقل ظهر في هذا التوقيت الدقيق، فتلك استراتيجية كاملة متكاملة، ثم استراتيجة تحسين المناخ الاستثماري عن طريق بناء مجموعة من الطرق والكباري والمطارات وتحسين الموانئ بغرض جودة التبادل الداخلي، وتوفير تكاليف النقل والتكدس المروري والوقت،فقد تم إنشاء 7000 من الطرق و120 كوبري وعدد من الأنفاق، ومطار "سفينكس" الذي تم الإنتهاء منه وسيعلن عنه قريبًا ويتم افتتاحه، كما سيتم إنشاء مطارات في كافة المحافظات.
وتوسيع الرقعة التي يوجد بها السكان من 7000سنة، فهي خطوة هائلة، واستراتيجية تعتمد على محاور متعددة من جهات مختلفة، ومن أهم الخطوات أيضًا إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، و5مدن قبل التجمع، "المثلث الدهبي" و"جبل الجلالة" و"العالمين" وغيرهم كما تم ضخ 250مليار لتعمير سيناء، هذا من الناحية الإقتصادية، أما الذي يغلف الاقتصاد في كافة بلدان العالم هو الناحية الأمنية، فإذا أغلق مصنع نتيجة لكسور أمني ستترجم فورًا إلى خسارة مادية، وقد تمت السيطرة على هذا الجانب بشكل كبير جدًا نلحظه جميعًا بعد فترة عدم الأمان التي عانى منها كل الشعب المصري، فقد تم تشغيل شركات المقاولات مقابل هذه الشركات حوالي 82صنعة بدأت تعمل، وتشغيل مصانع الإسمنت والحديد، مما أعاد عجلة الأقتصاد للتحرك.
- في رأيك هل تم مراعاة محدودي الدخل في خطة الإصلاح الاقتصادي؟
تم مراعاة محدودي الدخل ومتوسطي الدخل بعدة وسائل، مإنشاء 600ألف وحدة إسكان، ومشروع تطوير العشوائيات، واستصلاح مليون ونصف فدان تقسم لكل فرد 10أفدنة، كما تم وصول منظومة علاج فيروسC إلى كل المحافظات، ومنظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وشهادة أمان المصريين التي تدخل كأحد دعائم الشمول المالي، والشمول المالي التي تضم كل الطبقات وتقوم بإدارج القطاع الغير رسمي إلى القطاع الرسمي، مما يعمل على تحويل مصر إلى دولة مختلفة تمامًا، فقد تم عمل كل هذا في فترة وجيزة لم تكن في الحسبان، وذهلت العالم أجمع، فأصبحوا ينظروف لمصر بشكل مختلف.
- ما هي رؤيتك حول السياسات النقدية الماضية؟ وهل حققت نجاحًا؟
لكي تقوم بعمل بنية تحتية سليمة وتشغيل المصانع والشركات بشكل اقتصادي صحيح فأولًا تقوم بضبط منظومة العُملة، تعتمد مصر بشكل كبير جدًا على استيراد المواد الخام، وبعض السلع الاستيراتيجية التي يتم استيرادها مثل الدقيق والسكر، وسلع استيراتيجة أخرى تخص مجالات الطاقة، ومن هنا تم التعارف على منظومة التعويم، ومن خلالها تم القضاء على السوق السوداء، فلم تقتصر السوق السوداء للعملة المصرية في مصر فقط بل كانت تمتد إلى دول أخرى أيضًا، فتم إدخال مبالغ هائلة إلى الجهاز المصرفي المصري لم تحدث من قبل حيث تخطت الـ30مليار دولار في عام واحد.
وذلك من خلال تحويلات المصريين في الخارج التي كانت تتجه إلى السوق السوداء قبل منظومة التعويم، كما دخلت الزيادة في حجم الصادرات إلى الجهاز المصري بدلًا من السوق السوداء، لم يكن هناك "F.B.I" استثمارات الأجانب في البورصة والأذون التي كانت قبل 2011 14مليون، وبعد 2011 أصبحت صفر، حتى تم وضع منظومة التعويم فـ تخطت الـ120مليون.
- هل تتوقعين زيادة في حجم الاستثمارات الفترة المقبلة؟
تم إزالة القيود الخاصة برأس المال وهو أساس الاستثمار في مصر، لذلك أتوقع زيادة في حجم الاستثمار ليس الأجنبي فحسب بل المحلي أيضًا، فأصبح لدينا قانون استثمار ومنظومة عُملة، فيمكن للمستثمر تحويل العائد على أمواله إلى الخارج، أيضًا تسهيل عملية دخول وخروج الأموال، يعطي أمان أكبر للمستثمر.
أيضًا التحسن في مستوى التضخم، واكتشاف حقل ظُهر سيقوم بعمل توازن لأنه يشكل ضخ عملة أجنبية، وانعكس هذا في ارتفاع الجدارة الاستثمارية لمصر من (B إلى (B)، وهي شهادة للعالم مضمونها أن مصر دولة قوية يمكنك الاستثمار بها، فقد استعادت تحسنها اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، وظهر ذلك في استثمارات الأجانب في البورصة والأذون، فكل تلك الشهادات التي حصلت عليها مصر ومن بينها شهادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشير إلى أننا على الطريق الصحيح.
كما تم إنشاء مجموعة طرق مع الدول الإفريقية لتضمن سهولة التبادل التجاري وإعادة العلاقات، وقد تم التعاقد مع روسيا لإنشاء مشاريع استثمارية على محور قناة السويس، بخلاف الجانب الصيني الذي تعاقد على إنشاء عدة مشاريع أيضًا على محور القناة، وبالتالي تضمن مورد ثابت للنقد الأجنبي.
بالإضافة إلى تسليح الجيش المصري بشكل غير مُسبق وبشكل مشرف جدًا ليصبح رقم 8على مستوى العالم، وتحديدًا في هذا التوقيت الغير أمني في منطقة الشرق الأوسط، مع كل هذا يبدو متوقعًا أن تبدأ المشاريع الاقتصادية تتحسن.
- ما هي أزمة السياحة المصرية في رأيك؟
أرى أن مشكلة السياحة ليست تسويقية بقدر أنها مشكلة سياسية وأمنية، فمصر هي البلد الوحيد الذي تسلط عليه أضواء الإعلام بشكل غير عادي، فتجد لأقل الحوادث التي تحدث في كل العالم صدى واسع جدًا، وتبدأ تشير إليها أصابع الإتهام بالأخطاء والإهمال بشكل يثير الشك حول من يحاول تعطيل الجانب السياحي من الاقتصاد المصري، لذلك فهي مشكلة سياسية أمنية، ولكن بدأت السياحة تستعيد نشاطها خاصة بعد المجهود الكبير الذي بُذل لإعادة العلاقات مع روسيا.
- كخبيرة مصرفية ما هي أهم التحديات التي تواجه الاستثمار المصري؟
من أولى التحديات هو العجز في الموازنة نتيجة منظومة الدعم المتبعة من الستينيات، وهناك خطة موضوعة لتقليل الدعم تحديدًا في مجال الطاقة، والعمل على تقليص الدين العام المحلي لتصبح نسبتة أقل من 10% إلى الناتج القومي، وهذا من أهم التحديات، أيضًا الإنفجار السكاني، لأنه يقتل أي نجاح، لصعوبة عمل اكتفاء ذاتي لعدد هائل يزداد بشكل غير عادي، وعدد موظفي المحليات الذي تعدى الـ6مليون تصرف لهم الرواتب من خزينة الدولة التي لا تمتلك كل هذا القدر لغنفاقه دون عائد أو إنتاج، وأتسائل هل هناك دولة في العالم تحتاج لكل هذا الكم الهائل من الموظفين في القطاع العام؟!
أيضًا عدد كبير من هؤلاء الموظفين يذهب إلى العمل صباحًا يمضي ثم ينصرف إلى عمل آخر و يعود في نهاية اليوم للإمضاء ثم يذهب، فبما أن الراتب الرئيسي الذي يعتمد عليه ليس من هذا المكان، إذن فوجوده بهذا المكان لأمرين فقط، وهما المعاشات والتأمين الصحي، فإذا وفرت الدولة هاتين الميزتين لجميع أفراد الدولة، من خلال وضع دراسة صحيحة وتلقى قبول ويتم الحوار المجتمعي بها، حينها فقط ستتمكن الدولة من أن تقيم ظهرها من حمل تلك الرواتب التي تقع على عاتق الموازنة العامة.
- هل هناك توقع لارتفاع التضخم مرة أخرى؟ وإصدار شهادة الـ20%؟أتوقع ارتفاع نسبة التخضم بنسبة من 3.5 إلى 5% على الأكثر، ولكن تم الاستعداد لها والتعرف على الفترة التي سيأخذها السوق لامتصاص هذا الارتفاع، هناك فائدة على الشهادات والودائع وفايدة على القروض والسندات، وعندما يتحرك البنك يتم ذلك على فائدة القروض والسندات، وإصدار شهادة الـ20% كان لها عدة أهداف.
أولًا: تمتص السيولة الموجودة في السوق.
ثانيًا: الهامش بين فرق العملة على الجنيه المصري أعلى من الفرق على العملات الأجنبية.
ثالثًا: استقطاب التحويلات الخارجية، ومن ثم تحويل الدولارات داخل الجهاز المصرفي ويضعها في شهادة العشرين، التي تعد أحد وسائل القضاء على السوق السوداء، والآن تم توفير العملة وانخفضت نسبة التضخم، إلى جانب أن هذه الشهادة تكلف البنك 23.5 إذن الاستمرار في هذه الشهادة خطأ.
- هل تتوقعين ارتفاعًا في أسعار برميل النفط؟
نعم، يمكن أن يحدث ارتفاعًا يصل إلى 78دولار للبرميل، ولكن على الجانب الآخر سيقوم حقل ظهر بعمل توازن كبير، فارتفاع سهر النفط يؤدي إلى ارتفاع كافة الأسعار وحدوث مشكلة للنقد الأجنبي أيضًا، لكن وجود حقل ظهر سيساهم بشكل كبير جدًا في تقليص المشكلة.
- هل ترتفع قيمة العقارات نتيجة لزيادة أسعار النفط؟
لا، بشكل عام لا تتعدى نسبة المحروقات إلى إجمالي تكلفة الصناعة في مصانع الحديد الـ7% وعندما تزيد بشكل غير عادي لن تتعدى الـ10% وبناءًا عليه لن يؤثر هذا على زيادة أسعار العقارات، ولكن بشكل آخر وهو ارتفاع الطلب على الاستثمار في العقارات الفترة المقبلة، نتيجة عدم وجود شهادة الـ20% وتوقع حدوث زيادة في التضخم، مما سيجعل المستثمر يتجه إلى "الذهب أو العقارات أو أذون الخزانة أو الشهادات أو البورصة"، وأكثر هذه الخيارات احتوائًا للتضخم هو مجال العقارات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نتيجة لارتفاع الطلب، ولكن الزيادة ستكون بشكل طفيف أيضًا.
- هل يمثل الدين الخارجي خطورة على الوضع الاقتصادي؟
عندما تقوم الدول بطلب قروض لابد من تقديم مصادر لسداد هذا القرض إلى المؤسسة المانحة، فإن كانت لا تملك مصدر سداد لن تقوم المؤسسة بإعطاء القرض؛ فلا يوجد خطورة أبدًا لعدة أسباب:
أولًا: اجمالي التدفقات النقدية الدولارية عالية جدًا من الخمسة جهات المدرة للعملة.
ثانيًا: معظم هذه القروض تمويلات طويلة الأجل.
ثالثًا: نمتلك احتياطي نقدي بالبنك المركزي كبير جدًا يغطي أكثر من 7شهور.
رابعًا: نسبة الـ81% من جهة واحدة وإجمالي الناتج القومي في الحدود الآمنة.
- كيف ترين فكرة شهادة أمان المصريين؟
شهادة أعتز بها شخصيًا وأشكر سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذه الفكرة، لأول مرة يتم التفكير في هذه الفئات مثل العمالة المؤقتة، أو الرجل و السيدة الذين يمثلوا العائل للأسرة.
فهذه الشهادة تعني ضمان استمرارية تمويل هذه الأسرة في حالة وفاة عائلها سواء عن طريق حادثة أو وفاة طبيعية، ويضع الخيارات أمام الأسرة من حيث استلام المبلغ كاملًا أو تحويله إلى معاش سنوي من 5 إلى 10سنوات، ثم على الجهة الأخرى أصبح هناك منتج بين البنوك وبين شركات التأمين، للوصول لهذه التوليفة وتغطية الشهادة بالكامل دون دفع أقساط، وإضافة فائدة تراكمية تحصل عليها الأسرة في شكل معاش أو دُفعة واحدة، أنا أراها من أقوى الأفكار في الشمول المالي على الإطلاق.