جلس العشرات على كراسي بعضها متهالك وأخرى تحاول الصمود، تمكن المرض من بعضهم وعلا الحزن ملامح آخرين، الجميع هنا في انتظار دوره، كلا منهم جاء من محافظة مختلفة يتجمعون هنا في تلك الغرفة الصغيرة، أحدهم شد رحاله ليلا من بلدته الصغيرة في أقصى شمال مصر، ليصل مبكرا وآخر كان يقطن بالقرب من المستشفى، تلك الغرفة الصغيرة التي امتلأت بمرضى الفشل الكلوي هي الأخرى لم تعد تتحمل المزيد، فلا أجهزة ذو كفائة أو حتى علاج متوفر.
لم يكن الانتظار في المستشفى هو الأصعب على هؤلاء البسطاء لكن كانت جملة "المحلول خلص تعالوا بكره" هي من كانت أشد ألما من ألم المرض، وكأنّ هذا المسلسل لن تنتهي حلقاته بعد جاء على أمل العلاج فسبقه غيره إليه لينتظر دورا جديدا غدا عسى أن يأتي الفرج ويمنحه الله العون أن ينال الدواء ليعود إلى صغاره دون أن يتألم.
حسب آخر إحصائية صدرت عن الجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكلى، فإنّ عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر قد تجاوز نحو 77 ألف مريض بينهم 60 ألفا فقط على قوائم الانتظار ويحتاج كل واحد منهم إلى 13 جلسة شهريًا على أقل التقديرات بواقع 3 جلسات أسبوعية.
مبادرة الرئيس
استمرارًا للمبادرات التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في محاولة منه لضمان حياة كريمة لأبناء الشعب المصري، خالية من الأمراض التي لطالما أرقت أجبانهم جميعا وعلى رأسهم فيرس سي والتي انتهى منه واستطاع من خلال إحدى مبادراته القضاء عليه، حتى أطلق مبادرة أخرى للقضاء على مرض الفشل الكلوي تحت عنوان "1000 وحدة غسيل كلوي".
الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، تحدّث عن أنّ تلك المبادرة كانت لفتة قوية وإنسانية من الرئيس عبدالفتاح السيسي، خاصة وأنّ وزارة الصحة لم تبادر هي بإطلاق مثل تلك المبادرات نتيجة السياسات الطويلة التي تنتهجها الوزارة وتسير وفقا لها كونها غير قادرة على تحمل نفقات مثل تلك المبادرات، كما أن هناك فرقا كبيرا بين مبادرات وزارة الصحة التي تتخذ وقتا طويل الأمد، بخلاف مبادرات الرئيس وصندوق تحيا مصر.
المبادرة لم يطلقها الرئيس صدفة لكنّ الدولة المصرية شعرت بوجود مشكلة كبرى تجاه هذا المرض، فقررت تسخير العديد من إمكانياتها لصالح مرضى الفشل الكلوي كما فعلت مسبقا لصالح مرضى فيرس سي، المبادرة أيضًا وفقا لما تحدث به محمود فؤاد في تصريح خاص لبلدنا اليوم، ستبدأ بالقيام بعملية مسح طبي شامل في جميع أنحاء الجمهورية والبدء في عملية تقليل قوائم الانتظار.
يعد الغسيل الكلوي هو المصدر الأول للعدوى "بفيرس سي" نتيجة تكدس المرضى وعدم وجود صيانة بسبب استخدام الأجهزة لقترة طويلة ، وعدم تغيير الفلاتر بشكل دورى ،كل تلك الأسباب كانت كفيلة للإصابة بفيرس سى، لذلك أطلق الرئيس مبادرة " 1000وحدة" للسيطرة على المرض وإعطاء المستشفيات الفرصة لأعمال الصيانة اللازمة، بحسب حديث الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء.
الآلاف يموتون سنويّا بسبب المرض
مايقرب من30%من مرضى الفشل الكلوى فى مصر يموتون سنويا فى حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض %7 هذا ما كشفته أحدث الاحصائيات ، كما كانت سعر الغسلة الواحدة 200ثم زادت قبل شهور إلى 400 جنية شهريا ويبلغ تكلفة العلاج خلال السنة ما يقرب من 40000 جنية .
وتقدر معدلات الإصابة بالمرض بـ 74 شخصا لكل مليون نسمة، والعدد الكلى للمرضى الذين يخضعون للغسيل الكلوى بمصر هو 264 شخصا لكل مليون نسمة .
الدكتور إيهاب طاهر، أمين عام نقابة الأطباء، ذكر أن المبادرات التى يطلقها الرئيس هى مبادرات جيدة، وتعمل على حل بعض جوانب المشكلات المتواجدة فى المنظومة الصحية ، ولكن نحن نحتاج أن نوجد مبادرة شاملة تحل جميع المشكلات ومنهم وحدات العناية المركزة وغيرها من الأزمات التي تواجه القطاع الصحي في مصر، كإصلاح احوال مقدمى الخدمة الطبية من الأطباء والممرضين، لأنه بدون إصلاح العامل البشري لن نتقدم بأي مبادرة قادمة .
فبعدما أعلن الرئيس عن أنّ عام 2019 عام مقدمى الخدمة الطبية، انطلقت عدة المبادرات ومن ضمنهم مبادرة فيرس سى، التى شملت أول مسح طبى هائل بهذا الشكل الذى حدث، وكانت المبادرة أيضا لأمراض الضغط والسكر والوقاية والعلاج المبكر، وتلتها مبادرة "نور حياة" لأمراض العيون خاصة أطفال المدارس، والتي تعمل على الكشف المبكر على أمراض العيون، لأنّ هذا الأمر من شأنه أن يحسن فرص العلاج، وفقا لما تحدّث به الدكتور إيهاب الطاهر في تصريح خاص لبلدنا اليوم.
وتابع أمين عام نقابة الأطباء، في نهاية حديثه، أنّ المبادرات توفر على الدولة مستقبلا تكاليف أكتر إذا حدث مضاعفات نتيجة تلك الأمراض المنتشرة.
معدلات الوفاة :
وتتراوح معدلات الوفاة بين مرضى الفشل الكلوى من 20- 25% سنويًا من إجمالى المصابين بالمرض أى ما يعادل 12.5 ألف مريض، وهو ما يوازى 30 - 50 ضعف نسبة الوفيات بين الأفراد العاديين، وأوضحت إحدى الدراسات أن أكثر من 50% من المرضى يقعون فى الفئة العمرية من 20-50 عامًا، كما أن ربات البيوت والعاطلين عن العمل هما أكثر فئتين معرضتين للمرض مقارنة بالموظفين، حسب آخر إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
حاولنا التواصل مع الدكتور محمد عزمي، مستشار وزيرة الصحة، والذي رفض الحديث بشأن أي من تلك المبادرات، كما حاولنا التواصل مع الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والذي لم يرد على هاتفه .