"غطاس المجاري" يواجه الموت بجرأة ويحلم بمقابلة "السيسي"

الاثنين 28 يناير 2019 | 11:54 مساءً
كتب : مروة الفخرانى

يقف متأهبًا لمواجهة مصيره الغامض، دون أن يعي ما قد يواجهه في الظلام الدامس، يرتدي بزّته السوداء، حاملاً معداته للبدء في رحلته بأعماق المياة الراكدة، أملاً في إتمام مهمته بنجاح، ودون أضرار.

"الناس تقف تبص عليا، وبتشيد بشغلي وتدعيلي، وبعضهم بيغمروني بالمحبة، فيعزموني على الغدا"، هكذا يستقبل أبناء المنطقة التي تعاني مجاريها من انسداد، محمد أحمد عبد الوهاب، غطاس المجاري في الشركة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي، بعد يوم شاق، في تسليك البالوعات مما كان عالق بها، تعبيراً عن احتفائهم بما يقوم به من عمل متفرد.

يتذكر الحاصل على ليسانس الحقوق، بدايته حينما جاء من محافظة الإسكندرية إلى القاهرة، للبحث عن عمل، وهو محمّل بشهاداته الخاصة في التدريب السياحي والتجاري في الغوص، "في رحلة البحث عن عمل، لقيت شغل في شركة المياة، قالولي تشتغل في الصرف الصحي، فكنت أول غطاس مجاري في 2009".

بمجهوده وهمته العالية وحبة لمهنته، كان السبب في إنشاء إدارة خاصة بالغوص في الشركة، "بقيادة العميد شحاتة درة، عملنا دارة في 2014، للغوص، وهي الثانية في العالم والأولى في الشرق الأوسط والدول العربية"، قوامها خمس أفراد، من حملة المؤهلات العليا".

حينما يستعد غطاس المجاري، للنزول تبدأ رحلته في طقوسه المعتادة مع كل بالوعة، "أول حاجة لازم أكون مأمن نفسي بحزام الأمان، وأعرف عمق المية وسرعة التيار، لأنهم بيحددوا نوع الأدوات اللي هشتغل بها تحت في المجاري، وطبعا بقيس وجود الغازات في المية، عن طريق مظاهر الحياة للحشرات"، لافتاً إلى وجود 3 أنواع من الغازات الضارة في البالوعات، "الميثان وكبريت الهيدروجين، وغاز الكبريت"، والتي يؤدي معظمها إلى الوفاة.

لا يشعر محمد أحمد، بأي حرج من مهنته، بل يشعر بالفخر كونها مهنة تتوقف الحياة في أي مكان بدونها، كما أنه لا يهاب الموت بسببها، "الغلطة في شغلنا بتؤدي يا وفاة أو شلل أو نزيف، علاوة على العامل النفسي، والتعامل مع الغازات، وعلشان كدة إلي بينزل لازم يكون متدرب كويس جداً، ومأهل نفسه للي ممكن يقابله في أعماق البالوعات".

ونفى بطل المجاري، كما أطلق عليه البعض، أن تكون بزته التي يرتديها السبب في عدم إصابته بالأمراض، "القصة مش بدلة، لكن الأهم إن الغطاس بيحتاج لتأهيل نفسه، والتعامل مع مخاطره، هو والغازات، علشان كده فيه تدريبات لقتل الهوس في الفكر والوسواس القهري، علشان تخلي الغواص آلة ينفذ الشغل وخلاص".

"أنت سايب البحر وجاي تنزل في المجاري"، كانت من ضمن الكلمات المتكررة التي يواجهها محمد بجرأة وتحدي، "بحاول باستمرار التأقلم مع صعوبات المهنة وأبقى جرىء، وأتحدى سخرية الآخرين، ودي أصعب حاجة"، وعن مصاعب العمل، " طلعنا مرة نخل، من أحد الانفاق، واصعب حاجة التعامل مع شدة تيار المياه، فهناك التيار المنخفض، الغلطة فيه بموت".

قرر محمد، التميز في عمله، كونه ارتبط به، فكان الدافع له للحصول على المزيد من الدورات، على حسابه الشخصي، "الدورات بخدها على حسابي، لأني قررت أتميز في المجال، بالغطس في الصرف الصحي، بأسلوب علمي"، ومع تجربته القاسية مع معاهد التدريب المزيفة، في الغطس، قرر مناشدة مساعد وزير التعليم الفني، "لازم نعمل قسم للغوص في التعليم الفني، لأني من ضمن الناس الي اتنصب عليها في تدريب الغطس، فيه ناس فاتحة مراكز بتاخد فلوس، وهي مش معتمدة، في الدول الاوروبية والدورة 200 ألف يورو، فلما يكون عندنا ناس مؤهلة وبيدربو ولادنا ده هيكون مفيد".

ولأن الصرف الصحي يمس البنيه التحتيه لأى دولة، لم يقف غواص المجاري، عند حد كونه عمل يكسب منه قوت يومه، بل أصبح طموحه وحلمه يتمحور حول مهنته، "قدمت مقترح في رئاسة الجمهورية، أننا محتاجين نساعد الاقتصاد المصري، بإرسال جزء من عمال الصرف الصحي كاعارة للخارج، وبالتالي هيتم تحويل المرتبات فى البنوك المصرية، وضخ عملة صعبة داخل البلاد".

وعن حلمه تابع:" بحلم أن رئيس الجمهورية يتبني فكرتنا، ويسمع صوتنا، إحنا مش عاييزين زيادة في المرتبات، ولكن بنسعى نجيب دخل للبلد، وأنا من الشعب وبطالب مقابلته والخطابات التى ارسالتها لحضرتك دى من رئاسة الجمهورية تم تحويلها إلى رئاسة الوزراء والمواضيع بتنام فى الجهات المعنية، فهل من أجل المصالح شخصيات يتم قتل الأفكار والصعود على جثث الشباب".

اقرأ أيضا