”كراتين الموتى بالمستشفيات”.. لم يمتلك ثمن التابوت فكفنت طفلته في علبة ورقية

السبت 22 ديسمبر 2018 | 03:01 مساءً
كتب : سارة أبوشادي

اسمها "الحياة" لكنّها كانت باب للموت القذر، قضت تسعة أشهر آمنة مطمئنة لم تعتقد أنّ لحظاتها الأولى ستكون بتلك القسوة، دقائق فقط مكثتها هنا لكنّها أبت أن تظل ورحلت صامتة دون معاناة، فما وجدته في تلك الدقائق كانت كفيلة أن تدعم قرار رحيلها.

 

بجانب السور وعلى كرسي متهالك، كرتونة لم تتجاوز السنتميرات الصغيرة مغلقة بإحكام، وكأنّ بداخلها شيئ ثمين، بعضًا من الطعام أو حتى نوعًا من مخلفات الأدوات الطبية، لكن المفاجأة كانت قاسية، فالصورة بدت واضحة الآن، سيدة عشرينية تجلس لا تكف عن البكاء، بجوارها شاب يحاول تهدئتها تنظر إلى الكرتونة وكأنّ حياتها ترقد هنا بداخلها.

"عمرا قصير وكنا عارفين انو بدا تموت" طفلة لم تتخطى ساعة من عمرها، أخبر الطبيب والديها بسطاء الحال بعد الولادة بساعة  أنّ روحها قد فاضت إلى بارئها، الوالدان كانا يعلمان أنّ طفلتهم في حالة خطيرة منذ أن كانت جنينا، لكنّهم كانوا متمسكين بالأمل والدعاء، حتى خرجت للنور لتقرر الرحيل على حين غفلة من أمرهم.، وحتى هذه اللحظة كانت الأمور تسير بشكل طبيعي وفاة طفلة بداخل مستشفى الحياة بلبنان،  فيوميا ما يتوفى أطفال بمستشفيات حول العالم.

 

"الطفلة راحت وما في شي تاني بينقال".. انتظر الأب والأم وعدد من أقاربهم أمام ثلاجة المستشفى في انتظار خروج فلذة كبدهم، الحزن كسى الوجوه وذرفت العيون بالدموع، تفاجأ الحاضرون بخروج إحدى الممرضات تحمل بيدها كرتونة صغيرة تقف أمامهم وتخبرهم أن يحملوا طفلتهم، كانت الصدمة قوية على الأب والأم كيف يتم وضع صغيرتهم هكذا بداخل كرتونة وكأنّها حيوان بلا قيمة، لكن كان مبرر المستشفى الوحيد "لم تدفع ثمن صندوق الموتى".

وذاع خبر تسلم أسرة لبنانية لطفلتهم المتوفاة بداخل مستشفى الحياة في صندوق ورقي، الجدل في  أنحاء لبنان، خاصة وأنّ المستشفى بررت ما حدث بأنّ الوالد لم يمتلك المبلغ الكافي لوضع طفلته بداخل براد المستشفى أو حتى وضعها بتابوت، وكأن الفقراء يعيشون ويموتون مهمشين بلا رحمة .

 

مستشفى الحياة بلبنان، خرجت في محاولة منها للدفاع عن نفسها، فأعلنت أنّها لم تكن المرة الأولى التي تقوم بهذا الأمر بل هو شيئ طبيعي، وليست مستشفى الحياة الوحيدة التي تقوم تفعل ذلك، بل عدم قدرة الوالدين على دفع ثمن تابوت، تجبر جميع المستشفيات على اعتماد هذه الطريقة، وإن كانت قاسية، إلا انها تبقى أفضل وأرحم من تسليم جثة الطفل على مرأى من الجميع.

 "فسيظل الفقر هو المجرم الحقيقي في كل الروايات... لقمة تذل طالبيها، يعيشون يعانون منه يتمنون الموت، وحينما تتحق أمنيتهم ترافقهم المعاناة أيضًا حتى خروج الجسد نهائيّا من هذا العالم".

 

اقرأ أيضا