«اسمك بهت.. وكأن عمره ماكان.. اتباع كأنه بضاعة في الدكان.. في الانفتاح على عورة الأوطان.. آدى الجناة أبرار وأنت الخاطى».. وقف بمفردة في الساحة بطل، كتب اسمه فى قائمة البطولات العسكرية، ليس على المستوي المصري فقط، وإنما على المستوي العالمي، لما حققه من إنجازات فى حرب أكتوبر، فاستطاع بمفرده إسقاط 30 دبابة ومركبة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، فصنف بـ«صائد الدبابات».
«محمد عبد العاطي»، ها هو الرجل الذي تحدثت عنه جميع صحف العالم عن بطولاته، وسجلته الموسوعات الحربية أشهر صائد للدبابات في العالم، فكان نموذجًا للمقاتل العنيد الشجاع الذي أذاق عدوه مرارة الهزيمة، خاصة وأنه أول فرد فى مجموعته يعبر خط برليف، ولذلك فكانت الإذاعات الإسرائيلية هو أول من أذاعت خبر وفاتة عام 2001، وهي فى كامل سعادتها بطريقة من الشماتة تصحبها البهجة.
نيران مشتعله دخان كثيف يعلو في سماء المكان، أشلاء جثث متناثرة هنا وهناك، من بعيد كانت ملامحه مختفية من أثار الرماد لكنّه كان يقف في وسط النيران بدا الانتصار على ماظهر من ملامح وجهه، لحظات معدودة ورفع راية النصر، الراية التي سار في طريق الموت لأجل الوصول إليها، كلمات لا نكاد نسمع لها أو حتى نشاهدها إلى في الأفلام السنيمائية أن يقتل شخص بمفردة العشرات، أو حتى قصة البطل الخارق جميعها كانت من وحي خيالنا لكن الحقيقة أنّ ما نتحدّث عنه فهو واقع.
"هوك".. صاروخ من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات والتي وصلت الجيش فى ذلك التوقيت، والذي تخصص فيه البطل العنيد، خاصة وأنه كان يحتاج إلي نوعية خاصة من الجنود، نظرًا لما تتطلبه عملية توجيه الصاروخ من سرعة بديهة تعطي الضارب قدرة على التحكم منذ لحظة إطلاقه وحتى وصوله إلى الهدف بعد زمن محدود للغاية؛ لذلك كانت الاختبارات تتم بصورة شاقة ومكثفة.
قبل الانتهاء من مرحلة التدريب النهائية انتقل الجندي عبدالعاطي إلى الكيلو 26 بطريق السويس، لعمل أول تجربة رماية من هذا النوع من الصواريخ في الميدان ضمن مجموعة من خمس كتائب، وكان ترتيبه الأول على جميع الرماة، واستطاع تدمير أول هدف حقيقي بهذا النوع من الصواريخ على الأرض.
ويقول عبد العاطي فى مذكراته: كنت أتطلع إلى اليوم الذى نرد فيه لمصر ولقواتنا المسلحة كرامتها وكنت رقيب أول السرية وكانت مهمتنا تأمين القوات المترجلة واحتلال رأس الكوبرى وتأمينها حتى مسافة 3 كيلو مترات، مما انتابته موجة قلق فى بداية الحرب فأخذ يتلو بعض الآيات من القرآن الكريم، وفى 8أكتوبر كانت البداية الحقيقية للمواجهة حيث تم إطلاق أول صاروخ على أول دبابة وتمكن من إصابتها، ، وبلغ رصيده فى ذلك اليوم تدمير 7 دبابات في نصف ساعة، ومع تلك الخسائر الضخمة قررت القوات الإسرائيلية الانسحاب واحتلت القوات المصرية قمة الجبل وأعلى التبة.
وفى اليوم الثاني على التوالي ومع تحرك 190 مدرعة اسرائيلية وبصحبتهم مجموعة من القوات الضاربة والاحتياطى الإسرائيلى، قال "صياد الدبابات" فى مذكراته " وعلى الفور قرر العميد عادل يسرى الدفع بأربع قوات من القناصة وكنت أول صفوف هذه القوات، وبعد ذلك فوجئنا بأننا محاصرون تمامًا، فنزلنا إلى منخفض تحيط به المرتفعات من كل جانب، ولم يكن أمامنا سوى النصر أو الاستسلام ونصبنا صواريخنا على أقصى زاوية ارتفاع، وأطلقت أول صاروخ مضاد للدبابات وأصابها فعلا وبعد ذلك توالى زملائى فى ضرب الدبابات واحدة تلو الأخرى، حتى دمرنا كل مدرعات اللواء 190 عدًا 16 دبابة تقريبًا حاولت الهرب، فلم تنجح وأصيب الإسرائيليون بالجنون والذهول وحاولت مجنزرة إسرائيلية بها قوات كوماندوز الالتفاف وتدمير مواقع جنودنا إلا أننى تلقفتها ودمرتها بمن فيها وفى نهاية اليوم بلغت حصيلة ما دمرته عند العدو 27 دبابة و3 مجنزرات إسرائيلية".