نهضت الطفلة من على فراشها مسرعة، بدا الأرق على عيناها الصغيرتين، كانت تختبئ في حضن والدتها طوال الليل لم تنال قسطّا من الراحة جيدّا، فأصوات صواريخ الاحتلال على مدينتها لم تتركها تخلد للنوم، السابعة صباحّا، أيقظت أمها لتساعها على ارتداء ملابسها حملت الحقيبة أسرعت في الخروج، كانت الفرحة تعلو ملامحها فالطفلة ذات الأربع سنوات تشتاق لمقابلة رفقائها في الروضة خاصة بعد قضائهم يوم عطلة في المنزل لم تدري الصغيرة أنّها ستقضي مزيدّا من الأيام في عطلة.
غبار كثيف يغطي المكان، ركام هنا وهناك، لعبة صغيرة أخفى التراب ملامحها، وأخرى تساوت بالأرض، أقلام تناثرت في كل مكان، وقفت الصغيرة والدموع تتساقط من عينها دون حديث، سألت أمها ماذا حدث لورضتها أين أصدقائها، لما كل هذا الدمار، عادت الطفلة إلى المنزل تئن في صمت، فلم يكفي الاحتلال أنّ اغتصب أرضها وقتل شباب وطتها بل أيضّا مستمر في تدمير طفولتها، وقتل ذكرياتها مع رفقائها شهورّا قضتها بداخل هذا المكان، بعد قصفه لروضتها الصغيرة.
إسرائيل تدمر روضة للأطفال بغزة
"بالأمس القريب كنا ننتظر أطفالنا على بوابة الروضة صباحاً ونستقبلهم.. لكن اليوم "إسرائيل" دمرتها وحولت المكان لركام كبير".. الخامسة فجرّا كان القصف قويّا، وضربات الاحتلال تُحاول إهدار المزيد من دماء الأبرياء العزل، صراخ أطفال واستغاثة شيوخ، الجميع استعد للموت ليلة أمس، أم تحتضن صغيرها وأب يُحاول تهدئة أبنائه، وشيخ لم يمل من قراءة القرآن، الجميع في تأهب.
إحدى البنايات بوسط غزة كان القصف قريبّا منها، تفاجأ قاطنيه بمحاولة قصفه لما يقرب من 9 صواريخ تحذيرية وتلاها صاروخان من طائرات الـ ف16، ولم يترك المبنى حتى أجهز عليه بالكامل، دقائق وحتى اتضحت الرؤية ، ما تم قصفه هو مبنى مدني وبداخله روضة أطلق عليها روضة شهد للأطفال" .. وهي روضة تأوي المئات من الأطفال لا ذنب لهم، ولكن الحقيقة الوحيدة هي أن روضتهم قد سويت في الأرض.
إدارة الروضة خرجت لتتحدّث إلى الأطفال المئات من أبنائها، فكتب على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك" بالأمس ننتظر أطفالنا على بوابة الروضة صباحاً.. في صباح هذا اليوم انقلبت الصورة إلى هذا المشهد".
ثمانية عشر عامّا منذ إنشاء تلك الروضة جمعت بداخلها الكثير من أبناء فلسطين، تصدت طوال تلك السنوات لصواريخ الاحتلال ، لكنّها اليوم باتت أشبة بمجرد حجارة ودفنت أسفلها ذكريات مئات الأطفال الذين قضوا شهورّا بداخلها.
وقصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منذ أمس، وحتى صباح اليوم ، 8 مباني مدنية وسط قطاع غزة ومؤسسات إعلامية ورسمية، أبرزها مبنى فضائية الأقصى في حي النصر، وبناية فندق الأمل غرب غزة.