من جديد شهدت الساحة العالمية خلال الأيام القليلة الماضية هجومًا حادًّا بين الولايات المتحدة وإيران، وتحديدًا بعد إعلان ترامب عن اقتراب تنفيذ المرحلة الجديدة من العقوبات الأمريكية على طهران، في حين أنّ الجانب الإيراني يبذل مزيدًا من الجهد في محاولة تنفيذ تلك العقوبات.
الأمر لم يقتصر فقط على فرض عقوبات، بل إنّ الاضطراب الداخلي الإيراني قد زاد الوضع سوءًا، لذا عاد النظام الإيراني إلى الدعاية الداخلية مرة أخرى لمواجهة التململ الشعبي من سياساته التي نتج عنها إعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران، ليعلن بدء إنتاج الطائرة المقاتلة المحلية "كوثر" على نطاق واسع.
وقال وزير الدفاع أمير حاتمي في مراسم بثها التلفزيون بمناسبة بدء إنتاج الطائرة، "قريبًا سيجري إنتاج العدد المطلوب من هذه الطائرة وستوضع في خدمة القوات الجوية".
وكشفت طهران في أغسطس الماضي عن أول مقاتلة محلية الصنع بنسبة 100 في المئة أطلقت عليها اسم "كوثر"، لكن خبراء غربيين كشفوا أنها ليست سوى نسخة مقلدة من طائرة "إف 5" تايغر الأمريكية المخصصة للتدريب.
واشترت إيران مقاتلاتها من طراز "إف-5" من الولايات المتحدة قبل اندلاع الثورة الخمينية في 1979 ولا يزال لديها 48 في الخدمة، وفق آخر التقديرات الصادرة عن مؤسسة "جينز-آي اتش اس ماركيت".
وقال موقع "ذا أفييشنست" المتخصص في الطيران، إن إيران ليست جديدة على مثل هذه الادعاءات، مسترجعًا ذكرى الطائرة المقاتلة "القاهر إف- 313"، وهي طائرة لم تكن أكثر من مجرد "مجسّم" بتصميم سيئ لا يمكن أن يطير إلا إذا تم تحسينه بشكل كبير، وفقًا للموقع.
وأضاف الموقع واصفًا مقاتلة "القاهر": "كانت الطائرة صغيرة للغاية لدرجة أن قمرة القيادة الخاصة بها لا يمكن أن تناسب الإنسان العادي".
وختم الموقع مقاله التحليلي مؤكدًا أن أحدث الادعاءات الإيرانية حول "طائرات الجيل الرابع المتقدمة الجديدة" لا تعتمد على طائرة حقيقية ذات قدرات حقيقية، وإنما تبدو أكثر "كدعاية ترويجية محلية".
وتحطمت مقاتلة إيرانية جنوبي البلاد، في 26 أغسطس الماضي، ما أسفر عن مقتل الطيار، في حادث يأتي بعد أيام من كشف طهران عن "كوثر".
ويتكرر أمر سقوط الطائرات الحربية الإيرانية؛ نتيجة الصعوبات التي تواجهها طهران في تطوير سلاح الجوي؛ نتيجة العقوبات.
ومن المقرر أن تفرض الولايات المتحدة في الخامس من نوفمبر حزمة ثانية من العقوبات على إيران، تستهدف قطاعات حيوية في الاقتصاد الإيراني، من بينها النفط والجهاز المصرفي، في إطار استراتيجية أمريكية رامية إلى شل قدرة النظام في طهران على مواصلة أنشطة زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
ويواجه النظام غضبًا شعبيًا وشكوكًا واسعة في الداخل إزاء قدرته على مواجهة العقوبات الأمريكية والتي أدى مجرد الحديث عنها إلى انهيار تام في العملة المحلية.
واعتاد النظام الذي يحكم البلاد على مدار أربعة عقود على الدعاية العسكرية لإظهار قوته، مثل إجراء المناورات والاختبارات الصاروخية أو الإعلان عن أسلحة جديدة، يثبت فيما بعد أنها مجرد مجسّمات مزيفة.