توفيق الحكيم.. الأديب الذي تمرّد على عائلته ورفض الثراء بحثّا عن المسرح

الثلاثاء 09 أكتوبر 2018 | 11:42 صباحاً
كتب : بلدنا اليوم

«كن طبيعيًا تجد نفسك» كان رائدّا للمسرح العربي، ترك بصمة واضحة على الساحة الأدبية في كل أرجاء المحروسة، تنقلت قصصه بين أذهان العامة قبل المثقفين، رحل ولكن ما زالت كتبه تتناثر على أرفف المكتبات وبجوانب الشوارع، فهو مَن أعاد الروح للأذهان، اليوم، وفي التاسع من أكتوبر يحل ذكرى ميلاد الروائي والكاتب، توفيق الحكيم.

 

نبذة عن حياته

وُلد توفيق الحكيم في 9 أكتوبر من عام 1898 في مدينة الإسكندرية في مصر لأسرةٍ ثرية من ملاكي الأراضي، وكان والده قاضيًا في الإسكندرية، فأظهر منذ صغره حبًا وولعًا بالآداب، حيث بدأ بارتياد المسارح وحضور العروض للممثلين الشهيرين من أمثال جورج أبيض.

 

كتب في العديد من المجالات مثل القصص القصيرة، المقالات، كما كتب كلمات لأغانٍ وطنية، ودخل بعد ذلك كلية الحقوق في جامعة القاهرة، لكنّه لم يبلِ جيدًا فيها، وانتقل لدراسة اللغة الفرنسية.

 

كان شغوفّا للكتابه، فبرغم اعتراض أهله على كونه محبا للاتجاه للأدب، خاصة أنّ عاداتهم وتقاليدهم ترفض هذا الأمر، إلّا أنّه بدأ الكتابة باسم مستعار "حسين توفيق"، ليبعد العار عن عائلته.

 

قضى الحكيم فترة ثلاث سنوات من حياته في باريس؛ حيث حصل على شهادة الحقوق في عام 1925، لكنّه لم يوفّق في الحصول على وظيفةٍ حكومية في ذلك الوقت، وشجّعه صديق والده السياسي الشهير أحمد لطفي السيّد على دراسة الحقوق في فرنسا والحصول على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون، لكنّه عمل في تلك الفترة على تحضير نفسه ليعمل في مجال المسرح، وبالرغم من عدم دراسته في كلية مسرحية رسمية، إلّا أنّه قضى الكثير من الوقت مستغرقًا بقراءة المسرحيات وحضور العروض المختلفة.

 

عانى الحكيم من صدمةٍ ثقافيةٍ عكسية عندما أجبره والده على العودة من باريس إلى مصر، ونجد ذلك جليًا في حنينه إلى السنوات الجميلة التي قضاها في باريس.

 

عمل عند عودته إلى مصر نائبًا للمدعي العام، وانتقل بين مختلف الأقاليم المصرية في الفترة الممتدة بين 1928 و1934، واستمد إلهامه لروايته الشهيرة "يوميات نائب في الأرياف" التي نُشرت في عام 1937 من هذه التجربة. أصبحت هذه الرواية من الروايات الخالدة في الأدب كونها الأولى من نوعها التي تستكشف الفروقات بين عقلية المصري الفلاح وبين الموظفين القانونيين العاملين في سلك القانون.

 

تزوج الحكيم وأنجب ابن وابنة، توفيت زوجته في عام 1977، وتوفي ابنه في حادث سير عام 1978، ولم يبقَ له سوى ابنته الوحيدة لحين وفاته في عام 1987

 

توفيق الحكيم وعودة الروح

شهدت الفترة الممتدة بين ثورة 1919 في مصر ضد الحكم البريطاني وبين الانقلاب العسكري عام 1952 تطورًا واضحًا في الأدب المصري الحديث في الدراما والرواية والقصص القصيرة، وتُعتبر رواية الحكيم التي صدرت عام 1928 بعنوان "عودة الروح" كلاسيكية خالدة حيث تنبأت بثورة جمال عبد الناصر، واعتُبرت الرواية التالية للحكيم "عودة الوعي" الإشارة الفكرية للرئيس أنور السادات، ورفض واضح للحركة الناصرية، أثارت هذه الرواية جدلُا كبيرُا عندما نُشرت لأول مرة في مصر والعالم العربي الأجمع، على اعتبار الحكيم من الدائرة الضيقة المحيطة بالحركة الناصرية وشغله لمناصب ثقافية رفيعة مثل ممثل مصر في وكالة اليونيسكو (UNESCO) خلال فترة حكم عبدالناصر.

 

سبب كرهه للمرأة

 

تطرقت بعض مسرحياته الأولى إلى الأسئلة المتعلّقة بتحرر المرأة، وكانت مسرحيته "المرأة الجديدة" نوعًا من المحاكاة الساخرة للحركة المتصاعدة التي كان قائدها "قاسم أمين". وعُرف الحكيم بعد هذه المسرحية وغيرها من المسرحيات الجدلية بأنّه عدو المرأة، وحاول طيلة حياته أن يزيل هذ الوصمة التي أضحت من العلامات المميزة له، لكنّه بقي وعلى الرغم من كل هذا كاتبًا محبوبًا وشخصيةً مرموقةً في العالم العربي تركت تأثيرها في الدراما العربية إلى يومنا هذا.

 

بقيت المسرحيات العربية في المسارح المصرية وخاصة الغنائية منها حتى عشرينيات القرن الماضي تُلقى باللغة الفصيحة، وهنا كان السؤال الأكبر الذي طرحه، لماذا لا تكون هذه المسرحيات باللغة العامية.

 

واستمرت مسرحياته الفلسفية من أمثال "شهرزاد والسلطان الحائر" بالنجاح حتى أنّها تعتبر من كلاسيكيات المسرح المصري، وكتب الحكيم أكثر من 50 مسرحية ليكون بذلك مؤسس الدراما العربية الحديثة.

 

حصل في عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح" الذي يعتقد أنّ ألهم عبد الناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله. حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التي عمل عبد الناصر على إحيائها.

 

وحصل في عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، إخلاصه لحركة التطور الاجتماعي، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.

 

 

وفاة توفيق الحكيم

توفي يوم 26 يوليو عام 1987، في القاهرة.

 

موضوعات متعلقة

ربيع مفتاح: توفيق الحكيم واحد من الكتاب الذين أثروا المسرح

'الإبداع الأدبى والفن للأطفال' بقاعة توفيق الحكيم في الإسكندرية..الأربعاء

اقرأ أيضا