18 عامًا على رحيل الدرة.. فلسطينيون يتحدثون عن أسرار في حياة أيقونة القدس

الاحد 30 سبتمبر 2018 | 09:18 مساءً
كتب : محمود صلاح

طفلًا في الثانية عشر من عمره، ملامحه دقيقة رقيقة غلبت عليها علامات العروبة والوطنية، شعره الأسود فاقع اللون يتساقط على عيناه الجميلتان الدامعتان، أصابعه الصغيرة معلقة بأصابع والده الذي يسير بجواره وسط المظاهرات الحاشدة التي تزينها أصوات الرصاص العالية، فتلك المشاهد التي تصورها لك الكاميرا عن قرب عمد، فتارة تركز على الطائرات التي تملأ الفضاء، وتارة تلتقط صورًا سريعة لهذا الطفل الصغير الذي وقع قتيلًا بين ذراعي والده، بسبب رصاصة غادرة أطلقتها قوات الاحتلال.

 

وهذا البطل الفلسطيني هو الطفل "محمد الدرة" الذي نُقش اسمه فى الكتب وعلقت ذكراه فى الأذهان، حتى يصادف اليوم الذكرى الثامنة عشر على استشهاد تلك  الأيقونة الفلسطينية، الذي رغم صغر سنه ذرع في قلوب الفلسطينيين النضال والصمود، للدفاع عن حقوقهم، حينما حاولت إسرائيل بغاراتها المستمرة أن تطمس الهوية العربية، وتسيطر على الأراضى الفلسطينية.

 

فموت "الدرة" بتلك الطريقة البشعة أمام أعين العالم، كان بمثابة دافعًا قويًا أجبر الشعب الفلسطيني على  التأقلم  مع صوت الرصاص، بل اتخذوه صديقًا لهم يرافقهم فى معظم الأوقات، فلم يعد يحرك بداخلهم ساكنًا، بل أصبح مثل الألعاب التى يمتلكها الأطفال فى صغرهم، واتخذوا من الحجارة سلاحًا يتصدون به للقناصات والدبابات، ولم يكل أحدهم، ولا يمل من المظاهرات الحاشدة التى يشهدها العالم، منذ اغتصاب الاحتلال أرضهم وحتى تلك الآونة التى تشهد مسيرات العودة التى ينظمها الفلسطينيون كل جمعة، ليقتصوا من هؤلاء المغتصبين لأرضهم للشهداء الذي دفعوا أرواحهم فداءً للوطن الفلسطيني.

 

ثابت: هيئة مسيرات العودة تحتفل برحيل الدرة في ذكراه

ففي ذكرى البطل الفلسطيني الراحل، تواصل محرر "بلدنا اليوم" مع عددًا من أهالي قطاع غزة لمعرفة الأحوال التي يمر بها عائلة الطفل الراحل منذ عام 2000 في اليوم الثاني من انتفاضة القدس، حيث أكد الصحفي الفلسطيني، فادي ثابت، أن الفلسطينيون لن ينسوا أبطالهم مهما كان صغر عمرهم، فالطفل "محمد الدرة" الذي قتل في أحضان أبيه، سوف يكون له احتفالًا بذكراه مثل العديد من الشخصيات الهامة في المجتمع الفلسطيني، والأبطال الذين قدموا أرواحهم فداءً لتحرير القدس.

 

وأكد ثابت، أن الهيئة العليا لمسيرات العودة ورفع الحصار، سوف تنظم مسيرات احتفالية للشهيد في مسيرات الأرباك الليلي على حدود مخيم البريج، بعد ساعات من مساء اليوم الأحد، وأيضًا هناك على الجانب الأخرى من يحتفل به عند ضريحه، مضيفًا: أن المسيرات التي يشنها الفلسطينيون في كل جمعة التابعة لمسيرات العودة، هي تعتبر احتفالًا بهؤلاء الشهداء، والاحتفال الأكبر عندما يتم تحرير القدس من دنس اليهود.

 

الخولي: صمت المجتمع الدولي فتح بابًا للكيان الصهيوني بقتل الأطفال 

إن تلك النهاية البشعة التي تلقها ذلك الطفل البطل، في أحضان والده فتحت أبوابًا كثيرة للكيان الصهيوني بقتل الأطفال الأبريا، بسبب الصمت الذي تزين به المجتمع الدولي عن تلك القضية الفلسطينية، وحماية الأطفال الواقعين تحت دنس اليهود منذ ولادتهم، بهذه الكلمات بدأ صابر الخولي، أحد سكان قطاع غزة، وأحد المشاركين في مسيرات العودة التي يشنها الشعب الفلسطيني كل جمعة.

أكد الخولي أنه في يوم 30 من سبتمبر عام 2000، كانت انتفاضة القدس لليوم الثاني على التوالي، بينما كان الطفل محمد يسير مع والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، فوجئا بوقوعهما تحت نيران إسرائيلية، فحاولا الاختباء خلف برميل إسمنتي، لكن رصاص الاحتلال لم يتخلف عن تلك الطفل الذي أصبح علمًا من أعمال النضال الفلسطينية.

وأضاف: حاول الأب "جمال" يائسًا أن يحمي ابنه بكل قواه، لكن الرصاص اخترق يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى وصرخ: "أصابوني"، ليفاجأ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر ابنه الصغير "محمد"، الذي ردد: "اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم"، قبل أن يرقد الصبي شهيدًا على ساق أبيه، في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية.

 

هديل: الدرة أشهر من عهد التميمي 

وأضافت هديل غالي، القاطنة في منطقة قطاع غزة، أن الطفل محمد الدرة شهيد 2000، هو حتى الآن من أشهر المناضلين الفلسطينيين، فرغم أن عهد التميمي، الفتاة الفلسطينية أظهرت الكثير من الصمود في وجه الاحتلال الصهيوني، إلا أن "الدورة" هي أشهر منها بكثير، وينتظر العديد من الفلسطينيين ذكرى استشهاده للاحتفال به، وخاصة هئية مسيرات العودة الكبرى ورفع الحصار التي تنظم له احتفالًا خاصًا.

 

وأكد الفتاة الفلسطينية، أن "محمد الدرة" كان طفلًا مثل الكثير من أطفال فلسطين الواقعين تحت بطش الاحتلال، فلم يدون له التاريخ أو وسائل  الإعلام مواقف في صغره، ولكن الطريقة التي قتل بها أثارة غضب الجميع، ما جعتهم يتعاطفون معه في ذكراه، وعشقه الكثير من الفلسطينيون.

الحظة التي استشهد فيها الطفل "محمد الدرة" بين ذراعي والده، إلتقطتها عدسة كاميرا الصحفي "شارل أندرلان" التابع لقناة فرانس 2 التلفزيونية عام 2000، وأظهرت كيف أن الوالد كان يطلب من جنود الإحتلال التوقف عن إطلاق النار، لكن دون جدوى، إذ فوجئ بابنه يرتقي شهيدًا.

اقرأ أيضا