فيروز حسين عابدين، خريجة كلية شريعة وقانون، وتبلغ من العمر حاليا 43 عاما، كان لدراستها دور كبير فى سلكها طريق الدعوة، بعدما تخرجت وكانت تحب دراسة العلم الشرعى، لذا قررت أن تكمل تعليمها فى مراكز الثقافة الإسلامية، والتحقت بمعهد إعداد الدعاة بمدينة طنطا فى محافظة الغربية عام 2002، وتخرجت فيه لتبدأ بداية طريقها الدعوى بعد عامين فى 2004 بتكليف من وزارة الأوقاف.
حب "فيروز" للدعوة والشريعة لم يكن مجرد كلام بل كان حلما مرتبطا بفعل على أرض الواقع، فكانت تحاول أن تنمى موهبتها الدعوية، ومع أول فرصة لالتحاقها بدبلومة فى الشريعة، تمسكت فيها وحصلت على الماجستير فى قسم الشريعة، من كلية الشريعة والقانون جامعة طنطا، كل هذا الحب الذى وهبته للإسلام، كان كفيلا أن يزيل عنها كل متاعب الدعوة والصعوبات التى واجهتها.
وقالت فيروز: "كبداية، أول مشوار يكون مليئا بالصعوبات، إلا أنه مع الإيمان بالفكرة والعزيمة استطعت الحمد لله الانتهاء منها"، ولعل أبرز تلك الصعوبات حسبما تروى الواعظة: "التعامل مع الناس وإقناعهم بفكرة الواعظة السيدة فى حد ذاته صعب، وكذلك التعرف على مسئولى المساجد والمترددين عليها، وشعورك بأنك ستفشل فى بداية الطريق، ومعرفة فكر كل شخص وكيفة التأثير فيهم، خاصة إن الناس عاوزة تعرف الصح من الخطأ، وكانوا محتارين ما بين الوسطية واللى بيسمعوه فى وسائل الإعلام المتطرفة، والحمد لله مرت على خير وتأقلمت وأزيلت تلك الصعوبات".
كما واجهت الواعظة صعوبات أخرى متعلقة بالسياسة، خاصة فترة حكم الإخوان الذين كانوا يربطون السياسة بكل شىء، حتى الدين لم يسلم منهم، فحدثت العديد من المناوشات معهم، خاصة أنهم كانوا يحاولون تسييس مجالس العلم، وكانوا يوجهون بعض الأسئلة التى تثير البلبلة فى المحاضرات: "للأسف النقظة دى كانت بتأثر على الناس، وممكن ينفروا لما يحسوا بالتشدد والعنف فى الإسلام".
وتلفت السيدة إلى أمر خطير وهو علاقة العنف بالتقوى، والنظرة الخاطئة فى تلك العلاقة: "البعض بيرى أنه كلما كان متشددا أكثر؛ فهو الأكثر طاعة وإيمانا، عكس المنهج الوسطى المستنير"، واستطاعت الداعية بالهدوء واحترام آداب المسجد وغيرها أن تثبت أنها أفضل وأصح من أولئك المتطرفين.
منذ 3 سنوات عام 2015 بالتحديد، تكررت شكاوى عدة من بعض الواعظات أصحاب الفكر المتطرف، فسحبت الوزارة التراخيص من جميع الواعظات، ثم نجحت هى -بعد عمل اختبارات جديدة وصارمة- وكانت بين 51 اللاتى تم اختيارهن لاستكمال مسيرة الدعوة من بين أكثر من ألف واحدة، بتصريح الوزارة الجديد.
وقالت: "ولم تكتف الوزارة بتصفية الواعظات فقط، فالحمد لله لأول مرة منذ طريقى الدعوى من 14 عاما، وأنا لأول مرة نحصل على هذه المميزات، ويتم توفير العديد من المعسكرات الدينية التثقيفية، مثل معسكر أبو بكر الصديق الذى حضرته لأكثر من مرة واستفدت منه كثيرا"، ومن أبرز العلماء الذين درست على أيديهم الواعظة خلال الدورات التأهيلية التى تنظمها الوزراة لهن، "الأستاذ الدكتور عبد الله النجار، والدكتور بكرى زكى عوض، والدكتور حاتم عبد البصير، وكلهم علماء أجلاء يتناولون القضايا المعاصرة".
ولا تجد الداعية مشكلة فى المساواة بين الرجل والمرأة، كما أنها تشير إلى أن الإسلام ساوى بينهما فى التكاليف، وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: "النساء شقائق الرجال"، فالصلاة لكليهما والصوم وغيره من العبادات والتكاليف، وأركان الإسلام لم تفرق بين المرأة والرجل.
أما بالنسبة للمساواة فى الميراث، فهنا الأمر يختلف من وجهة نظر "فيروز" التى تؤكد أن هناك أمورا قطعية فى الإسلام ثابتة الدلالة، وورد فيها نص بشكل لا يقبل اجتهادا: "هذه القضية مثلها مثل الطلاق، كما قال الله -تعالى- "مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، فلا تجد من يقول إن الطلاق ثلاث أو أربع مرات".
وتلفت إلى أن هناك حالات ترتفع فيها نصيب المرأة وهذه الأمثلة كثيرة، وليس كل أحوال ميراث النساء يأخذن نصف الرجل، ولكن هناك قواعد أخرى وكلها عادلة حسب درجة القرابة وبحكم الإنفاق.
وعن الجدل المثار مؤخرًا حول الحجاب وحكمه، تقول الداعية: "الحجاب واجب للسيدات، أما النقاب فكان فريضة لزوجات النبى صلى الله عليه وسلم (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، وقاية لهن من أى خطر، وحفظًا لمكانتهن وقدرهن، أما بالنسبة لباقى السيدات فهو اختيار وفضيلة.