في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، صرحت الدكتورة نادية حلمي، الخبيرة المصرية في الشؤون الصينية والآسيوية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة بني سويف، أبعاد التصعيد الأمريكي الأخير ضد الصين من بوابة الرسوم الجمركية، وسياق اتهام بكين بالتقاعس عن مواجهة تجارة الفنتانيل، لتؤكد أن تلك الإجراءات تعكس تصعيدًا ممنهجًا يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية واستراتيجية واضحة.
الصين ترى في الرسوم الجمركية انتهاكاً لأسس النظام التجاري الدولي
لفتت الدكتورة نادية حلمي إلى أن الصين اعتبرت قرار الولايات المتحدة بفرض تعريفات جمركية إضافية على وارداتها خطوة أحادية الجانب تهدد النظام التجاري الدولي متعدد الأطراف، مشيرة إلى أن بكين ترى في هذه الإجراءات إضراراً مباشراً بالشركات الأمريكية نفسها، فضلاً عن المستهلك الأمريكي، في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية حالة من التذبذب.
رد حاسم من بكين وتصعيد متبادل
وأوضحت أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي لم يتأخر في إعلان الموقف الصيني، مؤكداً استعداد بلاده للرد بكل حزم على ما وصفه بالمواجهة التجارية الأمريكية المفتعلة.
كما أعادت السفارة الصينية في واشنطن نشر تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان ،الذي أكد استعداد بكين لخوض أي شكل من أشكال الحروب، تجارية كانت أو غيرها.
إجراءات مضادة وضرائب جديدة على المنتجات الأمريكية
وأكدت الدكتورة حلمي أن الرد الصيني جاء عملياً وسريعاً، إذ أعلنت لجنة الرسوم الجمركية التابعة لمجلس الدولة الصيني عن فرض رسوم إضافية بنسبة 15% على عدد من المنتجات الأمريكية، بدءاً من 10 مارس 2026، في خطوة اعتُبرت انتقاماً مباشراً من الإجراءات الجمركية الأمريكية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الفنتانيل ذريعة أمريكية للتصعيد؟
ونوهت الخبيرة في الشأن الصيني بأن الولايات المتحدة بررت هذه الزيادة في الرسوم الجمركية بمحاولة الضغط على الصين للتعاون في مكافحة إنتاج وتهريب مادة الفنتانيل القاتلة
وهي مادة أفيونية صناعية تفوق الهيروين بعشر مرات، وتعد السبب الرئيسي في وفاة أكثر من 100 ألف أمريكي بسبب الجرعات الزائدة، خاصة في الفئة العمرية ما بين 18 و49 عاماً.
بكين تنفي التورط وتتهم واشنطن بالهيمنة والتنمر
وأضافت الدكتورة نادية حلمي أن بكين رفضت بشدة تلك المزاعم الأمريكية، حيث نفت الحكومة الصينية أي دور في تصدير المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الفنتانيل، مؤكدة عدم تلقيها أي إشعارات رسمية من السلطات المكسيكية بهذا الخصوص.
وشددت على أن الصين تعتبر إستخدام واشنطن لقضية الفنتانيل حجة واهية ومجرد غطاء لتبرير خطواتها الحمائية والتجارية ضد الصين.
سان فرانسيسكو وبكين تعهدات لم تُحترم؟
وذكّرت الدكتورة حلمي بالاتفاقات التي خرجت عن قمة سان فرانسيسكو بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ، والأمريكي جو بايدن في نوفمبر 2023، والتي التزمت خلالها الصين بإغلاق شركة صينية متهمة بالتعامل مع شبكات الفنتانيل، وأوقفت عدة تحويلات مالية دولية. كما استأنفت بكين التعاون الاستخباراتي والمعلوماتي مع واشنطن بشأن الشحنات المشتبه بها لكنها شددت على أن الصين لم تجد التقدير المناسب لتلك الخطوات.
تصعيد قد يقوض النظام التجاري العالمي
اوضحت الدكتورة نادية حلمي حديثها بالتأكيد على أن الصين تعتبر فرض التعريفات الجمركية بحجة الفنتانيل إنتهاكاتً لقواعد منظمة التجارة العالمية، ويعكس نهجاً أمريكياً يقوم على الهيمنة والتنمر، متجاهلاً قواعد اللعبة الدولية ومصالح الأطراف كافة، مؤكدة أن هذا النهج قد يؤدي إلى تعميق الفجوة الاقتصادية بين البلدين وتهديد الاستقرار التجاري العالمي.