في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، أكد السيد هاني، نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، والكاتب المتخصص في الشؤون الدولية، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يرتكز على ثلاثة ملفات رئيسية تعتبرها واشنطن تهديدًا مباشرًا لأمن حلفائها في المنطقة.
وهذه الملفات هي: البرنامج النووي الإيراني، البرنامج الصاروخي الباليستي، وتمدد النفوذ الإيراني عبر أذرعها العسكرية في المنطقة.
الملف النووي والصاروخي: عقوبات خانقة وسياسة الضغط الأقصى
أوضح السيد هاني أن الولايات المتحدة تسعى إلى محاصرة إيران عبر فرض عقوبات اقتصادية صارمة، بهدف منعها من تطوير برنامجها النووي والحد من قدراتها الصاروخية.
وأشار إلى أن واشنطن ترى في هذه الملفات تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل وبعض الدول الخليجية، مما دفعها إلى عرقلة صادرات النفط الإيرانية، المصدر الرئيسي للدخل القومي الإيراني، بهدف خلق أزمة اقتصادية داخلية قد تؤدي، وفقًا للحسابات الأمريكية، إلى إضعاف النظام الإيراني أو إسقاطه عبر احتجاجات شعبية واسعة.
وأكد السيد هاني أن سياسة العقوبات التي تبنتها إدارة الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الأولى بلغت ذروتها مع انسحابه من الاتفاق النووي في مايو 2018، وهو النهج الذي بدأ يعيد تطبيقه مجددًا بعد عودته إلى الحكم، متهمًا إدارة بايدن بـ"الضعف" في التعامل مع طهران.
الأذرع العسكرية: تصفية "حزب الله" و"حماس" وإضعاف الحوثيين
وفيما يتعلق بتمدد النفوذ الإيراني عبر أذرعها في المنطقة، لفت السيد هاني إلى أن الولايات المتحدة دعمت إسرائيل عسكريًا لتمكينها من إضعاف القدرات العسكرية لكل من "حزب الله" و"حماس".
وأوضح أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة، المدعومة بتكنولوجيا أمريكية متطورة، استهدفت القيادات الكبرى في التنظيمين، مما أدى إلى تحجيم قدراتهما العسكرية وتحويلهما إلى ظاهرة صوتية تُستخدم عند الحاجة لتبرير السياسات الإسرائيلية التوسعية.
وفيما يتعلق بجماعة الحوثيين في اليمن، أشار السيد هاني إلى أن إيران تستخدم هذه الجماعة كأداة ضغط على السعودية وإسرائيل، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية في عهد بايدن رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب كجزء من مقايضات سياسية لكبح التصعيد.
ترامب يعود إلى المواجهة: "وقتكم انتهى"
وأوضح السيد هاني أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض أعادت سياسة التصعيد ضد إيران وأذرعها، مستغلًا إعلان الحوثيين يوم الثلاثاء 11 مارس استعدادهم لاستئناف الهجمات على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما دفعه إلى إصدار أوامر مباشرة للجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات عسكرية واسعة ضد مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة.
وأضاف أن الضربات الأمريكية استهدفت منشآت حيوية مثل مستودعات الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي والصواريخ، موقعة عشرات القتلى والجرحى.
ولفت إلى أن ترامب وجه تحذيرًا شديد اللهجة للحوثيين عبر منصة "تروث سوشيال"، قائلًا:
"لقد انتهى وقتكم.. وإذا لم تتوقفوا فورًا، فستواجهون جحيمًا لم تروا مثله من قبل."
تحذير إيران ومواجهة مفتوحة
وشدد السيد هاني على أن ترامب لم يكتفِ بتوجيه الإنذار للحوثيين، بل حذر إيران بشكل مباشر من استمرار دعمها لهم، قائلًا:
"إذا هددتم أمريكا، فسوف نحاسبكم حسابًا عسيرًا، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن."
وأوضح أن هذه الرسائل الحادة تعكس نية الإدارة الأمريكية في تصفية الوجود العسكري الإيراني في المنطقة كخطوة استباقية قبل إعادة فتح المفاوضات بشأن الملفين النووي والصاروخي، ولكن بعد أن يتم إضعاف إيران وأذرعها تمامًا.
رد الحوثيين: "سنقابل التصعيد بتصعيد"
وأكد السيد هاني أن جماعة الحوثيين لم تتأخر في الرد على التهديدات الأمريكية، حيث صرّح محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي للجماعة، بأن تورط أمريكا في العدوان على اليمن غير مبرر، متوعدًا بأنهم سيواجهون التصعيد بتصعيد مماثل.
وأشار إلى أن عضوًا آخر في المكتب السياسي للحوثيين كتب على منصة "إكس" تعليقًا على تهديد ترامب:"الجحيم لك أنت."
معركة معقدة: دخول روسيا والصين إلى الملعب
واختتم السيد هاني حديثه بأن التحدي الأكبر الذي قد يواجه ترامب هو اتساع دائرة الصراع مع دخول روسيا والصين على خط الأزمة. وأوضح أن إيران ترتبط بهاتين القوتين بشراكات استراتيجية في مجالي الدفاع والطاقة، مما يعني أن أي تصعيد أمريكي قد يؤدي إلى مواجهة أوسع تتجاوز حدود اليمن.
وأكد أن طريق ترامب نحو إسقاط إيران أو كسر نفوذها يبدو شاقًا ومعقدًا، خاصة إذا قررت موسكو وبكين الانخراط بشكل أعمق في الدفاع عن مصالحهما المشتركة مع طهران.