تشهد الساحة الدولية تطورات متسارعة بشأن الحرب في أوكرانيا، مع تصاعد الجدل حول مقترح هدنة لمدة 30 يومًا تقدمت به الولايات المتحدة.
واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تصريحات نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن الهدنة تنطوي على تلاعب ومماطلة، بهدف مواصلة القتال.
تأتي هذه التصريحات في وقت أعلنت فيه موسكو تأييدها المشروط للمقترح، مشيرةً إلى وجود "خلافات دقيقة" و"أسئلة جدية" تتعلق بآليات تنفيذ الهدنة وضماناتها.
وبينما تنتظر واشنطن وكييف الرد الروسي الرسمي، تؤكد تصريحات الجانبين استمرار التباين في المواقف، ما يعكس تعقيد الجهود الدولية لوقف القتال مؤقتًا.
زيلينسكي بين الواقع والصورة الإعلامية
وفي حديث خاص لصحيفة بلدنا اليوم، أوضح الدكتور محمود الأفندي، الباحث السياسي في روسيا، أن تصريحات زيلينسكي، التي يتهم فيها بوتين بالتلاعب والتسويف بشأن مقترح الهدنة، ليست سوى محاولة لتحسين صورته إعلاميًا وإثبات أنه لاعب مؤثر في مسار المفاوضات.
وأشار الأفندي إلى أن زيلينسكي لا يملك نفوذًا حقيقيًا في عملية السلام، مؤكدًا أن واشنطن نفسها تعتبره رئيسًا غير شرعي، ما يفسر استبعاده من المفاوضات الجدية، بما في ذلك عدم مشاركته في المباحثات التي عُقدت مؤخرًا في الرياض.
وأضاف أن استمرار الحرب مرتبط بمستقبل زيلينسكي السياسي والشخصي، موضحًا أن وقف القتال قد يعني نهاية مسيرته السياسية. لذا، يرى الأفندي أن تصريحاته الاستفزازية تهدف إلى إبقاء الأضواء مسلطة عليه وضمان استمرار الصراع.
هل موسكو جادة في إنهاء الحرب؟
وفيما يتعلق بجدية موسكو في إنهاء الحرب، شدد الأفندي على أن روسيا تسعى إلى حل جذري للصراع عبر اتفاقية سلام حقيقية، معتبرًا أن تأييد بوتين للهدنة المؤقتة يعكس استعداد موسكو للحوار، ولكن بشروط تضمن عدم تكرار النزاع.
وأشار إلى أن زيارة دونالد ترامب لموسكو والتواصل الإيجابي مع بوتين مؤخرًا قد يمهدان لتفاهمات أوسع بشأن مستقبل الهدنة.
كما أوضح أن لدى روسيا مخاوف مشروعة من استغلال الهدنة لإعادة تسليح أوكرانيا، خصوصًا مع رفع بعض القيود الأوروبية على تزويد كييف بالأسلحة.
تحديات الالتزام بالهدنة ومخاطر التصعيد
وأكد الأفندي أن هناك تحديات كبيرة أمام نجاح الهدنة، مشيرًا إلى أن بعض القوات الأوكرانية، خاصة المرتزقة الأوروبيين، قد لا تلتزم بوقف إطلاق النار، مما قد يؤدي إلى استفزازات عسكرية تعقّد الوضع الميداني.
كما لفت إلى أن القرار الأوروبي يميل إلى استمرار الحرب، خوفًا من انهيار الاتحاد الأوروبي في حال انتصار روسيا.
واستشهد بتصريحات رئيسة وزراء الدنمارك، التي أكدت أن أوكرانيا أصبحت ضعيفة، لكنها يجب أن تستمر في القتال.
الهدنة: خطوة نحو السلام أم فرصة لإعادة التسليح؟
وفي ختام حديثه، أكد الأفندي أن الهدنة الحالية قد تمثل فرصة للتفاوض، لكنها في الوقت نفسه قد تمنح أوكرانيا فرصة لإعادة تسليح قواتها.
وشدد على أن التوصل إلى اتفاق سلام دائم يتطلب ضمانات أمريكية واضحة بعدم استغلال الهدنة لاستفزاز موسكو أو توسيع النزاع.
وأشار إلى وجود إرادة أمريكية وروسية جادة لإنهاء الحرب، لكن تحقيق هذا الهدف يستلزم وقتًا طويلًا ومفاوضات شاملة تعالج جذور الصراع وتحدد مستقبل الأراضي المتنازع عليها.