ماذا قدّم بوتين لإرضاء ترامب؟.. خبير روسي يجيب لـ"بلدنا اليوم"

الاحد 09 مارس 2025 | 03:30 مساءً
ترامب وبوتين
ترامب وبوتين
كتب : محمد عبدالحليم:

منذ عودته للبيت الأبيض مرة أخرى، ظهر موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متحيزًا بشكل واضح لصالح روسيا، ما أثار تساؤلات حول دوافعه الحقيقية.

يُعرف ترامب بأنه رجل صفقات، لا يقبل أي تسوية إلا إذا كانت في إطار اتفاق تجاري مربح، وهنا يبرز السؤال: ما الذي قدمه له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليوافق على منحه الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في أوكرانيا؟ هل كان المقابل تسليم النفوذ الأمريكي في سوريا لصالح موسكو؟ أم أن ترامب يرى في أموال أوكرانيا المجمدة، التي تُقدّر بنحو 300 مليار دولار، فرصة ذهبية لتمويل إعادة الإعمار عبر شركاته العقارية أو عبر مصالح أمريكية أخرى؟ أم أن الأمر يتعدى المصالح الاقتصادية، ويعكس خوفًا من روسيا لدرجة تجعله مستعدًا للتخلي عن حلفائه الأوروبيين مقابل تجنب المواجهة معها؟

كل هذه الأسئلة تطرح نفسها في سياق تفسير موقف ترامب المتحيز بشكل غير مسبوق لبوتين وروسيا.. ما تفسير هذا الموقف؟

مسائل استراتيجية

صرّح الدبلوماسي الروسي السابق ألكسندر زاسبكين بأن ترامب ينطلق في مواقفه تجاه الأزمة الأوكرانية من عدة اعتبارات استراتيجية، أبرزها رغبته في تحقيق تسوية سلمية تُحسب له كإنجاز جيوسياسي، بما يجعله في نظر التاريخ "صانع السلام".

وأوضح زاسبكين، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن ترامب يسعى أيضًا إلى تحميل أوروبا أعباء الحرب والناتو من خلال طلبه من الرئيس الأوكراني زيلينسكي تعويض الولايات المتحدة عن نفقاتها، خاصة من خلال الموارد المعدنية.

وأضاف زاسبكين أن ترامب يعارض مشروع العولمة الذي يدعمه الحزب الديمقراطي الأمريكي والاتحاد الأوروبي، معتبرًا أنه وصل إلى طريق مسدود، مما يستوجب إعادة النظر في العلاقات الدولية.

كما أكد أن الرئيس الأمريكي يسعى إلى الانتقال من سياسة المواجهة إلى الحوار مع روسيا، حيث يتشارك مع الرئيس بوتين هدف تحقيق استقرار دولي قائم على المصالح المتبادلة، وهو ما قد يسهم في تهدئة الأوضاع العالمية ومنع التصعيد العسكري.

وأشار زاسبكين إلى أن ترامب يريد التوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع بوتين يشمل مجالات سياسية واقتصادية وعسكرية، ويؤمن بأن هذا النهج يخدم المصالح الأمريكية.

كما يرى أن ترامب يدرك حتمية ضم جزء من الأراضي الأوكرانية إلى روسيا، ويسعى لضمان وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا، مع الرهان على تفاهمات مع قيادة أوكرانية جديدة.

ورفض زاسبكين اختزال نهج ترامب في كونه "رجل صفقات"، مؤكدًا أن القضايا المطروحة تتجاوز المصالح التجارية إلى مسائل استراتيجية، مثل منع سباق التسلح، تحقيق أمن مشترك في الفضاء الأوروبي الأطلسي، وإيجاد حلول للنزاعات الإقليمية، وفي مقدمتها الأزمة الأوكرانية. كما شدد على أن موقف روسيا ثابت بشأن إزالة الأسباب الجذرية للصراع الأوكراني، بما في ذلك القضاء على النزعة النازية ونزع السلاح، معتبرًا أن ذلك يخدم مصالح جميع الأطراف، بما فيها أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا نفسها.

أما بالنسبة لإعادة إعمار أوكرانيا، فقد أوضح زاسبكين أن روسيا ستركز على المناطق التي انضمت إليها أو ستنضم لاحقًا، مؤكدًا أن العمل بدأ بالفعل في هذا الإطار، مضيفًا أنه يستبعد تعاونًا روسيًا أوروبيًا في إعادة الإعمار أو تشكيل هيئة دولية موحدة لهذا الغرض، مرجحًا أن تستثمر الدول الغربية في المناطق التي ستبقى تحت سيطرة أوكرانيا.

وفيما يتعلق بالوجود الروسي في سوريا، أشار زاسبكين إلى أن هذا الملف يتطلب نقاشًا منفصلًا في سياق الأوضاع الإقليمية، بما يشمل النزاع العربي الإسرائيلي، القضية الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب، مع التأكيد على أهمية ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. 

اقرأ أيضا