يوسف صداقي: أوكرانيا ترفض "صندوق المعادن" الأمريكي وتبحث عن بدائل استراتيجية (خاص)

يوسف صداقي: أوكرانيا ترفض "صندوق المعادن" الأمريكي وتبحث عن بدائل استراتيجية(خاص)

الاحد 23 فبراير 2025 | 03:33 مساءً
المحلل السياسي يوسف صداقي
المحلل السياسي يوسف صداقي
كتب : بسمة هاني

قال الباحث والمحلل السياسي الكندي يوسف صداقي، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، إن أوكرانيا رفضت مؤخرًا طلبًا أمريكيًا بإنشاء "صندوق معادن" بقيمة 500 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذا الرفض جاء نتيجة عدة عوامل أساسية تتعلق بعدم تناسب المساعدات المقدمة مع المقابل المطلوب، وغياب الضمانات الأمنية، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية.

أسباب رفض أوكرانيا للصندوق الأمريكي

أكد صداقي، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أوضح أن إجمالي المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا حتى الآن يبلغ حوالي 98.5 مليار دولار، وهو مبلغ أقل بكثير من الـ500 مليار دولار التي تطالب بها الولايات المتحدة كتعويض عبر الثروات المعدنية الأوكرانية.

ولفت إلى أن هذا التفاوت الكبير يجعل العرض غير مقبول من وجهة نظر كييف، التي ترى أن المساعدات يجب أن تساهم في تطوير الاقتصاد، وليس مجرد استنزاف الموارد الطبيعية دون مقابل عادل.

غياب الضمانات الأمنية

أشار صداقي، إلى أن زيلينسكي شدد على أن العرض الأمريكي لم يتضمن ضمانات أمنية محددة لحماية أوكرانيا من العدوان الروسي، وهو عامل حاسم في أي اتفاق يمكن أن يؤثر على الموارد الاستراتيجية للبلاد.

وأوضح أن أوكرانيا، لا يمكنها تقديم مواردها الطبيعية الضخمة في ظل عدم وجود التزام واضح بحمايتها من التهديدات الخارجية.

الحفاظ على السيادة الوطنية

لفت المحلل الكندي إلى أن الحكومة الأوكرانية أكدت أنها لا ترغب في أن تصبح مجرد مركز لاستخراج المواد الخام لصالح الدول الأجنبية.

وشددت كييف على أن أي استثمار في الموارد الأوكرانية يجب أن يتضمن فوائد متبادلة وضمانات تحمي مصالح أوكرانيا وسيادتها.

عوامل أخرى وراء الرفض الأوكراني

الخوف من استغلال الموارد لصالح أطراف خارجية

أوضح صداقي أن أوكرانيا تمتلك واحدة من أغنى احتياطيات المعادن في أوروبا، بما في ذلك الليثيوم والنيكل والتيتانيوم والكوبالت، وهي معادن استراتيجية للصناعات التكنولوجية والعسكرية.

وأكد أن كييف قد تكون قلقة من أن يؤدي إنشاء هذا الصندوق إلى وضع ثرواتها المعدنية تحت سيطرة أمريكية غير مباشرة.

ضغوط أوروبية للحفاظ على التوازن في الاستثمار

أشار صداقي إلى أن بعض الدول الأوروبية قد تكون مارست ضغوطًا على أوكرانيا لمنع منح الولايات المتحدة نفوذًا واسعًا على الموارد الأوكرانية، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي للحفاظ على استثماراته وتأمين المعادن الحيوية دون تدخل أمريكي قد يخلق عدم توازن في الشراكات الاقتصادية.

الخوف من رد فعل روسي

لفت المحلل السياسي إلى أن أي اتفاق اقتصادي كبير مع الولايات المتحدة قد يُفسَّر في موسكو على أنه خطوة نحو تعزيز النفوذ الأمريكي في أوكرانيا، مما قد يدفع روسيا إلى تصعيد عسكري جديد أو فرض عقوبات أكثر صرامة على كييف.

تأثير الرأي العام الأوكراني

أكد صداقي أن الصفقات الاقتصادية الضخمة التي تشمل موارد طبيعية غالبًا ما تثير جدلاً داخل الدول المعنية، وقد يكون هناك قلق لدى القيادة الأوكرانية من أن مثل هذه الصفقة قد تُفسَّر على أنها "بيع للثروات الوطنية"، مما قد يؤثر سلبًا على شعبية الحكومة.

رغبة أوكرانيا في فرض شروطها الخاصة

أشار صداقي إلى أن رفض العرض الأمريكي قد يكون وسيلة تفاوضية من كييف للحصول على شروط أكثر فائدة، سواء من الولايات المتحدة أو من شركاء آخرين، مثل الاتحاد الأوروبي أو الصين.

أولويات مختلفة في استراتيجيات إعادة الإعمار

أوضح المحلل السياسي أن أوكرانيا قد ترى أن هناك أولويات أخرى أكثر إلحاحًا في إعادة الإعمار، مثل إصلاح البنية التحتية أو تعزيز القدرات الدفاعية، بدلاً من الدخول في شراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة في قطاع التعدين.

البدائل المطروحة لدعم إعادة الإعمار

تنويع الشراكات الدولية

قال صداقي إن أوكرانيا تعمل على جذب استثمارات من دول أخرى، بما في ذلك دول الخليج، حيث يمكنها مقايضة المعادن الهامة بما تقدمه هذه الدول من دعم مالي ولوجستي في عملية إعادة الإعمار.

استخدام الأصول الروسية المجمدة

أوضح المحلل السياسي أن بعض الدول الغربية تدرس إمكانية استخدام الأموال والأصول الروسية المجمدة للمساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا، رغم التحديات القانونية والدولية التي قد تعترض تنفيذ هذا الخيار.

نحو دعم مستدام لإعادة الإعمار

أكد صداقي أن أوكرانيا تسعى من خلال هذه البدائل إلى تأمين الدعم اللازم لإعادة إعمار بنيتها التحتية واقتصادها، مع التأكيد على الحفاظ على سيادتها ومصالحها الوطنية.

وأضاف أن كييف تحاول الموازنة بين الحاجة إلى الدعم المالي والاستثماري وبين حماية ثرواتها الطبيعية من الاستغلال غير العادل.

ومن خلال تعزيز الشراكات الاستراتيجية واستغلال الموارد المتاحة بذكاء، قد تتمكن أوكرانيا من تحقيق انتعاش اقتصادي طويل الأمد يعزز مكانتها على الساحة الدولية.

اقرأ أيضا