قال الدكتور رامي زهدي، خبير الشؤون الإفريقية، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، إن السودان يمر بمرحلة شديدة التعقيد مع اقتراب الحرب من عامها الثاني، حيث تتداخل العوامل السياسية والعسكرية والاقتصادية في تغذية النزاع وتصعيده.
أسباب تصاعد العنف في السودان
أوضح زهدي أن هناك عدة عوامل رئيسية تساهم في تفاقم الأزمة السودانية، مشددًا على أن الصراع الدائر بين القوات المسلحة السودانية، التي تمثل المؤسسة الشرعية للدولة، وقوات الدعم السريع، التي وصفها بأنها ميليشيا مسلحة منشقة، هو المحرك الأساسي للأوضاع الحالية.
ولفت إلى أن غياب الحسم العسكري وتعدد الأطراف الداخلية والخارجية الداعمة لطرفي النزاع يزيد من تعقيد المشهد ويمد أمد الحرب.
وأشار زهدي إلى أن التدخلات الإقليمية والدولية تلعب دورًا في تعميق الأزمة، إذ تقدم بعض القوى الإقليمية دعمًا غير مباشر لأطراف النزاع، مما يعيق جهود التسوية السياسية.
كما شدد على أن غياب الحلول السياسية الفاعلة، رغم الوساطات الإقليمية والدولية، يعزز استمرار العنف، مؤكدًا أن المساواة بين جيش نظامي يدافع عن وحدة السودان وبين ميليشيات تمارس العنف والتخريب هو أمر غير منطقي.
كما لفت إلى أن التوترات القبلية والصراعات المحلية تزيد من انتشار العنف، حيث تختلف العشائر والقبائل في مواقفها تجاه أطراف النزاع، ما يؤدي إلى توسيع نطاق المواجهات في المناطق الريفية والحدودية.
وأوضح أن الأزمة الاقتصادية وتدهور الخدمات الأساسية يشكلان عاملاً إضافيًا في تأجيج العنف، حيث يدفع الفقر وانعدام الموارد بعض الجماعات إلى تبني العنف لتحقيق مكاسب مادية.
التداعيات الإنسانية للأزمة
شدد زهدي على أن استمرار الحرب أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في السودان، حيث تصاعدت أعداد النازحين داخليًا واللاجئين إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان.
وأوضح أن الخدمات الصحية والغذائية انهارت بشكل شبه كامل، مما أدى إلى تفشي الأمراض وسوء التغذية، بالإضافة إلى تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في دارفور وكردفان، حيث تُمنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المحتاجين.
جهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية
أشار زهدي إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تبذل جهودًا مستمرة للحد من تدهور الأوضاع، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها. وأوضح أن برنامج الغذاء العالمي (WFP) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) يعملان على توفير الإمدادات الغذائية والطبية، رغم تعقيد الوصول إلى المناطق المتأثرة.
كما شدد على أن مجلس الأمن والمبعوثين الدوليين يواصلون الضغط من أجل وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة تسعى، بالتنسيق مع المنظمات الحقوقية، إلى توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ودعوة الأطراف المتحاربة لاحترام القانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أن الجهود الإقليمية، بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي والإيجاد (IGAD) ودول الجوار، تهدف إلى إيجاد حلول سياسية لإنهاء النزاع.
كما أوضح زهدي أن المنظمات غير الحكومية تلعب دورًا في حملات التوعية والمناصرة لحشد الدعم الدولي للأزمة السودانية، مؤكدًا أن إنهاء الأزمة يتطلب وقف النزاع ودعم حلول سياسية مستدامة.
شدد زهدي على أن الوضع في السودان يحتاج إلى جهود مكثفة على المستويين المحلي والدولي، مشيرًا إلى ضرورة زيادة الضغط على الأطراف المتحاربة للالتزام بالمسار التفاوضي، بالتوازي مع تعزيز الدعم الإنساني لحماية المدنيين الذين يعانون يوميًا من ويلات الحرب.