اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أوكرانيا قد تصبح جزءًا من روسيا في المستقبل، مشددًا مجددًا على رغبته في حصول بلاده على كميات كبيرة من المعادن النادرة الأوكرانية مقابل المساعدات التي تقدمها واشنطن لكييف في مواجهة الغزو الروسي.
وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، قال ترامب: "أريد أن تكون أموالنا محمية، فنحن ننفق مئات المليارات من الدولارات. قد يتوصل الأوكرانيون إلى اتفاق، وقد لا يتوصلون. ربما يصبحون روسًا يومًا ما، وربما لا".
وأضاف أنه طلب من كييف معادن نادرة بقيمة 500 مليار دولار، وهي مواد أساسية في صناعة الإلكترونيات.
ويسعى ترامب إلى إنهاء سريع للحرب بين روسيا وأوكرانيا، في الوقت الذي يطالب فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بضمانات أمنية قوية من الولايات المتحدة ضمن أي اتفاق سلام محتمل مع موسكو.
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق أن مبعوثه الخاص كيث كيلوغ، المكلف بالتفاوض لإنهاء النزاع، سيزور كييف قريبًا، وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية.
ووفقًا لمصدر في الرئاسة الأوكرانية، من المتوقع أن يصل كيلوغ إلى كييف في 20 فبراير.
تصريحات متناقضة
قال الدكتور سمير أيوب، الباحث المتخصص في الشؤون الروسية، في حديث خاص مع بلدنا اليوم، إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعكس تناقضاته المستمرة، مشيرًا إلى أنه رغم وعوده الانتخابية المتعلقة بالسياسة الخارجية، فإنه لم ينفذ أيًّا منها حتى الآن.
وأكد أيوب أن ترامب، قبل وصوله إلى الرئاسة، كان يسعى إلى تأليب الرأي العام الأميركي ضد إدارة الرئيس جو بايدن، حيث ادّعى أن جميع المساعدات المقدمة لأوكرانيا تُموَّل من أموال دافعي الضرائب الأميركيين دون أي مقابل.
لكن بعد أن أصبح رئيسًا، تغيرت لهجته، وأصبح يدلي بتصريحات متضاربة، سواء فيما يتعلق بأوكرانيا أو غزة أو مناطق أخرى.
وأشار أيوب إلى أن تصريحات ترامب تعكس نهجًا يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، إذ إنه لا يلتزم بأي قوانين أو شرائع دولية، بل يتجاوز حدود مجلس الأمن.
فعلى سبيل المثال، حين قال إنه لا يستبعد أن تصبح أوكرانيا جزءًا من روسيا، كان يناقض نفسه، لأن أوكرانيا دولة معترف بها دوليًا، ولا يمكن ضمها بهذه السهولة.
الهيمنة الاقتصادية
ولفت أيوب إلى أن ترامب، في الوقت نفسه، يطالب أوكرانيا بتقديم معادنها النادرة للولايات المتحدة، وهي معادن تُستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية والأجهزة المنزلية، مما يعكس رغبته في الهيمنة الاقتصادية ومحاولة موازنة النفوذ الصيني في هذا المجال. ومع ذلك، فإن تصريحاته لا تحمل أي مبادرة واضحة يمكن أن تدرسها روسيا أو ترد عليها.
وأكد أيوب أن روسيا لا تبحث عن تجميد النزاع، بل تسعى إلى حل جذري شامل، لا يقتصر فقط على الساحة الأوكرانية، بل يشمل أيضًا الخلافات الحدودية والمخاوف الأمنية، خاصة بعد انضمام فنلندا إلى حلف الناتو.
وشدد أيوب على أن تصريحات ترامب بشأن احتمال تحول أوكرانيا إلى جزء من روسيا ليست سوى رسالة ضغط على النظام الأوكراني أكثر من كونها رسالة إلى روسيا أو أي دولة أخرى. كما أن حديثه عن ضرورة إجراء انتخابات في أوكرانيا يبدو محاولة لتهديد كييف وإجبارها على تقديم تنازلات للولايات المتحدة مقابل الدعم الأميركي.
غياب رؤية واضحة
وأوضح أيوب أن التناقضات العديدة في تصريحات ترامب تكشف عن غياب رؤية واضحة، مشيرًا إلى أن المستفيد الأكبر حتى الآن من الصراع الأوكراني هو الولايات المتحدة نفسها.