كشفت تحقيقات صحفية، عن شبكة تمويل سرية تقف وراء إعداد قوائم مراقبة تستهدف موظفي الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وتركز على أولئك الذين يدعمون سياسات التنوع والمساواة والإدماج، هذه القوائم، التي أعدتها منظمات يمينية، تهدف إلى تصفية موظفي الحكومة، تمهيدًا لما يصفه الممولون بإعادة تشكيل الإدارة الفيدرالية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية.
قوائم استهداف ممنهجة
ووفقًا لما نقلته صحيفة الجارديان البريطانية، نشرت منظمة "المساءلة الأمريكية" (AAF)، وهي مؤسسة غير ربحية محسوبة على اليمين المتطرف، عدة قوائم تحت مسميات مختلفة، من بينها:
"قائمة مراقبة التنوع والمساواة والإدماج": تتضمن أسماء موظفين حكوميين، معظمهم من ذوي البشرة السوداء، يعملون في قطاع الصحة والتعليم، وتتهم بدعم سياسات التنوع.
"قائمة البيروقراطيين الأكثر تخريبًا في مجال الهجرة": تستهدف موظفين في وزارة الأمن الداخلي، وتعتبرهم عقبة أمام سياسات ترامب الخاصة بالهجرة.
تزامن إصدار هذه القوائم مع سعي إدارة ترامب، المدعومة من رجل الأعمال إيلون ماسك، إلى تنفيذ حملة تطهير واسعة داخل الحكومة الفيدرالية، بهدف التخلص من المسؤولين الذين يدعمون قضايا مثل التغير المناخي والمساواة العرقية، والتي تصفها الدوائر اليمينية المتطرفة بـ"الأجندة المستيقظة".
مصادر التمويل
وتكشف الوثائق المالية عن تدفق أموال ضخمة إلى AAF عبر ما يعرف بـ"الأموال المظلمة"، وهي تبرعات تأتي من مؤسسات خاصة تحجب هوية المانحين الأصليين، وتشير التقارير إلى أن صناديق خيرية ضخمة ساهمت في دعم أنشطة AAF، مثل:
صندوق جولدمان ساكس الخيري (25 ألف دولار)
الصندوق الوطني الخيري المسيحي (16,750 دولارًا)
صندوق فيديليتي الخيري (22,300 دولار)
إضافة إلى ذلك، تأتي تمويلات ضخمة من منظمات يمينية، مثل مؤسسة هيريتيج، والتي تقود "مشروع 2025"، المخطط الرامي إلى إعادة تشكيل الحكومة الأمريكية وفق رؤية محافظة متشددة.
علاقات عميقة مع إدارة ترامب
كما تحظى AAF بدعم مباشر من معهد "الشراكة المحافظة" (CPI)، وهو مركز أبحاث يميني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحزب الجمهوري وإدارة ترامب، وتشير التقارير إلى أن CPI كان "الكيان المسيطر" على AAF، حيث ضخ لها تمويلات بمئات الآلاف من الدولارات خلال عامي 2021 و2022، بهدف تنفيذ عمليات بحث معارضة ضد موظفي إدارة بايدن.
وشارك CPI في تنظيم دورات تدريبية لموظفي الحزب الجمهوري، بالتعاون مع جهات مثل القوات الجوية الأمريكية، لتعريفهم بأساليب البحث في المصادر المفتوحة والعمل مع جماعات ضغط يمينية، مما يكشف عن تنسيق أعمق بين الحزب الجمهوري وهذه المنظمات.
جهود لإخفاء الهويات والأنشطة
تسببت قوائم المراقبة في حالة من الذعر بين الموظفين الفيدراليين المستهدفين، حيث تم نشر معلوماتهم الشخصية ضمن ما وصفه الموقع الإلكتروني لـ AAF بـ"الأهداف"، وعلى الجانب الآخر، أظهرت تحقيقات صحفية أن بعض موظفي AAF أنفسهم سعوا لإخفاء ارتباطاتهم بالمنظمة على منصات مثل LinkedIn، خوفًا من التدقيق الإعلامي أو القانوني.
التأثيرات المستقبلية والانتقادات
يذكر أن خبراء في قضايا الكراهية حذروا من خطورة هذه الحملة، حيث قالت هايدي بيريتش، كبيرة مسؤولي الاستراتيجية في مشروع "العالم ضد الكراهية"، إن استهداف الموظفين العموميين بهذه الطريقة يعد "سابقة خطيرة" قد تؤدي إلى تهديدات مباشرة لأمنهم الوظيفي والشخصي.
وأشارت إلى أن التمويل المرتبط بمشروع 2025، والموجه ضد هؤلاء الموظفين، يعكس استراتيجية شاملة لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية وفق رؤية يمينية.
يوضح هذا التحقيق عن شبكة خفية من التمويلات اليمينية التي تدير حملة منظمة لاستهداف موظفي الحكومة الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل النزاهة الوظيفية داخل الإدارات الفيدرالية، ويظل هناك تخوفات قائمة بشأن تأثير هذه المنظمات وسط تصاعد نفوذها المستمر على سياسات الحكم في الولايات المتحدة.