قد يبدو تحالف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والملياردير التكنولوجي إيلون ماسك غير قابل للانفصام، لكن التاريخ يثبت أن المصالح الشخصية والغرور قد يقودان في النهاية إلى صدام لا مفر منه. وفقًا لتقرير الجارديان
288 مليون دولار.. ثمن التحالف؟
تساوي الصورة ألف كلمة، لكن في حالة ماسك وترامب، تعادل 288 مليون دولار، وهو المبلغ الذي تبرع به ماسك لحملة ترامب الرئاسية, جاءت المكافأة سريعًا، حيث ظهر ماسك على غلاف مجلة "تايم" وهو يجلس خلف مكتب "ريزولوت"، رمز السلطة الرئاسية الأمريكية, لم يمر الأمر دون استفزاز ترامب المعروف بتقديره للمجلة، والتي منحته لقب "شخصية العام" مرتين.
لم يتأخر رد ترامب، إذ كتب ساخرًا: "هل مجلة تايم لا تزال موجودة؟ لم أكن أعلم ذلك حتى." أما ماسك، فقد غرد على منصة "X" قائلًا: "أنا أحب @realDonaldTrump بقدر ما يمكن لرجل مستقيم أن يحب رجلًا آخر."
شراكة غير متوقعة.. لكن مثيرة للجدل
يشترك الرجلان في تعطشهما لكسر القواعد وإثارة الجدل، مما يجعل تحالفهما خطيرًا على الديمقراطية وفقًا لمنتقديهما, لكن هل يمكن أن تدوم هذه العلاقة؟
لطالما انتهت صداقات ترامب السياسية بصراعات علنية عندما يشعر بأن نجمه يُسحب من دائرة الأضواء, ومع ذلك، يرى آخرون أن العلاقة بين ترامب وماسك تكافلية إلى حد قد يجعلها مستدامة.
يقول جو والش، النائب الجمهوري السابق: "إنهما أقوى شخصين على الكوكب الآن، وهما بحاجة إلى بعضهما البعض بشدة, من يعتقد أن هذه العلاقة ستنهار خلال أشهر فهو مخطئ تمامًا, نحن أمام أربع سنوات من هذه الفوضى."
اختلافات جوهرية.. لكنها لا تمنع التحالف
رغم تباين خلفياتهما، وجد ترامب وماسك أرضية مشتركة, ترامب، رجل الأعمال والملياردير العقاري، يعتمد على شخصيته الاستعراضية، بينما بنى ماسك ثروته في وادي السيليكون وهو مؤمن بثقافة "كسر القواعد".
في 2016، انتقد ماسك ترامب قائلًا إنه "لا يعكس صورة جيدة عن الولايات المتحدة." وفي 2022، وصفه ترامب بـ"فنان الهراء" بسبب تذبذب مواقفه السياسية, لكن بحلول 2024.
وأصبح ماسك، أكبر داعم مالي لترامب، وحضر فعالياته الانتخابية، بل واحتفل بتنصيبه بإيماءات مثيرة للجدل.
ماسك في قلب السلطة.. بأي ثمن؟
لم يكن دعم ماسك مجرد موقف سياسي، بل استثمره في النفوذ، حيث تولى رئاسة "قسم كفاءة الحكومة"، وهو فريق عمل لإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية. سريعًا، أطلق ماسك العنان لفلسفته في "تحريك الأشياء وكسرها"، وأغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دون موافقة الكونجرس، مما تسبب في قطع برامج حيوية للمساعدات الدولية, ولم يتردد في التغريد ساخرًا: "لقد أمضينا عطلة نهاية الأسبوع في تغذية الوكالة في مفرمة الخشب".
أثار هذا السلوك غضب الديمقراطيين في الكونجرس، حيث وصف السيناتور تشاك شومر ما يحدث بأنه "استيلاء معادٍ على الحكومة الفيدرالية." لكن ترامب كان أكثر براغماتية، مؤكدًا أن ماسك لن يفعل شيئًا دون موافقته.
هل يصمد ماسك أمام غضب ترامب؟
على الرغم من نفوذه، يواجه ماسك تحديات متزايدة, فقد أظهر استطلاع حديث أن 43% فقط من الجمهوريين يريدون أن يتمتع ماسك بنفوذ محدود، بينما يعتقد 17% أنه يجب ألا يكون له أي نفوذ, كما انتشرت احتجاجات تحمل لافتات: "لم ينتخب أحد إيلون ماسك."
يرى بعض المعلقين أن ترامب قد يتخلى عن ماسك بمجرد أن يصبح عبئًا سياسيًا. يقول ريك ويلسون من مشروع لينكولن: "عندما يرى ترامب أن ماسك يسبب له ضررًا في استطلاعات الرأي، سيتخلص منه في لحظة واحدة."
لكن ماسك ليس مجرد تابع آخر لترامب, بثروته المقدرة بـ426 مليار دولار، يمتلك قاعدة نفوذ مستقلة، ومنصة "X" التي تمنحه سلطة إعلامية ضخمة, كما أنه ليس سياسيًا تقليديًا يمكن لترامب إقصاؤه بسهولة.
صدام لا مفر منه؟
يقول تشارلي سايكس، المحلل السياسي المحافظ: "ترامب معتاد على إقصاء أي شخص يعارضه، لكن ماسك حالة استثنائية, لديه نفوذه الخاص، ومؤيدوه المتحمسون، ومكانته في عالم التكنولوجيا, السؤال ليس ما إذا كانا سيتصادمان، بل متى وكيف سيحدث ذلك؟"
مع تضخم الأنا لدى الرجلين، يبدو أن لحظة المواجهة قادمة، والسؤال الأهم: من سيفوز في النهاية؟